اعتصام طريبيل لنصرة غزة يدخل أسبوعه الثالث: أي جدوى لحراك الفصائل العراقية؟

08 نوفمبر 2023
عناصر من "الحشد" في طريقهم للحدود الأردنية، أكتوبر الماضي (حيدر كاظم/رويترز)
+ الخط -

يدخل اعتصام عناصر الفصائل المسلحة العراقية المنضوية ضمن هيئة "الحشد الشعبي" أسبوعه الثالث على الشريط الحدودي العراقي مع الأردن، تحديداً عند معبر طريبيل بين البلدين، تنديداً بالعدوان الإسرائيلي المتواصل ضد المدنيين في غزة، مطالبين الأردن بالسماح لهم بالدخول وصولاً إلى حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ويقيم المعتصمون خياماً منذ 20 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ويتظاهرون بتوجيه من قادة فصائل مسلحة ضمن "الحشد الشعبي"، وينظمون بشكل يومي فعاليات مسائية للاحتجاج والهتافات المساندة لغزة والرافضة لسياسة الأرض المحروقة التي تنتهجها إسرائيل في التعامل مع المدنيين الفلسطينيين.

ويشارك عناصر في حركات وفصائل النجباء، وكتائب حزب الله، وكتائب سيد الشهداء، وحركة عصائب أهل الحق، وجماعات مسلحة أخرى، في الاعتصام. ومنعوا في البداية مرور شاحنات النفط المتجهة نحو الأردن، لكنهم عادوا وسمحوا بذلك بعد يومين من السيطرة على الطريق المباشر لمعبر طريبيل.

الاعتصام على الحدود

وكان زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر أول من دعا إلى الاعتصام على الحدود، من دون تحديد موعد لذلك، لكنه تراجع عن موقفه بعدما توجهت جموع من عناصر الفصائل المسلحة الموالية لإيران إلى الحدود العراقية الأردنية.

ودفع ذلك الصدر إلى تغيير موقفه، عبر حساب على "فيسبوك" يديره المتحدث باسمه على مواقع التواصل الاجتماعي صالح محمد العراقي، بالقول إن "الذهاب إلى الحدود العراقية من دون تحديد موعد من قبل الصدر يعتبر عصياناً وخروجاً عن المركزية، ومن يشارك الفاسدين في التجمهر عند الحدود ليس جزءاً من التيار" الصدري.


حسين الأسدي: يبلغ عدد المعتصمين بالقرب من معبر طريبيل نحو 700 شخص

ووسط انتقادات وتشكيك بجدوى تجمعهم على الحدود مع الأردن، رغم وجود أجنحة لتلك الفصائل في سورية، ومنها مواقع وثكنات قريبة من الجولان السوري المحتل، إلا أنهم يؤكدون عبر متحدثين أنهم سيواصلون وجودهم على الحدود الأردنية ـ العراقية، رافعين على السياج الأمني الفاصل بين البلدين صوراً لقائد "فيلق القدس" قاسم سليماني، والقيادي أبو مهدي المهندس، اللذين اغتيلا بغارة أميركية قرب مطار بغداد في 3 يناير/ كانون الثاني 2020 بغارة أميركية.

في السياق، يشير رجل الدين المشارك في الاعتصام حسين الأسدي إلى أن "المتظاهرين العراقيين بالقرب من الحدود الأردنية يواصلون احتجاجاتهم السلمية لأجل الضغط على الأردن والمجتمع الدولي لوقف الحرب ضد غزة". ويوضح، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "عدد المعتصمين بالقرب من معبر طريبيل يبلغ نحو 700 شخص، وهم من المدنيين والمنتسبين للحشد الشعبي".

ويضيف الأسدي أن "هناك أهدافاً واضحة ومعلنة من هذا الاعتصام، وأهمها الضغط الدولي، ثم وقف الهجمات ضد غزة، ومحاولة إيصال المساعدات إلى الشعب الفلسطيني الذي يعاني من الاحتلال الإسرائيلي ويُحرم من أبسط الخدمات الأساسية".

ويؤكد أن "الفصائل المسلحة العراقية تشارك في الاعتصام، وقد جرى الاتفاق على أن يكون الاعتصام سلمياً، ومنع أي مظاهر مسلحة أو حالات تجاوز على القانون".

من جانبه، يعتبر القيادي في حركة "عصائب أهل الحق" حسن سالم أن "الاعتصامات السلمية في العراق جزء من حالة التعبير الشعبي الرافض للقتل الوحشي الذي يمارسه الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين والشعب المسلم في غزة، وأنصار الفصائل المسلحة والمدنيون العراقيون اختاروا التعبير عن رفضهم بالقرب من معبر طريبيل على الحدود مع الأردن، وننتظر أن تتعاون السلطات في الأردن لأجل إيصال المساعدات إلى غزة".

ويرى سالم، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "بعض المواقف العربية كانت مخزية في التعامل مع غزة، وسيسجل التاريخ التخاذل أمام دماء المسلمين في غزة، لكن الموقف العراقي ثابت ولن يتغير، وبعض فصائل المقاومة اختارت المواجهة، في حين ذهبت فصائل أخرى إلى تعامل آخر، وجميعها تخدم الهدف نفسه".

ويلفت سالم إلى أن "الاعتصامات الشعبية ستستمر إلى أن تنتهي الحرب ضد غزة، وأن العراق شعباً وحكومة وفصائل مسلحة، يقف إلى جانب أهالي غزة، وقد نشهد خلال الفترة المقبلة تصعيداً لمنع الكيان الصهيوني من استمرار إرهابه الدولي ضد المنطقة الإسلامية بالكامل".

تنافس الفصائل العراقية في الخطاب

بدوره، يرى المحلل السياسي العراقي أحمد الأبيض أن "الفصائل المسلحة تتنافس على الخطاب الإعلامي والحراك المؤيد لفلسطين وهناك من يهدد بالقتال وهو الهدف الذي يفترض أنها تأسست من أجله".

ويضيف في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "هذه الفصائل لو كانت لديها النية الحقيقية لقتال الكيان الإسرائيلي لتوجهت إلى سورية أو لبنان، لا سيما أن هاتين الدولتين محسوبتان على محور واحد، وهو ما يُعرف بمحور المقاومة".


أحمد الأبيض: لو كانت للفصائل نية قتال الكيان الإسرائيلي لتوجهت إلى سورية أو لبنان

وخلال الأسابيع الثلاثة الماضية، نُفذ أكثر من 20 هجوماً بطائرات مسيّرة وصواريخ كاتيوشا على قاعدتَي "حرير" و"عين الأسد" ومعسكر "فيكتوريا"، الملاصق لمطار بغداد، غربي العاصمة العراقية، رداً على الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة والدعم الأميركي لها.

وتضم تلك المواقع الثلاثة المئات من العسكريين الأميركيين وقوات تابعة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن، أبرزها البريطانية والفرنسية. وتبنت "المقاومة الإسلامية في العراق" هذه الهجمات.

وزار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بغداد، مساء الأحد الماضي، والتقى رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، وطلب منه "ضبط الفصائل المسلّحة"، وفقاً لمصادر سياسية، بالإضافة إلى منع أي أنشطة عدائية لفصائل مسلحة منضوية ضمن "الحشد الشعبي" في الأراضي السورية، تستهدف أيضاً القوات الأميركية، محذراً من رد عسكري أميركي واسع عليها في حال تسببت تلك الهجمات بأي خسائر.

كما أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، في بيان، أن "بلينكن ناقش مع السوداني في بغداد الصراع بين إسرائيل وحماس، والحاجة إلى منع تمدده إلى بلدان أخرى، بما في ذلك في العراق".

وأشار إلى أن "بلينكن حث السوداني على محاسبة المسؤولين عن الهجمات المستمرة على الموظفين الأميركيين في العراق، والوفاء بالتزامات العراق بحماية كل المنشآت التي تستضيف موظفين أميركيين بدعوة من الحكومة العراقية، لأن الولايات المتحدة ستدافع عن مصالحها وأفرادها".