منعت قوات الأمن المغربية، مساء الأحد، وقفة احتجاجية دعت إليها "مجموعة العمل من أجل فلسطين" (غير حكومية) تحت شعار "مع المقاومة ضد التطبيع مع الصهاينة" أمام مبنى البرلمان في العاصمة الرباط.
ولجأت قوات الأمن، فور تجمع عدد من المحتجين أمام مقر البرلمان المغربي، إلى توجيه ثلاثة إنذارات إليهم طالبتهم فيها بالانصراف بدعوى "عدم قانونية الوقفة"، قبل أن تلجأ إلى تفريقهم باستعمال القوة.
وقام رجال الأمن بمحاصرة الوقفة من كل الجهات وإبعاد المحتجين عن الساحة المقابلة للبرلمان، لينهي المشاركون الوقفة مرددين شعارات تضامنية مع فلسطين ومناهضة ومنددة بالتطبيع واعتباره خيانة، مع التأكيد أن القضية الفلسطينية قضية وطنية.
ودان رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، أحمد ويحمان، منع السلطات للوقفة الاحتجاجية، وقال لـ"العربي الجديد": "منع وقمع الوقفة الاحتجاجية إيذان بانعطافات أخرى تترجم ما كان أعلن عنه وزير الخارجية، ناصر بوريطة، من استعداد للذهاب في التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب إلى أبعد الحدود".
وأضاف ويحمان: "التطبيع تجاوز كل الخطوط الحمراء، وأضحى فوق كل ما هو متوقع، لكن نؤكد أن الشعب المغربي بمختلف تياراته وأطيافه قد حدد السقف في إسقاط التطبيع وسيسقطه".
وبينما كان المنع مصير الوقفة الاحتجاجية ينتظر أن تنظم "مجموعة العمل من أجل فلسطين"، غداً الإثنين، مؤتمراً صحافياً من أجل "تسليط الضوء على آخر مستجدات التطبيع في المملكة ومخاطره، خصوصاً بعد أن تطورت الاتفاقيات السياسية والدبلوماسية والتجارية مع الكيان الصهيوني إلى تطبيع عسكري يستهدف استقرار المملكة والمنطقة برمتها"، كما ستؤكد الندوة "تمسك الشعب المغربي بدعم الشعب الفلسطيني وإسقاط كل أشكال التطبيع"، وفق بيان للمجموعة.
من جهتها، اعتبرت حركة التوحيد والإصلاح (الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية المعارض) أن الوقفة "تأكيد لمواصلة الشعب المغربي دعم صمود المقاومة في مواجهة الاحتلال الصهيوني، وأنه يرفض التطبيع بكافة أشكاله، وأن قواه الحية تواجه أجندات الاختراق التخريبية للصهاينة، المهددة لوحدة الوطن، وأمنه، واستقراره".
في السياق ذاته، كان لافتاً تحفيز حزب "العدالة والتنمية" المعارض هياكله لإنجاح الوقفة الشعبية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، من خلال توجيه المكتب الوطني لشبيبة الحزب نداء إلى أعضائها والمتعاطفين معها للمشاركة في الوقفة لـ "التأكيد على المواقف الثابتة والراسخة التي عبرت عنها عبر التاريخ دعماً للقضية الفلسطينية باعتبارها قضية وطنية، ودعماً لصمود المقاومة الفلسطينية الباسلة"، وفق بيان أصدرته شبيبة الحزب الإسلامي.
إلى ذلك، ينتظر أن تعرف 27 مدينة مغربية، الاحتجاج ضد التطبيع، الإثنين، استجابة لنداء "الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع" بالتزامن مع اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الموافق 29 نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام.
ولفتت الجبهة، في بيان لها، إلى أنه سيتم "تنظيم وقفات وأشكال احتجاجية ونضالية، تحت شعار المعركة متواصلة للتصدي للتطبيع الزاحف ولدعم الشعب الفلسطيني"، وذلك "دعماً لكفاح الشعب الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين من الصهيونية وإقامة دولته الديمقراطية على كامل التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس".
وأوضح البيان أن الهدف من هذه الخطوة، هو "التعبير الشعبي عن رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب، والمطالبة بإلغائه وإلغاء كل الاتفاقيات المنبثقة عنه...".
وقام وزير الأمن الإسرائيلي، باني غانتس، بزيارة إلى العاصمة المغربية الرباط، الأربعاء الماضي، حيث التقى مسؤولين أمنيين وعسكريين وسياسيين، ووقع على اتفاق تفاهم عسكري، مما أثار غضب مناهضي التطبيع الذين دعوا إلى وقفة احتجاجية ضد الزيارة منعتها قوات الأمن المغربي.
وأظهرت الاتفاقات التي وقعها المغرب وإسرائيل، خلال أول زيارة من نوعها لوزير الأمن الإسرائيلي إلى الرباط، عن تحول لافت في مسار التحالف بين البلدين، منذ توقيع اتفاق التطبيع بينهما برعاية أميركية أواخر العام الماضي.
وترسم مذكرة التفاهم الأمني التي وقعها، الوزير المغربي المنتدب المكلف بإدارة الدفاع الوطني، عبد اللطيف لوديي، ووزير الأمن الإسرائيلي، التعاون الأمني بين البلدين "بمختلف أشكاله" في مواجهة "التهديدات والتحديات التي تعرفها المنطقة"، كما تتيح للمغرب إمكانية اقتناء معدات أمنية إسرائيلية متطورة جداً بسهولة، إضافة إلى التعاون في التخطيط العملاني والبحث والتطوير.
وكان المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية قد وقعوا في 22ديسمبر / كانون الأول الماضي إعلاناً تضمن ثلاثة محاور، أولها الترخيص للرحلات الجوية المباشرة بينهما مع فتح حقوق استعمال المجال الجوي، وثانيها الاستئناف الفوري للاتصالات الرسمية الكاملة بين مسؤولي الطرفين و"إقامة علاقات أخوية ودبلوماسية كاملة"، وثالثها "تشجيع تعاون اقتصادي ديناميكي وخلّاق، إضافة لمواصلة العمل في مجالات التجارة والمالية والاستثمار وغيرها من القطاعات الأخرى".