بعد أقلّ من عامين على إقرار مجلس النواب الأميركي تشكيل لجنة تحقيق بأحداث اقتحام أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب مقر الكونغرس في 6 يناير/كانون الثاني 2021، لمنع المصادقة على فوز جو بايدن بالرئاسة، يبدو أن اللجنة التي اتهمها الجمهوريون بتسييس عملها، على وشك نشر تقريرها النهائي قبل نهاية العام الحالي، والذي سيحمل توصيات قد تجد نفسها وزارة العدل الأميركية مجبرة أمامها لإطلاق ملاحقات قضائية ضد ترامب.
لجنة التحقيق باقتحام الكونغرس... قرب انتهاء المهمة
ويقع عمل اللجنة التي تضم 9 أعضاء، 7 منهم ديمقراطيون، في صلب الصراع بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، والذي بلغ حدّته في عهد ترامب. وبينما يتوقع أن توصي اللجنة بملاحقة ترامب قضائياً، هو الذي يخوض اليوم حملة رئاسية ثالثة، سلّط عمل اللجنة، أيضاً، طوال هذه الفترة، الضوء على اليمين المتطرف الأميركي ووصوله إلى حدّ "التناغم" بشدّة مع موقع الرئاسة الأميركية. وينقل انتهاء عمل اللجنة قريباً، المعركة، إلى وزارة العدل، التي تتابع وتقود قضايا أخرى عدة ضد الرئيس السابق.
وأعلنت لجنة التحقيق النيابية في هجوم الكابيتول، أمس الثلاثاء، أن تقريرها النهائي سيُنشر في 21 ديسمبر/كانون الأول الحالي، بعد أن تعقد جلسة علنية أخيرة في 19 ديسمبر. وقال رئيس اللجنة بيني طومسون (ديمقراطي)، إنه خلال الجلسة العلنية الأخيرة، سيقرّر أعضاء اللجنة ماهية الملاحقات القضائية التي سيوصون وزير العدل ميريك غارلاند باتخاذها.
تنشر اللجنة تقريرها قبيل تسلّم المجلس الجديد مهامه
وكان مجلس النواب الذي يمتلك فيه الديمقراطيون أكثرية، قد أقرّ تشكيل اللجنة في يوليو/تموز 2021. وتمكن الجمهوريون من تحقيق أغلبية ضئيلة في انتخابات الكونغرس الأخيرة التي أجريت الشهر الماضي، وأعلنت قياداتهم عزمها على حلّ اللجنة فور تسلّم المجلس الجديد مهامه مع بداية العام المقبل.
وتحقّق اللجنة، التي تضم نائبين جمهوريين معاديين لترامب، هما ليز تشيني (خسرت عضويتها في المجلس بالانتخابات الأخيرة)، وآدم كينزيغر، في الدور الذي أدّاه ترامب في الهجوم الذي خلّف 5 قتلى. ومنذ الهجوم، أوقفت السلطات أكثر من 870 شخصاً بتهم التورط في الاقتحام، حُكم على حوالي مائة منهم بالسجن، بينهم أشخاص أدينوا بارتكاب أعمال عنف ضد الشرطة.
ويعود قرار توجيه اتهام لترامب إلى وزير العدل الأميركي الذي كان عيّن في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مدّعياً عاماً، هو جاك سميث، مكلفاً التحقيق مع ترامب بصورة مستقلة.
طلب مراجعة بقضية الوثائق
ويتداخل السياسي والقضائي في عمل اللجنة، وفي كلّ التحقيق المرتبط بالاقتحام، بالإضافة إلى تحقيق آخر تقوده وزارة العدل لاستعادة وثائق بعضها مصنفة سرّية من مقر إقامة ترامب بفلوريدا، وتقول إنه لم يسلّمها إلى الأرشيف الوطني بعد مغادرته البيت الأبيض. وبداية الأمر، رفضت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي أسماء جمهورية كان اقترحها زعيم الأقلية الجمهورية في المجلس كيفن ماكارثي، للانضمام إلى عمل اللجنة. لكن كان واضحاً عدم رغبة الجمهوريين بالمشاركة في عمل اللجنة، رغم إدانتهم بشكل متحفظ الهجوم على الكابيتول. واستدعت اللجنة ترامب للإدلاء بشهادته، لكنه لم يمثل.
يعود قرار توجيه اتهام لترامب إلى وزير العدل الأميركي
وفي ما يتعلق بالتحقيق في الوثائق الرئاسية، فإن لجنة الرقابة في مجلس النواب طلبت أمس، من الأرشيف الوطني، إجراء مراجعة لتحديد ما إذا كان الرئيس السابق قد احتفظ بأي وثائق إضافية في فلوريدا. وجاء ذلك متابعة لتقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، قالت فيه إن وثيقتين على الأقل مصنفتين سرّيتين وجدهما فريق كلّفه ترامب للبحث عن الوثائق (بطلب من التحقيق) في وحدة تخزين يملكها، وفي مقري إقامة له على الأقل.
وجاء ذلك بعدما تعرض فريق ترامب للضغط من قبل محكمة فيدرالية، لإثبات امتثاله لاستدعاء صدر في مايو/أيار الماضي، لإعادة كل الوثائق السرّية. وأعربت رئيسة اللجنة الديمقراطية كارولين مالوني، في رسالتها للأرشيف الوطني، عن قلقها من أن تكون هناك وثائق أخرى رئاسية في مقرات ترامب، أهملها التحقيق، وبالتالي لم تتم إعادتها للحكومة.
وتنشر لجنة التحقيق في أحداث الكونغرس تقريرها في 21 ديسمبر، فيما يشهد المشهد الجمهوري تبدلاً في مزاجه، ونفوراً متزايداً من ترامب الذي يعرقل ترشحه إمكانية بحث الجمهوريين عن وجه آخر أقلّ تطرفاً للترشح للرئاسة في 2024. ويأتي ذلك أيضاً بعدما أخفق ترامب في إيصال مرشحين جمهوريين دعمهم للكونغرس في الانتخابات النصفية، كانوا وصلوا إلى تصفيات الانتخابات التمهيدية للحزب، وأعاقوا وصول زملاء لهم أكثر اعتدالاً.
وقال حاكم ولاية أركنساس، الجمهوري، أسا هاتشينسون، في حديث لوكالة "أسوشييتد برس" نشرته اليوم الأربعاء، إن سعي ترامب لولاية ثالثة وأن يكون مرشح الجمهوريين، هو أسوأ سيناريو للحزب. واعتبر هاتشينسون، الذي يفكّر أيضاً في الترشح للمنصب، أن دعوة ترامب أخيراً عبر موقعه للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال"، إلى إنهاء العمل ببعض مواد الدستور، "مؤلمة للبلاد".
(العربي الجديد، فرانس برس، أسوشييتد برس)