الأمم المتحدة شاهدة على موت السوريين

29 يناير 2023
داخل مخيم للاجئين في إدلب، يناير 2023 (عز الدين قاسم/الأناضول)
+ الخط -


جاء تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (التابعة للأمم المتحدة) الجمعة الماضية، والذي دانت فيه النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيميائية في مدينة دوما بريف دمشق يوم السابع من إبريل/ نيسان عام 2018، بالتزامن مع تقرير صدر في اليوم نفسه لمنظمة أخرى تابعة للأمم المتحدة (برنامج الغذاء العالمي)، تعلن فيه أن معدلات الفقر والجوع في سورية قد وصلت لمستويات غير مسبوقة.

ومن بين أرقام برنامج الغذاء أن 12 مليون سوري لا يعرفون من أين ستأتي وجبتهم التالية، وأن 2.9 مليون آخرين معرضون للانزلاق للجوع.

ودانت الأمم المتحدة عبر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية النظام للمرة الثالثة باستخدام السلاح الكيميائي المحرم دولياً.

ورغم اعتراف الأمم المتحدة، والدول الغربية بما في ذلك الولايات المتحدة، بكل ما تعرض له الشعب السوري علي يد النظام من جرائم ضد الإنسانية واستخدام السلاح المحرم دولياً وعشرات المجازر، إلى جانب الإخفاء القسري والموت تحت التعذيب، مع عدم اكتراث النظام بمصير الملايين الذين يعيشون تحت سلطته والذين وصلوا إلى حد لا يتمكنون فيه من تأمين ما يسد جوعهم، يبقى الحل المتاح أمام الأمم المتحدة حتى الآن هو انتظار قبول النظام بالتفاوض على حل سياسي مبني على قرار لمجلس الأمن، واقتراح بعض المحفزات له من أجل هذا القبول.

كما لا يزال الحل المتاح لدى الولايات المتحدة والدول الغربية لوقف إجرام هذا النظام هو فرض العقوبات الاقتصادية التي تنعكس سلباً على المواطنين، من دون أن يتأثر بها النظام الذي ثبت لدى واشنطن أنه يمول نفسه من خلال تجارة المخدرات، وأن من يدفع ثمن تلك العقوبات هم ملايين السوريين الذين وصلوا حد الجوع.

ورغم إعلان واشنطن ودول الاتحاد الأوروبي مراراً عن رفضهم التطبيع مع النظام وإعادة الإعمار في ظل الظروف الحالية، بالإضافة لرفضهم رفع العقوبات عنه، إلا أنهم يدركون أن كل تلك الإجراءات لن تؤدي لا إلى إسقاطه، ولا لتغيير سلوكه، ولا حتى لإجباره على الجلوس إلى طاولة مفاوضات الحل السياسي.

بل تزيد هذه الإجراءات من تعنته ومن إظهاره بمظهر المتحدي للإرادة الدولية، مقابل مضي روسيا قدماً في تعويمه وإقناع أطراف دولية أخرى بالتطبيع معه، بالتوازي مع تعطيل أي مشروع قرار دولي جدي قد يدينه.

الأمر الذي يلغي تقريباً فعالية القرارات الدولية ضد النظام المحصن بالفيتو الروسي، فيما لا تزال الولايات المتحدة والدول الغربية غير جادة باتباع وسائل بديلة من شأنها إسقاط هذا النظام المجرم بالأدلة والوثائق، أو على الأقل إجباره على تطبيق القرارات الأممية المتعلقة بالحل السياسي، في الوقت الذي يدفع السوريون ثمن هذا التراخي الدولي الذي حوّل الأمم المتحدة ومنظماتها، والدول الفاعلة فيها إلى مجرد موثّق لعذابات السوريين وموتهم الذي يبدو أنه سيتحول قريباً إلى الموت جوعاً.