الأمم المتحدة تحذر من تداعيات عدم تمديد اتفاقية تصدير الحبوب: ضرر حقيقي للكثيرين حول العالم
عبّرت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية روزماري ديكارلو، اليوم الجمعة، عن أسفها الشديد لـ"إنهاء روسيا مشاركتها في مبادرة البحر الأسود للحبوب، بما في ذلك سحب الضمانات الأمنية للملاحة في الجزء الشمالي الغربي في البحر الأسود".
وجاءت تصريحات المسؤولة الأممية خلال إحاطة لها أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، في جلسة تناولت الوضع الإنساني في أوكرانيا والتطورات الأخيرة، بعد إنهاء روسيا مشاركتها في المبادرة بداية الأسبوع الجاري.
وقالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية روزماري دي كارلو، إنّ "خطر اتساع النزاع ردّاً على حادث عسكري في البحر الأسود، أكان متعمداً أم عرضياً، يجب تفاديه بأي ثمن، لأنه قد يؤدي إلى تبعات كارثية علينا جميعاً".
وأضافت: "أسعار المواد الغذائية آخذة في الارتفاع في جميع أنحاء العالم، مما يزيد من الأزمات التجارية والاقتصادية والزراعية التي أثرت بشدة في الأشخاص الأكثر ضعفاً بالعالم".
وتحدثت المسؤولة عما أسمته "ضربة إضافية للأمن الغذائي العالمي"، حيث "ضربت روسيا لليوم الرابع على التوالي موانئ البحر الأسود في أوكرانيا، مستهدفة موانئ أوديسا وتشورنومورسك وميكولايف بالصواريخ والطائرات بدون طيار، ما أدى إلى تدمير مرافق البنية التحتية الحيوية للموانئ وإمدادات الحبوب".
وأدانت المسؤولة الأممية تلك الهجمات، وناشدت روسيا بوقفها، مشدّدة على أنّ "قصف روسيا موانئ البحر الأسود في أوكرانيا يتعارض مع التزاماتها، بموجب مذكرة التفاهم مع الأمم المتحدة، التي تنص على أن "الاتحاد الروسي سيسهّل تصدير المواد الغذائية وزيت عباد الشمس والأسمدة من موانئ البحر الأسود الخاضعة للسيطرة الأوكرانية".
وأشارت المستشارة إلى أنّ الهجمات على البنية التحتية المدنية قد تشكل انتهاكاً للمعايير الدولية للقانون الإنساني"، موضحة: "لقد نزح قرابة ثلثي الأوكرانيين منذ اندلاع الحرب الروسية".
من جهته، أكد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، أن الهجمات الروسية على الموانئ الأوكرانية تمثل ضربة للأمن الغذائي العالمي"، معتبراً أنها تمثل تأثيراً سلبياً بالغاً على الأمن الغذائي العالمي، خاصة للدول النامية.
وأضاف في هذا السياق أنّ "حجم الاحتياجات الإنسانية العالمية يفوق إلى حد كبير الموارد المتاحة لدينا (...) يحتاج ما يقارب 362 مليون شخص في 69 دولة إلى مساعدات إنسانية. هناك حاجة إلى مبلغ غير مسبوق قدره 55 مليار دولار لتلبية هذه الاحتياجات، ولا تزال العديد من الخطط الإنسانية (لصناديق الأمم المتحدة الخاصة بذلك) تعاني من نقص حاد في التمويل (...) بالنسبة لملايين الأشخاص حول العالم، فإن قدرتهم على تحمل مزيد من النكسات منخفضة".
وتحدث المسؤول عن توقيع مبادرة البحر الأسود ومذكرة التفاهم بشأن صادرات الأغذية والأسمدة الروسية قبل قرابة العام، مشيراً إلى أن تلك الاتفاقية كانت بمثابة "استجابة دولية حاسمة (لمكافحة) أسعار المواد الغذائية المتصاعدة التي تقوض الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم".
وفي حديثه عن المبادرة ذاتها، أعرب غريفيث عن أن هذه الاتفاقية كانت بمثابة دليل "على قدرتنا على تحقيق حلول مبتكرة وجريئة، تضع الإنسانية فوق السياسة، حتى في أكثر الظروف قسوة. في غضون 12 شهراً، أتاحت مبادرة البحر الأسود التصدير الآمن لما يقرب من 33 مليون طن متري من المواد الغذائية من موانئ البحر الأسود الأوكرانية إلى 45 دولة، على متن أكثر من 1000 سفينة خارجية".
وشدّد على أن المبادرة سمحت كذلك لبرنامج الغذاء العالمي "بنقل أكثر من 725 ألف طن متري من القمح لدعم عمليات المساعدة الغذائية في أفغانستان وجيبوتي وإثيوبيا وكينيا، والصومال، والسودان، واليمن".
وأشار المسؤول الأممي كذلك إلى ملاحظة الأمين العام للأمم المتحدة في وقت سابق من الأسبوع الجاري، حول أن "الاتفاقية حققت نتائج ملموسة خلال العام الماضي، ودعمت زيادة حجم المنتجات الزراعية الروسية للوصول إلى الأسواق العالمية".
وخلال حديثه، أشار المسؤول إلى القلق الذي يشعر به المزارعون الأوكران من عدم المقدرة على تصدير محاصيلهم التي زرعت خلال الحرب، على الرغم من المخاطر الناجمة عن الألغام الأرضية والذخائر غير المتفجرة، والأضرار واسعة النطاق التي لحقت بمرافق التخزين والبنية التحتية".
وأوضح أن "ارتفاع أسعار الحبوب العالمية يهدّد بإلغاء التقدم الذي جرى تحقيقه بشق الأنفس خلال العام الماضي مع استقرار الأسواق، مما قد يدفع ملايين الأشخاص إلى الجوع".
كما تحدث عن ارتفاع أسعار القمح والشعير والذرة بنسب تتراوح بين 9 و8 في المائة على التوالي، مشدّداً على أن عدم التجديد للاتفاقية سيتسبب بضرر حقيقي للكثيرين حول العالم.
تصعيد روسي مستمر
وقصفت روسيا، اليوم الجمعة، منشآت لتصدير المواد الغذائية الأوكرانية لليوم الرابع على التوالي، بحسب ما ذكرت وكالة "رويترز"، وأجرت تدريبات على احتجاز سفن في البحر الأسود، في تصعيد لما يصفه زعماء غربيون بأنّه محاولة للالتفاف على العقوبات بالتهديد بأزمة غذاء عالمية.
وجاءت الهجمات المباشرة على الحبوب الأوكرانية، وهي جزء رئيسي من سلسلة الغذاء العالمية، في أعقاب تعهد كييف بالوقوف في وجه حصار روسيا البحري لموانئها لتصدير الحبوب، بعد انسحاب موسكو هذا الأسبوع من اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة لتأمين ممر بحري للصادرات.
ونقلت الوكالة عن حاكم منطقة أوديسا أوليه كيبر، قوله عبر تطبيق "تليغرام": "للأسف، قُصفت صوامع حبوب تابعة لمؤسسة زراعية في منطقة أوديسا".
وأظهرت صور نشرتها وزارة الطوارئ اندلاع حريق بين منشآت معدنية منهارة بدت وكأنها كانت مخازن، كما أظهرت الصور مركبة إطفاء لحقت بها أضرار شديدة. وقال كيبر إنّ شخصين أُصيبا، وقال مسؤولون إنّ سبعة أشخاص لقوا حتفهم في غارات جوية روسية في أماكن أخرى بأوكرانيا.
Video of the consequences of the Geranium strike on a granary in the Odessa region
— Spriter Team (@SpriterTeam) July 21, 2023
The destruction of Ukraine's port infrastructure continues. pic.twitter.com/bnrsswZZI3
وتصف موسكو الهجمات بأنها رد على قصف أوكرانيا جسراً شيدته روسيا لربطها بشبه جزيرة القرم الأوكرانية، التي ضمتها بشكل غير قانوني في 2014.
وقالت روسيا إنها ستعتبر أن كل السفن المتجهة إلى المياه الأوكرانية ربما تحمل أسلحة اعتباراً من أمس الخميس، فيما وصفته واشنطن بأنه إشارة إلى أن روسيا قد تهاجم سفن شحن مدنية. وردت كييف لاحقاً بإصدار تحذير مماثل بشأن السفن المتجهة إلى روسيا.
Port of Odessa after Russian missile attacks! pic.twitter.com/ftJaY3fMWy
— Spriter Team (@SpriterTeam) July 21, 2023
وقالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم الجمعة، إنّ أسطولها في البحر الأسود يتدرب على إطلاق صواريخ على "أهداف عائمة" واحتجاز سفن. ونفى سفير روسيا لدى الولايات المتحدة وجود أي خطة لمهاجمة سفن.
أردوغان: يتعين على الغرب الاستماع إلى بعض مطالب روسيا
وعبّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن أمله في أن تؤدي محادثات مزمعة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى إعادة العمل بالمبادرة. وتوسّطت تركيا في الاتفاق مع الأمم المتحدة.
وقال أردوغان للصحافيين، أثناء عودته من جولة في دول خليجية وشمال قبرص، إنّ وقف العمل بالاتفاق قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية عالمياً، وندرتها في بعض المناطق، وربما موجات جديدة من الهجرة.
وأضاف أنّه يتعين على الغرب الاستماع إلى بعض مطالب روسيا، مؤكداً: "ندرك أن الرئيس (فلاديمير) بوتين يتوقع أيضاً أشياء معينة من الدول الغربية، ومن الضروري بالنسبة لهذه الدول اتخاذ إجراءات في هذا الصدد".
وتقول روسيا إنها لن تعود لاتفاق الحبوب، الذي ظل معمولاً به لمدة عام، بدون وضع بنود أفضل تتعلق بصادراتها من المواد الغذائية والأسمدة.
ويتهم زعماء غربيون روسيا بالسعي لتخفيف العقوبات المفروضة عليها بسبب غزوها أوكرانيا. وتستثني العقوبات بالفعل صادرات المواد الغذائية الروسية. وتتحرك الحبوب الروسية بحرية عبر البحر الأسود للأسواق طوال فترة الصراع، ويقول تجار إنّ هناك تدفقات روسية من القمح بالسوق.