الأزمة السياسية العراقية: التحالف الثلاثي أمام مهمة إثبات تماسكه

03 مارس 2022
يتمسك الاتحاد الوطني الكردستاني ببرهم صالح (فرانس برس)
+ الخط -

أدخل قرار المحكمة الاتحادية العليا في العراق، بعدم دستورية قرار رئاسة البرلمان إعادة فتح باب الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، المشهد السياسي المتأزم في البلاد في منعطف جديد.

ويسعى التحالف الثلاثي المؤلف من التيار الصدري وتحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني، إلى إثبات تماسكه والمضي بمشروع حكومة الأغلبية الوطنية التي يُصر على تشكيلها، مقابل معارضة شديدة للمعسكر المقابل المتمثل بقوى "الإطار التنسيقي"، التي تضم الكتل والأحزاب السياسية الحليفة لإيران.

توجه لعقد جلسة للبرلمان العراقي

 

وحتى يوم أمس الأربعاء، كانت المعلومات المتوفرة لـ"العربي الجديد"، تفيد بتوجه القوى الثلاث المتحالفة (التيار الصدري وتحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني) لعقد جلسة برلمانية منتصف الأسبوع المقبل، معتمدة على عدد مقاعدها البرلمانية التي تتجاوز الـ180 مقعداً من أصل 329 مقعداً في البرلمان.

وتريد هذه القوى من خلال الجلسة التصويت على قرار إعادة فتح باب الترشيح مجدداً لرئاسة الجمهورية، بعد قرار المحكمة الاتحادية، وفي إشارة إلى استمرار تماسك التحالف، وتعذر التوصل إلى تفاهم حيال مرشح رئاسة الجمهورية مع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي قدّم الرئيس الحالي برهم صالح لولاية ثانية.

وكان قرار المحكمة الاتحادية العليا في بغداد، الذي صدر أول من أمس وقضى بعدم دستورية إعادة فتح باب الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، قد أشار أيضاً إلى "إمكانية إعادة فتح باب الترشح مجدداً لمنصب رئيس الجمهورية، لكن بقرار يُصوّت عليه بالأغلبية داخل البرلمان وليس من رئاسته فقط".

وأوضح مصدر في رئاسة البرلمان العراقي، لـ"العربي الجديد"، أنه من المرتقب عقد جلسة جديدة للبرلمان تتضمن إعادة فتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية منتصف الأسبوع المقبل. وأكد أن هذه الخطوة سيتم الإعلان عنها رسمياً بعد اجتماع مرتقب للتحالف الثلاثي قد يعقد في بغداد أو أربيل في غضون أيام.


اجتماع مرتقب بين التحالف الثلاثي للاتفاق على المضي بجلسة برلمانية لإعادة فتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية

وفي السياق، كشف عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود البارزاني، مهدي عبد الكريم، لـ"العربي الجديد"، عن اجتماع مرتقب بين التحالف الثلاثي للاتفاق على المضي بجلسة برلمانية لإعادة فتح باب الترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية، وترشيح ريبر أحمد خالد مجدداً للمنصب.

ولم يستبعد أن يؤدي قرار المحكمة الاتحادية إلى إعادة "فتح باب التفاوض من جديد بين القوى الكردية"، مشدداً على أهمية أن يقدم الاتحاد الوطني الكردستاني "تنازلات"، في إشارة إلى تمسكه بالرئيس الحالي برهم صالح. وأعلن أنه "في حال لم يتحقق أي اتفاق الأسبوع الحالي، سنذهب إلى الأغلبية البرلمانية لحسم فتح باب الترشيح وكذلك تمرير الرئيس الجديد، ثم التوجه نحو تشكيل حكومة الأغلبية".

حلفاء إيران يهددون بمنع انعقاد البرلمان

 

لكن القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، غياث السورجي، قال لـ"العربي الجديد" إن "التحالف الثلاثي غير قادر على تمرير مرشح رئاسة الجمهورية، كونه لا يمتلك ثلثي أعضاء البرلمان، ولهذا سيكون مجبراً على التفاوض معنا ومع الإطار التنسيقي، حتى يحسم ملف تسمية رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة الجديدة". وأضاف "نحن مستعدون للحوار مجدداً مع الحزب الديمقراطي الكردستاني أو باقي القوى الشيعية والسنّية حول المنصب".

من جهته، لمح القيادي في "الإطار التنسيقي" عائد الهلالي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى إمكانية الاتجاه مرة أخرى إلى المحكمة الاتحادية للطعن بأي جلسة برلمانية تخصص لإعادة فتح باب الترشيح مرة أخرى.

ولفت الهلالي إلى أن "عقد جلسة للتصويت على إعادة افتتاح باب الترشيح على منصب رئيس الجمهورية يجب أن تكون بتوافق سياسي"، مضيفاً "العملية السياسية في العراق مبنية على توافقات، ولا يمكن لجهة معينة فرض إرادتها لعقد الجلسة والتصويت على ما تريد بمقاطعة قوى سياسية أخرى".


يعتبر الإطار التنسيقي أن امتلاكه ثلث أعضاء البرلمان يمكّنه أن يعطل الإجراءات المتعلقة بالتصويت

واعتبر أن "امتلاك قوى الإطار التنسيقي لثلث أعضاء البرلمان يمكّنه أن يعطل تلك الإجراءات المتعلقة بالتصويت، لأن الموضوع يتعلق برئاسة الجمهورية، والدستور ينص على أغلبية الثلثين في هذا البند الدستوري، وسوف يعرض الجلسة إلى طعن جديد أمام المحكمة الاتحادية".

وتعليقاً على قرار المحكمة الاتحادية، اعتبر الخبير في الشأن السياسي العراقي إحسان الشمري، أنه "أعطى فرصة جديدة للحوار بين الحزبين الكرديين لحسم ملف رئاسة الجمهورية".

وأوضح الشمري لـ"العربي الجديد"، أن "المحكمة الاتحادية أعطت الكثير من الفرص للقوى السياسية للجلوس من أجل الاتفاق خلال الفترة الأخيرة، لكن لم يتم استثمارها حتى وصلت العملية السياسية للطريق المسدود، مع تمسك كل طرف بالمشروع الذي يريده في المرحلة المقبلة". ولفت إلى أن الوضع الراهن لن يشهد أي حل فعلي للأزمة السياسية ما لم يكن هناك توافق بين مختلف الأطراف.

ويسود توتر المشهد السياسي العراقي منذ الأيام الأولى التي أعقبت إجراء الانتخابات البرلمانية في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، وما نتج عنها من تصدر للتيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر، على حساب الأحزاب والكتل السياسية الحليفة لإيران، والمنضوية ضمن "الإطار التنسيقي".

ويعوّل الصدر في شراكته مع تحالف السيادة، الذي يضم كتلتي تقدم وعزم، بزعامة خميس الخنجر، والحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في أربيل، على تمرير مشروع حكومة الأغلبية. وتملك القوى الثلاث نحو 180 مقعداً في البرلمان، إلى جانب تأييد نواب مستقلين وممثلي أقليات في البرلمان للمشروع، وهو ما يمنحهم أكثر من 200 مقعد برلماني من أصل 329 مقعداً.

في المقابل، تلوّح القوى الحليفة لإيران المنضوية في "الإطار التنسيقي" بورقة ما بات يعرف بـ"الثلث المعطل"، إذ يفرض الدستور تمرير استحقاق رئيس الجمهورية بتصويت ثلثي أعضاء البرلمان البالغ عددهم 220 نائباً.

وتسبق تسمية رئيس الجمهورية استحقاق تشكيل الحكومة الجديدة، وفقاً للدستور النافذ منذ عام 2005. وتواصل القوى الحليفة لإيران تحذيرها من مغبة إقصاء أي طرف سياسي من الحكومة الجديدة، وأنها لن تصمد أكثر من سنة.