لا تزال الرؤية بشأن موعد الانتخابات البرلمانية الأردنية، المقررة في 10 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ضبابية بسبب جائحة كورونا، التي تستوجب أحياناً اتخاذ إجراءات مفاجئة بسبب تطور الحالة الوبائية، خصوصاً في ظل تسجيل الأردن ارتفاعاً بعدد الإصابات خلال الفترة الأخيرة. وكان العاهل الأردني عبد الله الثاني وجه الهيئة المستقلة للانتخابات، في اجتماع يوم الثلاثاء الماضي، بالإشراف على العمليّة الانتخابيّة بمُنتهى الدقّة والحرص على سلامة وصحة الأردنيين، معبراً عن قناعته بأن الانتخابات استحقاق دستوري سيجري في ظل ظرف صعب. وأشار إلى أنه في كل مرة، وبرغم الظروف، فإن الأردن يتجه نحو إجراء الانتخابات، وهو ما يؤكد أننا نسير في الإتجاه الصحيح. هذا الاجتماع خلق تبايناً في الآراء بين المراقبين السياسيين. فقد اعتبره البعض رسالة من الملك، صاحب السلطة، لإجراء الانتخابات في 10 نوفمبر المقبل، فيما اعتبر البعض أن عدم تأكيده بشكل صريح لإجراء الانتخابات في موعدها المقرر يجعل الباب مفتوحاً على جميع الخيارات.
قد يتم تأجيل الانتخابات عبر تمديد الملك للمجلس النيابي
ويرتبط إجراء الانتخابات بمحددات، أبرزها الحالة الوبائية. كما أن هناك محددات قانونية، فمصير مجلس النواب، الذي تنتهي صلاحيته في 26 سبتمبر/أيلول الحالي، يرتبط بخيارين دستوريين، الأول حله ما يعني رحيل الحكومة الحالية فوراً، والثاني ترك المجلس في حالة تجميد، وإجراء الانتخابات، ما يعني أن ولاية البرلمان تنتهي بمجرّد الإعلان عن المجلس الجديد المُنتخب. الظروف الاستثنائية بفعل جائحة كورونا ربما تغير الموازين وتعدل المواقيت، فيما تؤشر تصريحات رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخابات خالد الكلالدة إلى أن الانتخابات ستجرى في موعدها المقرر، خصوصاً عند حديثه عن آلية اقتراع الخاضعين للحجر المنزلي في الانتخابات النيابية المقبلة، وأنه عند انتهاء الاقتراع في الساعة السابعة مساء يوم الانتخاب قد يُصدر مجلس مفوضي الهيئة قراراً بالتمديد لمدة ساعتين، وارتداء جميع العاملين في مركز الاقتراع ألبسة واقية كأنهم يتعاملون مع مصابين بفيروس كورونا، قبل حضور الخاضعين للحجر الصحي المنزلي للإدلاء بأصواتهم. وأشار الكلالدة إلى إجراء تعديلات للحد من الاكتظاظ في مراكز الاقتراع، من خلال زيادة عدد المراكز والصناديق فيها وتوزيع الناخبين عليها، إضافة إلى صدور تعليمات لضمان الحق الدستوري للمحجور عليهم، سواء كان ذلك في مناطق عزل مخصصة أو حجر منزلي.
وقال أستاذ القانون في جامعة العلوم الإسلامية في الأردن حمدي قبيلات، في حديث مع "العربي الجديد"، إن تأجيل الانتخابات له طريقان، الأول غير مباشر من خلال تمديد الملك للمجلس سنة أو سنتين، وحكماً تكون الإرادة الملكية بإجراء الانتخابات ملغاة بحكم استمرار المجلس الحالي بأعماله. وأشار إلى أن الطريق الثاني سيكون عبر الهيئة المستقلة للانتخابات، موضحاً أن هناك من يقول إنه لا يجوز للهيئة تأجيل الانتخابات بشكل عام، وأنه يحق لها تأجيل عملية الانتخاب في دائرة أو أكثر إذا كان هناك ظروف موضوعية. وأشار إلى أنه عند الحديث عن التأجيل على مستوى المملكة فإنه لا يوجد نص يمنح الهيئة صلاحية إصدار هذا القرار. وفي هذا السياق، رأى قبيلات أنه عندما لا يوجد نص فإن ذات الجهة التي تملك حق إصدار القرار في البداية تملك أيضاً حق إصدار قرار آخر، ما يعني، في هذه الحالة، أن من حق الهيئة، التي تصدر قرار إجراء الانتخابات، تأجيلها، ليس فقط في دائرة أو عدة دوائر بل في جميع الدوائر، وهو ما يطلق عليه القرار المضاد، حتى مع عدم وجود نص قانوني. وأعلن أن الحكومة تملك أيضاً الحق بإصدار أمر بتأجيل الانتخابات، عبر تعطيل نصوص قانون الهيئة المستقلة للانتخابات، وهذا طريق ثالت غير مرغوب به لارتباطه بقانون الدفاع. وقال قبيلات إن اجتماع عبد الله الثاني مع الهيئة، الثلاثاء الماضي، لم يكشف عن قرار نهائي، فحتى الآن لم يتم حل مجلس النواب، ما سيؤدي حكماً إلى إجراء الانتخابات، مشيراً إلى أن الملك يبقي على كل الخيارات مفتوحة، فربما الظروف الوبائية تفرض إصدار قرارات أخرى. وقال الأمين العام للحزب الوطني الدستوري أحمد الشناق، لـ"العربي الجديد"، إن الهيئة المستقلة للانتخابات تقع تحت الولاية الدستورية للحكومة، مشيراً إلى أن الهيئة هي التي تقرر تاريخ إجراء الاقتراع، لكن تأجيل الانتخابات مرتبط بقانون الدفاع، الذي يوقف العمل بكافة القوانين العادية بما فيها تلك التابعة للهيئة المستقلة، وقانون الانتخابات. ورأى الشناق أن إصدار الحكومة قراراً بتأجيل الانتخابات لا يحتاج إلى صدور إرادة ملكية، والتي ترتبط بثلاثة أمور هي حل البرلمان، وإجراء الانتخابات، أو التمديد للمجلس النيابي، والقرارات الأخرى تعود للحكومة في ظل قانون الدفاع، على أن يصدر أمر بتأخير الانتخابات، والسبب هنا الحالة الوبائية وتقدير الحكومة. وأشار إلى أن هناك ما هو أكثر من كورونا يتطلب تأجيل الانتخابات، فكتاب التوجيه الملكي لحكومة عمر الرزاز أكد على ضرورة مراجعة قانون الانتخابات والتمكين السياسي للأحزاب، مضيفاً أن الحكومة لم تتقيد بتنفيذ كتاب التكليف.
إصدار الحكومة قراراً بتأجيل الانتخابات لا يحتاج إلى صدور إرادة ملكية
وأوضح الشناق أن المادة 68 من الدستور تشير إلى أن مدة مجلس النواب أربع سنوات، تبدأ من تاريخ إعلان نتائج الانتخابات في الجريدة الرسمية، وللملك أن يمدد للمجلس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن السنتين. كما أنه يجب إجراء الانتخابات خلال الشهور الأربعة التي تسبق انتهاء مدة المجلس، وإذا لم يحصل الانتخاب عند انتهاء مدة المجلس، لأي سبب، يبقى البرلمان قائماً حتى يتم انتخاب الجديد. من جانبه، رجح الصحافي المختص بالشؤون البرلمانية وليد حسني، في حديث لـ"العربي الجديد"، تأجيل الانتخابات في حال ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا بشكل كبير خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن القانون يتيح التأجيل، والظرف المرتبط بالجائحة يقرب هذا الخيار. ورأى أنه إذا لم تتجاوز الإصابات اليومية المئات فإنه من الممكن إجراء الانتخابات. وحول نسبة الاقتراع التي وصلت إلى نحو 36 في المائة في الانتخابات السابقة، أعرب حسني عن اعتقاده أن نسبة المشاركة ستكون أقل، لعدة أسباب منها جائحة كورونا، والاستياء من أداء مجلس النواب في دورته الماضية وحتى المجالس السابقة بشكل عام، إضافة إلى الحنق على القرارات الحكومية. واعتبر أن الفتور اليوم ليس فقط لدى الناخبين، ولكن حتى لدى المرشحين، معرباً عن اعتقاده أن مخرجات الانتخابات المقبلة ستكون أقل مستوى من المجالس السابقة.