سبق للاحتلال الإسرائيلي أن نفذ أكثر من عملية إنزال خلال حرب 2006
نفذت العملية الوحدة "شايطيت 13" وتُعد نخبة سلاح "الضفادع البشرية"
قال الاحتلال إن المختطف عنصر بحزب الله ومصدر معرفة بالمجال البحري
تصدّرت عملية الإنزال البحري الإسرائيلي على شاطئ البترون، في الشمال اللبناني، المشهد الميداني، أول من أمس السبت، باعتبارها تطوراً نوعياً جديداً يُسجّل داخل لبنان، اختُطف خلالها المواطن عماد أمهز، بزعم مسؤولين عسكريين إسرائيليين أنّه "عنصر رئيسيّ في حزب الله، ويُعدّ مصدر معرفة في المجال البحري".
وقالت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس الأحد، إنّ عملية الإنزال البحري التي نفذتها قوات خاصة إسرائيلية، واختطفت من خلالها مواطناً لبنانياً من شاطئ البترون، كان مُخططاً لها منذ مدة طويلة، مشيرة إلى أنّ الاحتلال كان يريد إبقاء العملية سرية لولا كشفها من قبل وسائل إعلام لبنانية. وأضافت الإذاعة أنّ مسؤولي المخابرات الإسرائيلية تتبّعوا عماد أمهز مدة من الوقت "في انتظار الفرصة التي يمكنهم فيها القول إن هناك يقيناً كبيراً بنجاح العملية".
وأشارت إلى أن العملية كانت دقيقة وانتهت "من دون أي أحداث غير عادية ومن دون مقاومة، ولم تكن هناك معركة" مع الطرف اللبناني، "كما أنّ المعتقل لم يبدِ أي مقاومة واستسلم" أمام القوة الإسرائيلية. وحول تفاصيل العملية، قالت الإذاعة إنّ "محققين يتحدثون العربية من وحدة 504 في جهاز الاستخبارات (أمان) عملوا في الميدان (موقع عملية الإنزال) بملابس مدنية إلى جانب الجنود، وأجروا تحقيقاً أولياً مع عنصر حزب الله الذي قُبض عليه، للتأكد من أنه الشخص المناسب والهدف من الاعتقال"، لكنها لم توضح أين وكيف أجري التحقيق.
ونشرت وسائل إعلام لبنانية، يوم السبت، مشاهد رصدتها كاميرات المراقبة، تظهر كيفية حصول العملية، بحيث ظهر مسلحون وهم يرتدون زياً عسكرياً ويختطفون مواطناً من أحد الشاليهات في البترون الساحلية، بينما كان معصوب العينين. وطلب رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي من وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن الدولي بهذا الصدد. وشدد على "ضرورة الإسراع في التحقيقات لكشف ملابسات هذه القضية ووضع الأمور في نصابها".
مسؤولية يونيفيل عن الإنزال البحري الإسرائيلي
بداية، يوضح العميد منير شحادة، منسّق الحكومة اللبنانية لدى يونيفيل سابقاً، لـ"العربي الجديد"، أنّ ما حصل يُسمّى "عملية إبرار"، باعتبار أنّ الإنزال يكون جوياً، حيث إنّ ما حدث هو عملية إبرار لقوات خاصة إسرائيلية على شاطئ البترون، دخلت إلى أحد الشاليهات، وعمدت إلى اختطاف مواطن لبناني إلى عرض البحر، وذلك عن طريق مراكب مطاطية.
ويضيف أن "العملية لا يمكن أن تكون نُفذت بمراكب مطاطية انطلاقاً من حيفا حتى شاطئ البترون، فهذه المسافة التي تتخطى 150 كيلومتراً في البحر لا يمكن لمراكب "زودياك" أن تقطعها، وبالتالي ما حصل أنّ بارجة إسرائيلية انتقلت من ميناء حيفا، القاعدة الموجودة فيها الفرقة "الوحدة شايطيت 13"، إلى البحر، وعندما وصلت إلى قبالة شواطئ البترون، توقفت ونزل ما يقارب 25 عسكرياً وأتوا بالبحر إلى شاطئ البترون ونفذوا العملية".
تبعاً لذلك، يقول شحادة إنّ "قوات الطوارئ الدولية ووظيفتها تطبيق القرار 1701 ومراقبة المياه الإقليمية اللبنانية، كان يُفترض بها أن تفيد السلطات اللبنانية، فهي حتماً شاهدت وصول البارجة، ونزول الجنود منها، وبالتالي، تقع عليها مسؤولية كبرى بعدم إفادتها السلطات اللبنانية عن هذا التحرك الذي من الواضح أنه عمل عدائي تقوم به إسرائيل على مرأى القوات الدولية، برئاسة ألمانيا، المسؤولة عن الفريق البحري المُكلَّف بمراقبة المياه الإقليمية اللبنانية".
ويتابع: "المسؤولية من هنا تبدأ من قوات الطوارئ الدولية، حتى لو نفت تسهيلها العملية أو مشاركتها فيها، فهذا صحيح، لكن وظيفتها تكمن في إفادة السلطات اللبنانية عن وصول بارجة إسرائيلية إلى قبالة شواطئ البترون، ونزول مراكب زودياك وتوجهها صوب الشاطئ"، مشدداً على أنّ "هناك مسؤولية تقع على ألمانيا، صاحبة التاريخ في مساعدة هذا الكيان، وكلنا يذكر مثلاً منذ شهر تقريباً، كيف تصدّت سفينة حربية ألمانية تعمل ضمن مهمة يونيفيل لطائرة مسيّرة تابعة للمقاومة كانت متوجّهة صوب مصالح إسرائيلية، علماً أنه لا يحق لها أن تتصدّى لها وأن تستعمل القوّة، بل كان يفترض بها أن تسجل الخرق وتفيد فقط القوات الدولية التي تعمل تحت البند السادس، ما يمنعها من استخدام القوة إلا بحالة الدفاع عن النفس، ما اعتبر تدخلاً المانياً، وبالتالي الأمر الذي يجعلها قوة غير محايدة".
ويلفت إلى أنّ "العملية نفذت على شواطئ البترون، وقد دخل الجنود مئات الأمتار داخل الأراضي اللبنانية، واقتحموا الشاليه الموجود فيه عماد أمهز، الذي هو، بحسب قول وزير الأشغال، قبطان بحريّ لسفن مدنية وتجارية ويتلقّى تعليمه في معهدٍ مدنيٍّ، في حين أنّ المقاومة لم تصرح بأن هذا الشخص منتم إليها أو لا"، مشدداً على أنّ "ما حصل خرق لسيادة لبنان وللقرار 1701"، مشيراً إلى أنّ "كل الأخبار التي نشرت في الإعلام عن حمله جوازات سفر وشرائح هاتف هي محض شائعات، فهذا طبيعي كون وظيفته بالبحر، بحيث أن كل دولة يرسو فيها عليه أن يشتري شريحة خط هاتفي تابعة لها لاستخدامها، كما أن كل القباطين يحصلون على جوازات سفر تابعة لدولة بنما".
ويشير شحادة إلى أن المنطقة التي اختطف فيها أمهز معروف أن لا وجود للمقاومة فيها، وبالتالي فإن إسرائيل تستبيح الأجواء والبحر والأراضي اللبنانية ولا رادع لها. ويرى شحادة أنّ "الميدان في الجنوب يتكلّم اليوم، حيث أصبح واضحاً أن الإسرائيلي، وبخمس فرق، بات عاجزاً عن دخول واجتياح الأراضي اللبنانية، وإنشاء المنطقة العازلة المزعومة التي ادعى إنشائها"، لافتاً إلى أن "إسرائيل، بحسب رؤيته، سوف تعلن عن وقفها العمل العسكري البري خلال أيام أو أسابيع بالكثير، لأنها فشلت فيها، لتبقي على عمليات القصف الجوي وبواسطة الطائرات التجسسية إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية، والتي على أساس نتائجها سوف يبني رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو المرحلة المقبلة، وهو كان صرّح أنه يسعى لإنشاء شرق أوسط جديد، ما يعني أن غزة ولبنان أصبحا وراءه، وهو يسعى لإنشاء دولة إسرائيل الكبرى".
ما نعرفه عن الوحدة المسؤولة عن الإنزال البحري الإسرائيلي
سبق للاحتلال الإسرائيلي أن نفذ أكثر من عملية إنزال خلال حرب يوليو/ تموز 2006، أبرزها حصل في مدينة بعلبك، وعُرف وقتها بـ"إنزال 1 آب"، وذلك عند المدخل الشمالي للمدينة، قرب مستشفى دار الحكمة، ولكنه جوبه بمقاومة ضارية من جانب حزب الله والجيش اللبناني، وقالت حينها وسائل إعلام تابعة للاحتلال إنّه جرى اختطاف أعضاء غير قياديين في حزب الله، بينهم شخص يدعى حسن نصر الله، بينما أكد حزب الله أنّ أياً من عناصره لم يُختطَف.
كذلك، في 3 أغسطس، قامت قوات إسرائيلية بعملية إنزال بحري على شاطئ مدينة صور جنوبي لبنان، بزعمها القبض على قائد في حزب الله، ووقتها كُلّفت بالمهمة وحدة "شايطيت 13" الخاصة في البحرية الإسرائيلية، وهي القوة نفسها التي رُبِط اسمها اليوم بخطف المواطن عماد أمهز. وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلن حزب الله أنّه شنَّ هجوماً جوياً بسربٍ من المسيّرات الانقضاضية على مقر وحدة المهام البحرية الخاصة "شايطيت 13" في قاعدة عتليت، مستهدفة أماكن تموضع ضباطها وجنودها وأصابت أهدافها بدقة.
وقال التلفزيون العربي في تقرير، الشهر الماضي، إنّ الوحدة "شايطيت 13" التي تُعدّ نخبة سلاح "الضفادع البشرية" قد تسللت إلى مدينة صور جنوبي لبنان عام 1997، بهدف زرع متفجرات على طول الطريق الساحلي في لبنان بين صور وصيدا، قبل أن تتعرّض لكمين حزب الله في بلدة أنصارية. وأدى الكمين حينها إلى مقتل 12 جندياً وضابطاً إسرائيلياً من رفاق وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، بمن فيهم قائد القوة المقدم يوسي كوركين، بينما كانوا يُحاولون التسلل لتنفيذ عملية سرية في عمق لبنان.
وقد نفى قادة الاحتلال حينئذ أن تكون القوة الخاصة قد اكتُشفت مسبقاً، وزُعم أن الحادثة نتجت عن متفجرات كان يحملها الجنود الإسرائيليون أنفسهم. لكن ثبت لاحقاً أن حزب الله تمكن من اعتراض معلومات استخبارية أثناء إرسالها من طائرة مسيّرة إسرائيلية، ما منحه معرفة مسبقة بتفاصيل العملية، ليتمكّن من التعرض لها، حسب صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية. وحمّل غالانت قياديي حزب الله إبراهيم عقيل وأحمد وهبي المسؤولية عن الكمين، وزعم أن اغتيالهما أخيراً في الضاحية الجنوبية يُعدّ ثأراً لضحايا الكمين.