عبر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا يان كوبيتش، اليوم الخميس، عن مخاوفه من أن الأطراف الليبية "لا تزال غير مستعدة لتقويض جميع العقبات لخوض الانتخابات الليبية وحل القضايا الأساسية، على الرغم من تصريحاتها التي تؤكد استمرار التزامها بها".
وحذر كوبيتش، خلال إحاطته الدورية أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، من "التبعات السلبية" لعدم إجراء الانتخابات في موعدها المتفق عليه في ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
وترأس وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الجلسة، إذ تولت بلاده رئاسة مجلس الأمن للشهر الحالي، فيما حضر الجلسة وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ورئيس الحكومة الليبية عبد الحميد محمد دبيبة.
وتحدث كوبيتش عن عدد من القضايا العالقة في سياق الانتخابات، بما فيها عدم توضيح القاعدة الدستورية التي على أساسها ستجرى الانتخابات، وما إذا كان على الانتخابات أن تجرى من خلال الاقتراع المباشر أو غير المباشر عبر البرلمان، وما إذا كان يجب إجراء استفتاء على مشروع الدستور الدائم قبل الانتخابات الرئاسية، وقضايا أخرى.
وقال المبعوث الأممي إنه "نظرا للفشل في تحقيق المطلوب، فإن الأوضاع باتت أكثر صعوبة وتعقيدا وصداما، بحيث تصبح المصالح الفردية والمؤسساتية والسياسية عقبة فيما يخص الاتفاق القانوني المطلوب لإجراء الانتخابات".
وأكد كوبيتش استخدام القوى المختلفة لتكتيكات تهدف إلى إعاقة إجراء الانتخابات، كما تطرق لعدد من الشروط التي رأى أنها تهدف إلى "إعاقة إجراء تلك الانتخابات وإحراز تقدم"، قائلًا: "هناك مطالب تفيد بأنه يجب أولًا تنفيذ سحب المقاتلين الأجانب وإجراء الاستفتاء والتوحيد العسكري والمؤسسات الوطنية قبل عقد الانتخابات، وهناك مجموعات أخرى لها انشغالات بشأن تقييد أهلية المرشحين، وهذا قد يؤدي لإقصاء البعض وزيادة التوترات"، مؤكدًا أنه على الرغم من كل هذه التحديات إلا أن اللجنة الانتخابية العليا بدأت تسجيل الناخبين.
وحذر في الوقت ذاته من أن "تواصل الانسداد والمواجهة بين مؤسسات الدولة سيشكل خطراً على المسار الاقتصادي والأمني"، موضحًا أن تلك "المخاطر بدأت تظهر، حيث لم يعتمد مجلس النواب بعد ميزانية حكومة الوحدة الوطنية على الرغم من عقد عدد من الاجتماعات، كما لم يتم الاتفاق على كيفية تعيين مناصب وطنية، بما فيها منصب وزير الدفاع، وهو منصب أساسي لتنفيذ وقف إطلاق النار وإحراز تقدم في مجال نزع السلاح وإعادة الإدماج، وسحب المقاتلين الأجانب، وغيرها من الملفات العالقة".
وأكد المسؤول الأممي على مواصلة الأمم المتحدة للحوار ودعمها لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، كما أكد على أن "وقف إطلاق النار ما زال قائما على الرغم من بعض المناوشات"، محذرًا من "تدهور الأوضاع وتراجع الزخم الإيجابي الحالي إن لم يتم التحرك بشكل فعال".
كما أكد على ضرورة فتح الطريق الساحلي وحل القضايا العالقة، مضيفًا" أن "استمرار وجود المقاتلين الأجانب والمرتزقة يهدد وقف إطلاق النار (..) لا بد أن تتفق الأطراف الليبية والدولية على خطة لبدء الانسحاب والانتهاء منه"، مشيرًا إلى تهديد عناصر من تنظيم "القاعدة" لمناطق الجنوب ونشاطها هناك في ظل الأوضاع المزرية للمهاجرين واللاجئين.
وأشار إلى الظروف اللاإنسانية التي يحتجز فيها آلاف اللاجئين، بما في ذلك في المراكز الرسمية في البلاد، وبما يشمل العنف الجنسي ضد الفتيان والإناث، حتى داخل المراكز الرسمية، واصفًا ليبيا بأنها "مكان غير آمن للاجئين والمهاجرين".
وشدد على ضرورة توحيد البنك المركزي الليبي، مشيرًا إلى أن "تقسيم البنك المركزي قوض سلامة النظام المصرفي، وحال دون إصلاحات نقدية، وزاد من تراكم الديون".
من جهته، قال وزير الخارجية الفرنسي إن "السلام في ليبيا قيد المنال على الرغم من التحديات الكبيرة التي تشهدها"، مشيرًا إلى ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها المتفق عليه، داعيًا إلى ضرورة التمسك به.
وأكد على ضرورة انسحاب المقاتلين الأجانب والمرتزقة، مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف في الدول المحيطة لليبيا، مشيرًا إلى "ضرورة تفكيك المليشيات وتوحيد الجيش، وتولي السلطات المدنية مهام الأمن"، مؤكدًا ضرورة إعادة فتح الطريق الساحلي.
وتحدث رئيس الحكومة الليبية عما سماه "بارقة أمل" ووصول ليبيا لوضع أكثر استقرارا في ظل الحكومة الوطنية، قائلًا إن حكومته "تمكنت من توحيد عدد كبير من مؤسسات الدولة، فيما تعمل على توحيد بقيتها".
وأشار إلى ضرورة تنفيذ الانتخابات في موعدها، مؤكدأ أن "مسألة المرتزقة هي من أهم عوائق الاستقرار"، مناشدًا مجلس الأمن الدولي بـ"دعم واحترام قرارات المجلس وسيادة ليبيا ووحدة أراضيها"، موضحًا أن استمرار وجود المرتزقة والمقاتلين الأجانب "يؤثر كذلك سلبا على جهود وقف إطلاق النار، ويعيق تنفيذ بقية مخرجات مؤتمر برلين".
وناشد دبيبة المجتمع الدولي بـ"دعم ليبيا لتوحيد المؤسسة العسكري والأمنية، والمساهمة في دعم استراتيجية أمنية شاملة يتم من خلالها تنشيط برامج التسريع ونزع السلاح وإعادة الإدماج وإصلاح القطاع الأمني، وتأمين الحدود".