أثارت حملة اعتقالات شنتها السلطات المصرية على أبرز جماعة حقوقية لا تزال تعمل في البلاد عاصفة من الإدانات بشأن سجل مصر الحقوقي من جانب جماعات أممية وحقوقية عالمية، إضافة إلى ساسة ودبلوماسيين غربيين.
وهذا الأسبوع اعتقلت قوات الأمن ثلاثة من أعضاء "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، من بينهم مديرها التنفيذي. ووجّه أمن الدولة لهم تهماً متعلقة بالإرهاب، وأمر باحتجازهم 15 يوماً على ذمة التحقيق.
وخلال إيجاز صحافي في جنيف، نددت رافينا شامدساني، المتحدثة باسم مكتب حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بالاعتقالات، باعتبارها "تطوراً مقلقاً للغاية يؤكد الهشاشة الكبيرة لنشطاء المجتمع المدني في البلاد".
كما أعربت عن القلق من أنّ الاعتقالات "جزء من نمط أوسع نطاقاً لترهيب المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان واستخدام تشريعات مكافحة الإرهاب والأمن القومي لإسكات المعارضين".
🇪🇬 #Egypt: The arrest of 3 human rights defenders this week underscores the extreme vulnerability of civil society activists in the country. We are worried it's part of a broader pattern of intimidating organizations defending human rights. Learn more: https://t.co/dnrQiKHPQ9 pic.twitter.com/ZRRvEniDyO
— UN Human Rights (@UNHumanRights) November 20, 2020
ويوم الخميس، اعتقلت قوات الأمن جاسر عبد الرازق، المدافع عن حقوق الإنسان والمدير التنفيذي للمبادرة، من منزله بالقاهرة. قبلها بيوم اعتقل كريم عنارة، رئيس قسم العدالة الجنائية بالمبادرة، أثناء قضائه عطلة في منتجع دهب على البحر الأحمر بجنوب سيناء. وجاء اعتقاله بعد ثلاثة أيام من اعتقال محمد بشير، المدير الإداري للمبادرة.
تأتي الاعتقالات بعد لقاء 13 سفيراً ودبلوماسياً بارزاً مع أعضاء المبادرة في وقت سابق من الشهر "لمناقشة سبل تحسين أوضاع حقوق الانسان في مصر"، بحسب ما ذكرت المبادرة.
وتشن حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي حملة قمع شرسة على المعارضة، مستهدفة ليس فقط معارضيها من الإسلام السياسي، بل أيضاً نشطاء مطالبين بالديمقراطية وصحافيين ومنتقديها عبر الإنترنت.
وأوقفت الجماعات الحقوقية المحلية المستقلة نشاطها إلى حد كبير. وتعد "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" الناشطة منذ 18 عاماً الأبرز بين العدد القليل منها الذي لا يزال يعمل، مستمرة في توثيق انتهاكات الحقوق المدنية، وظروف السجون، والعنف الطائفي، والتمييز ضد النساء والأقليات الدينية.
ويقبع باتريك جورج زكي، الباحث المصري في حقوق النوع الاجتماعي بالمبادرة، رهن الاحتجاز منذ فبراير/ شباط بعد اعتقاله من منزله عقب عودته من إيطاليا، حيث كان يدرس.
وبدورها، حثت منظمة "العفو" الدولية السلطات المصرية على إنهاء "حملة الانتقام الشرسة" ضد "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، ودعت الدول التي زار ممثلوها المبادرة إلى الضغط من أجل إطلاق سراح النشطاء.
وفي السياق، قال فيليب لوثر، مدير الأبحاث والمناصرة لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى منظمة "العفو" الدولية، في بيان، "إن الاستجابة الفاترة من لدن المجتمع الدولي تخاطر بتشجيع السلطات المصرية وتبعث رسالة مرعبة إلى المجتمع المدني مفادها أنه لن يتم التسامح مع العمل في مجال حقوق الإنسان".
نطالب السلطات في #مصر إنهاء حملتها الانتقامية الشرسة ضد المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والإفراج الفوري وغير المشروط عن العاملين بالمبادرة الذين تم اعتقالهم بشكل تعسفي. pic.twitter.com/GQymVt5iXq
— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR) November 20, 2020
حتى الآن، تحدث عدد قليل من الدول التي حضرت الاجتماع علانية. وفي الماضي، حاول البعض من وراء الكواليس مع مسؤولين مصريين إطلاق سراح نشطاء أو صحافيين بارزين، وتحققت نجاحات متباينة.
واليوم الجمعة، أصدرت مفوضة حقوق الإنسان الألمانية، ووزيرة الدولة النرويجية للشؤون الخارجية، وسفير الدنمارك لدى مصر - الذين حضرت بلدانهم الاجتماع - بيانات تدين الاعتقالات أو تعبر عن القلق بشأنها.
وقالت مفوضة حقوق الإنسان في وزارة الخارجية الألمانية بيربل كوفلر إن الاعتقالات "أفزعتها". وأضافت في بيان "من الواضح أن هذه الاعتقالات مرتبطة مباشرة بزيارة مجموعة من سفراء الدول، وبينها ألمانيا. أدين بوضوح شديد هذا التصعيد ضد المجتمع المدني المصري"، مطالبة بإطلاق سراح النشطاء.
وفي وقت سابق، عبّرت فرنسا التي زار سفيرها "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" عن "قلقها العميق" إزاء واقعة الاعتقال الأولى. ورداً على ذلك، قالت الحكومة المصرية إنها لن تتسامح مع أي تدخل في شؤونها الداخلية.
كما أدلت دول أخرى بدلوها في الأمر، إذ دافع سفير أيرلندا لدى مصر شون أو ريغان، عن حق المنظمة في لقاء الدبلوماسيين. وكتب في تغريدة على "تويتر" قائلاً إنّ "الاجتماع مع مجموعة واسعة من المحاورين، وبينهم أعضاء في المجتمع المدني، هو جزء لا يتجزأ من الممارسة الدبلوماسية العادية في كل بلد".
It is an indispensable part of building the bilateral relationship between countries, that allows for friendly exchange, enriched understanding and solid partnerships. These all contribute to the totality of a relationship, including trade, tourism and investment.
— Seán O Regan (@SeanOReganIRL) November 20, 2020
كما لفتت الحملة التي شنت على الجماعة الحقوقية التي تحظى باحترام واسع انتباه بعض أعضاء الكونغرس الأميركي. وأمس الخميس، غرّدت المرشحة الرئاسية السابقة السناتور إليزابيث وارن على "تويتر" بأنه يجب إطلاق سراح أعضاء المجموعة على الفور والسماح لهم بالدفاع عن الحقوق دون أي تدخل.
The crackdown on @EIPR and arrests of its leaders and staff by Egyptian security forces is unacceptable. They should be immediately released and allowed to continue their important work defending human rights without interference. https://t.co/AHR10w3dXf
— Elizabeth Warren (@SenWarren) November 19, 2020
وكتب رئيس اللجنة الفرعية التابعة لمجلس النواب الأميركي والمعنية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا والإرهاب الدولي، النائب الديمقراطي تيد دويتش، تغريدة أدان فيها "اضطهاد" المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر. ووصف الاعتقالات بأنها حلقة أخرى من "الاتجاه المتنامي لأعمال مقلقة ذات دوافع سياسية" من قبل السلطات المصرية.
Persecution of human rights defenders, minority communities, and civil society in Egypt can’t continue.
— Rep. Ted Deutch (@RepTedDeutch) November 19, 2020
The detention & harassment of EIPR staff is another in a growing trend of disturbing, politically-motivated actions by the Egyptian govt.https://t.co/KIutEenU7N
(أسوشييتد برس)