أغلقت الأجهزة الأمنية الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، الشارع المحيط بمقرّ وزارة المالية والتخطيط في مدينة رام الله، تزامناً مع موعد اعتصام دعا له "حراك الموظفين العموميين"؛ بعد إعلان الحكومة الفلسطينية أمس صرف 90% من مرتبات الموظفين، استمراراً لسلسلة صرف رواتب منقوصة منذ قرابة عامين بسبب الأزمة المالية التي تمر بها السلطة الفلسطينية.
ومنع رجال الأمن الذين أغلقوا مدخلي الشارع الذي تقع فيه وزارة المالية، دخول المركبات والطواقم الصحافية وحتى المارة إلى الشارع.
ولم يستطع الموظفون الوصول إلى محيط الوزارة للاعتصام بسبب هذا الانتشار الأمني، بينما نفى عضو في الهيئة التأسيسية لنقابة موظفي القطاع العام محمد الرمحي، في حديث مع "العربي الجديد"، التنسيق معهم قبل إصدار هذه الدعوة.
وحملت الدعوة للاعتصام توقيع "حراك الموظفين العموميين"، وأشارت إلى أن الموظفين "لن يسكتوا" على حقوقهم المسلوبة منذ أكثر من عشر سنوات، مطالبين الحكومة بإعادة النظر بقانون الخدمة المدنية، وعدم التمييز بين الموظفين، وتعديل "بدل المواصلات"، وصرف "بدل غلاء المعيشة".
ويحيل مشهد إغلاق محيط وزارة المالية تحسباً من الاعتصام إلى منع الأمن الفلسطيني اعتصاماً مشابهاً أمام مقر رئاسة الوزراء في رام الله، في 28 أغسطس\آب الماضي، كانت دعت له الهيئة التأسيسية لنقابة موظفي القطاع العام، كما احتجزت أحد أعضاء الهيئة لبعض الوقت قبل إطلاق سراحه.
وكانت الهيئة التأسيسية للنقابة قد أكدت لـ"العربي الجديد"، في حينه، أن وزارة العمل لم تمنح النقابة التصريح لإنشاء جسم نقابي، دون وجود أسباب واضحة بحسب الهيئة التأسيسية، ما يعني فشل الموظفين حتى اللحظة من إنشاء نقابة لهم، حيث كان قد تم حل نقابة العاملين في الوظيفة العمومية عام 2014، إثر تصاعد الأزمة بينها وبين الحكومة الفلسطينية، وكان يترأس النقابة عضو المجلس الثوري لحركة فتح بسام زكارنة.
وفي تعقيبه على إغلاق محيط وزارة المالية والتعامل الأمني مع الدعوات للاعتصامات، قال المفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عصام العاروري، وهو مدير مركز القدس للمساعدة القانونية، في حديثه مع "العربي الجديد"، إنّ "في ذلك مغالاة واعتداء على الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير".
وتابع العاروري: "يمكن للشرطة وقوى الأمن منع اقتحام المباني العامة أو إلحاق أضرار بها، ولكن إن لم تحصل اعتداءات على المباني والممتلكات العامة، وإذا لم يتم اقتحامها، فإن من حق المواطنين التظاهر في الشارع أمام هذه المباني أسوة بالأماكن الأخرى، ما لم يؤد ذلك إلى إلحاق الضرر بالأمن العام أو بحركة السير في المنطقة".
وحول واقع الموظفين في مؤسسات السلطة الفلسطينية وفشلهم في إنشاء نقابة تمثلهم، قال العاروري إنّ "أوضاع الموظفين العموميين في فلسطين تتفاقم لأسباب عديدة، منها استمرار دفع الرواتب المنقوصة، بالتزامن مع موجة الغلاء التي شهدتها الأراضي الفلسطينية، وارتفاع سعر صرف الدولار، ما أحدث تدهوراً إضافياً على مداخيل الموظفين وقدراتهم الشرائية، خاصة وأن جزءا منهم عليه التزامات بموجب قروض من البنوك بالدولار الأميركي أو الدينار الأردني".
وتابع العاروري أن "كل ذلك يحدث في ظل منافسة شرسة في أسواق العمل داخل الكيان الإسرائيلي، ما أدى إلى أن نسبة كبيرة من الموظفين تحاول الحصول على إجازات بدون راتب للعمل داخل الخط الأخضر لإعالة أسرها".
وأشار العاروري إلى أن هناك تحركات من الموظفين لإنشاء نقابة لهم تتفاوض مع الحكومة بالنيابة عنهم وتمثلهم، وأكد أنه قد تم رفض هذا المطلب، وتوقع أن تعود هذه المسألة وتبرز على السطح بين فترة وأخرى، في ظل عدم وجود إجابات شافية حول مطالب الموظفين التي اعتبرها عادلة ومحقة.