تناقش أوساط برلمانية في ليبيا العديد من المقترحات لتحديد مصير الفترة المقبلة، ومن بينها مصير حكومة الوحدة الوطنية وشرعية بقائها في السلطة، استعداداً لجلسة مجلس النواب المقبلة، وسط تشديد دولي على ضرورة "نقل السلطة إلى سلطة جديدة"، بعد إعلان نتائج عملية الاقتراع الانتخابي التي يتوجب على السلطات الليبية تحديد مواعيدها "سريعاً ومن دون تأخير".
وبعد فشل إجراء الانتخابات في موعدها المقرّر في 24 ديسمبر/كانون الأول من الشهر الجاري، دعا رئيس مجلس النواب المكلف فوزي النويري، كلّ النواب إلى جلسة يوم الاثنين المقبل في مقر المجلس في طبرق، فيما كشفت مصادر برلمانية النقاب عن تداول العديد من المقترحات في الكواليس للإعداد للجلسة المقبلة، لكنها أكدت أن جميعها باتت محاصرة بالأجل الذي حددته وثيقة خريطة الطريق للمرحلة التمهيدية للانتخابات بيوم 21 يونيو/حزيران المقبل، حيث تتمسك البعثة الأممية وأطراف دولية بأن ما بعد 24 ديسمبر يندرج ضمن المرحلة التمهيدية للانتخابات.
ومن بين المقترحات المطروحة، التجاوب مع مقترح مفوضية الانتخابات الذي أوصى بتأجيلها إلى يوم 24 من الشهر المقبل، بالإضافة لتصورات ورؤى أخرى، وفقاً لذات المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، لكنها أكدت شبه الإجماع بين النواب على ضرورة تقديم إجراء الانتخابات الرئاسية على الانتخابات البرلمانية، فيما لا تزال مواعيد إجرائها محل خلاف بينهم.
ومن بين القضايا التي دبّ بسببها الخلاف في كواليس الإعداد للجلسة المقبلة، وضع حكومة الوحدة الوطنية وشرعية بقائها في السلطة، إذ يطالب غالبية المترشحين للانتخابات الرئاسية، وعدد كبير من النواب، برحيلها، مقابل طيف نيابي داخل مجلس النواب موالٍ للحكومة، يطالب ببقائها بحجة إقفال الباب أمام عودة الانقسام الحكومي مجدداً في البلاد، إذا ما رفضت الحكومة تسليم السلطة.
وفي الأثناء، قالت المصادر إن اللجنة التشريعية والدستورية في المجلس تجتهد في إعداد تصوّر قابل للتطبيق بشأن استبدالها بأخرى، لتسيير المرحلة المقبلة، تجاوباً مع رغبات المطالبين برحيلها، أو بقائها مجردة من صلاحياتها.
ولفتت المصادر إلى أن قصر المرحلة المتبقية من عمر خريطة الطريق، يقف عائقاً أمام مساعي استبدال الحكومة بغيرها، بالإضافة إلى صعوبات أخرى تتعلق بمقترح يقضي بتنحية رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، وتعيين وزير الداخلية الأسبق فتحي باشاغا بديلاً عنه، مع الإبقاء على الفريق الوزاري للحكومة، حيث يتطلب هذا الاتجاه توافقاً مع كامل أعضاء ملتقى الحوار السياسي الذي انتخب الدبيبة رئيساً للحكومة، في فبراير/شباط الماضي.
ويستند المطالبون باستبدال الحكومة، إلى تحديد عمر وجودها في السلطة بيوم 24 ديسمبر، وفقاً لقرار منحها الثقة من مجلس النواب في مارس/آذار الماضي، لكن المصادر ذاتها أكدت أن من بين ضيق الخيارات أمام مساعي تنحية الحكومة، وجود ضغوط دولية باتجاه الإبقاء على الحكومة إلى حين إجراء الانتخابات.
وقال أحد المصادر إن "تعيين حكومة جديدة مع قصر الوقت المتبقي حتى يونيو/حزيران المقبل، وفقاً لخريطة الطريق التي تتمسك بها أطراف دولية، لا يبدو منطقياً ويجعل قرار المجلس مشخصناً في استهداف الدبيبة، ولذا فإن القبول بوساطة حكومة دولة مجاورة اقترحت الإبقاء على حكومة الدبيبة مع تجريدها من صلاحياتها المالية، أكثر المقترحات قبولاً ويمكن أن يتجه إليه مجلس النواب". ومن دون أن يسمي تلك الدولة، أشار المصدر إلى أنها تهدف من خلال هذا المقترح أيضاً، إلى الحفاظ على عدد كبير من الاتفاقيات التي وقعتها مع حكومة الدبيبة.
واتُّهم الدبيبة من قبل خصومه في الانتخابات الرئاسية، باستثمار الأموال الحكومية في الدعاية لنفسه كمرشح رئاسي، من خلال التوسع في الإنفاق، عبر الصرف من الميزانية التي لم يقرها مجلس النواب، من خلال ثغرات في قانون الدولة المالي.
رفض ليبي للدعم البريطاني للدبيبة
وفيما أكدت سفارات خمس دول، هي فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية، في بيان مشترك أمس الجمعة، ضرورة "نقل السلطة من السلطة الحالية إلى سلطة جديدة" بعد الإعلان عن نتائج عملية الاقتراع الانتخابي التي يتوجب على السلطات الليبية تحديد مواعيد لها "سريعاً ودون تأخير"، أعلنت السفارة البريطانية، في وقت لاحق من اليوم ذاته في بيان منفصل، أن بلادها ستواصل الاعتراف بحكومة الوحدة برئاسة الدبيبة كسلطة مكلفة، وعبرت عن عدم تأييدها إنشاء حكومات أو مؤسسات موازية.
وقالت إن "المملكة المتحدة تدعم بقوة العملية الانتخابية بقيادة ليبية وملكية ليبية، وتدعم عمل المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة"، مضيفة أنه "يجب أن نحافظ ونبني على التقدم نحو السلام والاستقرار الذي تم تحقيقه من خلال اتفاقية وقف إطلاق النار لعام 2020، وخريطة طريق منتدى الحوار السياسي الليبي".
وقابل عدد من النواب بيان السفارة البريطانية بالرفض، فقد عبّر عضو مجلس النواب، ورئيس اللجنة البرلمانية المكلفة بالتواصل مع مفوضية الانتخابات عبد الهادي الصغير، عن رفضه لبيان السفارة، واعتبر بيانات السفارات الأجنبية في ليبيا "تدخلاً خارجياً في الشأن الليبي، خاصة بيان السفارة البريطانية".
وفي إشارة لتعرض مجلس النواب إلى ضغوط خارجية، أكد الصغير، في تصريح لتلفزيون ليبي ليل أمس الجمعة، أن مجلس النواب "ماضٍ في عقد جلسته يوم الاثنين المقبل، وهو من سيحدد استمرار الحكومة الحالية أو يقوم باستبدالها".
وفي حديث تلفزيوني أيضاً، اعتبر عضو مجلس النواب عبد الوهاب زولية، أن بيان السفارة البريطانية تدخل "سافر وغير منطقي"، بل اتهم بريطانيا بأن "لها مصالح مرتبطة مع أشخاص"، في إشارة لرئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة.
أما المرشح الرئاسي فضيل الأمين، فكتب عبر حسابه على "تويتر"، قائلاً إنه "من السابق لأوانه أن تقرر الدول لليبيين ما إذا كانت حكومة الوحدة الوطنية لا تزال شرعية أم لا"، مضيفاً "يمكن لأي دولة أن تقرر من تعترف به أم لا، ولكن لا يمكنها فرض إرادتها على الساحة الليبية".