أثار تسليم السلطات التونسية الناشط السياسي الجزائري سليمان بوحفص إلى الجزائر استياء في البلاد، وسط دعوات لاحترام تونس تعهداتها الدولية وضمان حماية حقوق الإنسان وحقوق اللاجئين.
وأصدرت منظمات تونسية بياناً حول تسليم بوحفص (54 عاماً)، جاء فيه أن "شهوداً أكدوا أن سيارات بلوحات منجمية غير معروفة قدمت يوم 25 أغسطس (آب) إلى المنزل الذي يقيم فيه الناشط الجزائري واقتادته إلى جهة غير معلومة".
وأضاف البيان أن "الحماية الدولية التي تحصل عليها سليمان بوحفص تفرض على السلطات التونسية الموقعة على معاهدة جنيف لسنة 1951 وبروتوكولها لسنة 1967 واتفاقية مناهضة التعذيب عام 1984عدم إعادته إلى الجزائر".
وعبرت المنظمات عن "سخطها إزاء السابقة الخطيرة التي أقدمت عليها الدولة التونسية بتسليم لاجئ متمتع بالحماية الدولية إلى سلطات بلده التي تلاحقه على خلفية مواقفه السياسية وتطالبها بتقديم توضيحات للرأي العام".
ودعت المنظمات الدولة التونسية "لاحترام تعهداتها الدولية في هذا الظرف الدقيق وضمان حماية حقوق الإنسان وحقوق اللاجئين".
ويعتبر بوحفص من القادة البارزين في حركة استقلال منطقة القبائل المحظورة، وهو رئيس تنسيقية سان أوغسطين للمسيحيين في دولة الجزائر.
ويأتي اعتقال بوحفص على خلفية ملاحقته بخصوص علاقته بحركة "الماك" (حركة استقلال منطقة القبائل)، التي تصنفها السلطات الجزائرية في قائمة التنظيمات الإرهابية.
وتتهم السلطات الجزائرية سليمان بوحفص بالقيام بحملات تبشيرية في المنطقة الشمالية لمدينة سطيف التي يتحدر منها.
خطأ جسيم
وأكد رئيس "المرصد التونسي لحقوق الإنسان" مصطفى عبد الكبير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "بوحفص لاجئ واللاجئ بحسب القانون لا يسلم"، مؤكداً أن هناك "غموضاً حول هذا التسليم إلى جانب اشكاليات عديدة، ففي ظل غياب قانون وطني للهجرة، فإن مفوضية الأمم المتحدة مكتب تونس هي المخولة بإسناد بطاقات اللجوء"، مشيرا إلى أن "الواضح أن بوحفص يتمتع ببطاقة لجوء في تونس، واستنادا للاتفاقات الدولية يمنع على تونس تسليمه للسلطات الجزائرية، وبالتالي هذا سيضع تونس في حرج على مستوى احترامها للاتفاقيات الدولية".
وأشار عبد الكبير إلى أنه "كان على السلطات التونسية طلب إعادة النظر في مطلب اللجوء، وإذا ثبت خرق المعني بالأمر لإحدى الشروط، يتم اتخاذ خطوات، ولكن للأسف لم يقع هذا"، مبيناً أن طلب اللجوء، بحسب اتفاقية جنيف 1951، ينص على أن "أي طالب لجوء يكون محميا في بلد اللجوء".
وأوضح أن "وضعية بوحفص تشير إلى أنه غير مهدد في بلده ولكنه مطلوب من قبل السلطات الجزائرية، ويبدو أن السلطات التونسية تلقت امتعاضا من السلطات الجزائرية لتسليمه، ولكن كان عليها استشارة مكتب مفوضية الأمم المتحدة وطلب إعادة دراسة الملف".
وقال عبد الكبير إنه في الوقت الذي كان يجب على السلطات التونسية متابعة إسناد بطاقات اللجوء، فإن التركيز كان على التجاذبات السياسية"، مؤكدا أن تونس "اقترفت خطأ جسيما وهي في إحراج حقيقي".
من جانبه، يرى رئيس "الرابطة التونسية لحقوق الإنسان" جمال مسلم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تسليم اللاجئين السياسيين "مرفوض وغير مقبول"، مشيرا إلى أن "البعض ربط بين تسليم اللاجئ بوحفص واعتقال القروي في الجزائر، والذي يخضع للإقامة الجبرية حاليا، وفي الحقيقة لا علاقة بين الملفين".
وأكد أن الرابطة "راسلت الجهات المعنية لمعرفة وضعية هذا اللاجئ وأسباب تسليمه"، مبينا أن "هناك اتصالات حاليا بين الرابطة والمفوضية السامية لحقوق اللاجئين، ونحن في انتظار الرد، وإذا ثبت أن هناك خرقا فإن هذا التسليم لا يخلو من انتهاك للحقوق وللحرمة الجسدية".
ولفت إلى أن بوحفص سبق سجنه في الجزائر على خلفية تدوينات له.
بوحفص متحصل على صفة لاجئ منذ 2020 وبالتالي يخضع إلى حماية دولية وتونس وقعت على اتفاقيات في هذا الصدد
أما المسؤول عن الإعلام بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر، فقال إن "بوحفص متحصل على صفة لاجئ منذ 2020 وبالتالي يخضع إلى حماية دولية، وتونس وقعت على اتفاقيات في هذا الصدد"، مؤكدا أن هذه المعاهدات "تفرض على تونس عدم تسليمه لأنه يتمتع بالحماية الدولية".
وأشار بن عمر إلى أن "ما حصل سابقة، وكمنتدى وعدة منظمات وطنية نطالب بتوضيحات حول أسباب التسليم وخرق القانون"، مضيفا أن "التعاون بين تونس والجزائر لا يجب أن يكون على حساب اللاجئين، وبالتالي تونس تخرق مجددا التزاماتها الدولية بحماية اللاجئين".