تواصل الإمارات عملها على تقوية نفوذها في جزيرة سقطرى اليمنية، بل وتحويلها إلى أرضٍ تابعة لها، من خلال تعزيز وجودها العسكري والأمني عبر قوات إماراتية لا ترتبط بأيّ طرف يمني ولا تواليه، مستغلة تعثّر تشكيل الحكومة اليمنية الجديدة، والهدنة الإعلامية بينها وبين أتباعها في "المجلس الانتقالي الجنوبي" من جهة، وبين الحكومة اليمنية من جهة أخرى.
وكشفت مصادر يمنية رفيعة في الشرعية ومصادر خاصة في سقطرى، لـ"العربي الجديد"، أن أبوظبي ركزت خلال شهر سبتمبر/ أيلول الحالي على تعزيز وجودها العسكري والأمني في الجزيرة، وإنهاء أي دور لأي قوات يمنية، سواء التابعة للحكومة أو حتى لـ"المجلس الانتقالي" الانفصالي التي يتلقى الدعم منها، وأرسلت دفعات جديدة من الجنود الإماراتيين وأيضاً مرتزقة أجانب مرتبطين مباشرةً، عملياتياً ولوجستياً بها.
ووفق المصادر ذاتها، التي اشترطت عدم ذكر أسمائها، فإن أكثر من ثلاث دفعات من الجنود وصلت خلال الأيام الأخيرة إلى الجزيرة بإشراف ضباط من الاستخبارات الإماراتية، ويراوح عدد هؤلاء الجنود بين 500 و600 فرد. وأوضحت أن هذه الدفعات وصلت بحراً عبر سفن إماراتية تبحر يومياً إلى الجزيرة، مع سعي أبوظبي إلى إبعاد كل القوات الموالية للشرعية الباقية في بعض المواقع من سقطرى إلى خارجها، بعد أن أبعدت قوات موالية لـ"المجلس الانتقالي" إلى حضرموت وعدن إثر استخدامها للسيطرة على الجزيرة وطرد قوات الحكومة.
وأكد عنصران من قوات "الانتقالي" التي أُجبرت على ترك سقطرى والعودة إلى عدن، لـ"العربي الجديد"، أن الإماراتيين أبلغوهم أن مهمتهم انتهت في سقطرى، وعليهم العودة إلى حضرموت وعدن، واستبدلوهم بقوات جديدة ليست تابعة للشرعية أو "الانتقالي". كذلك تعمّدوا في بداية الأمر طرد جنود الشرعية وإبعادهم من الجزيرة، وكلهم من أبناء سقطرى، وبينهم جنود كانوا في منازلهم منذ أشهر، ولم يشاركوا في أي عمل عسكري أو أمني في الجزيرة.
من جهته، أكد النقيب عمر سويد لـ"العربي الجديد" أن الكثير من الشباب خُدعوا بالإماراتيين لحظة السيطرة على أرخبيل سقطرى وعلى العاصمة حديبو، لذلك فقد شارك عناصر من حضرموت وعدن ولحج والضالع في مهاجمة قوات الشرعية، لكن بعد إبلاغهم من أبوظبي بضرورة مغادرة الجزيرة والعودة إلى مناطقهم، وأن قوات إماراتية هي التي ستتولى تأمين سقطرى وحمايتها، شعروا بأن الإمارات استخدمتهم وخدعتهم لاحتلال الجزيرة فقط، وأن ما كانت تحذّر منه الشرعية وأنصارها من أهداف أبوظبي في الجزيرة وضرورة مواجهتها كان صحيحاً. وأضاف سويد أن إدراك هؤلاء أن الإمارات تستخدمهم جاء متأخراً بعد أن أصبحت قوات الشرعية خارج الجزيرة وكذلك "الانتقالي"، بينما القوات الإماراتية والأجانب يملأون الجزيرة.
في السياق، قال مسؤول في السلطة المحلية أصبح مع عائلته خارج الجزيرة بعد أن سيطرت أبوظبي عليها، إن سقطرى أصبحت منطقة أمنية إماراتية خاضعة للتنصت على الجميع من دون استثناء، إضافة إلى مضايقة من تشتبه الإمارات فيه حتى يُرحَّل، مستغلة تعثر تشكيل الحكومة اليمنية الجديدة، وإبعاد كل الأضواء عما تقوم به في المنطقة من إجراءات، بما فيها توظيف أجانب بدلاً من سكان سقطرى.
المسؤول الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، طالباً عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، قال إن "الإمارات تتعمّد عرقلة تشكيل الحكومة، لأن ذلك يخدم هدفها في سقطرى، لاستكمال الإجراءات والتغييرات التي تمكّنها من إنهاء أي وجود يمني في جزيرة سقطرى"، مضيفاً أنه "بسبب الهدنة الإعلامية لم نجد أي مسؤول حكومي ينتقد ما تقوم به أبوظبي في الجزيرة لجهة السيطرة أو كيفية معاملة اليمنيين من سكان الجزيرة ومضايقتهم وإجبارهم على ترك أرضهم".
مصدر قيادي آخر في الشرعية قال لـ"العربي الجديد" إن تعثر تشكيل الحكومة الجديدة يخدم ما تقوم به أبوظبي في سقطرى، ولا سيما أن لها يداً كبيرة في هذا التعثر، من خلال تعقيد المحادثات عبر استخدام أتباعها في "المجلس الانتقالي"، أو بسبب صمت السعودية حيال ذلك الدور، ولا سيما أن إطالة أمد المشاورات تأتي بعد أن تغير الحديث بين الأطراف السياسية، فإلى جانب المحاصصة بين المكونات، أصبح هناك صراع على حصص كل منطقة، وهذا ما زاد من تعقيد مشاورات تشكيل الحكومة.