الاتحاد الأوروبي: لم نتخلَّ عن "اللاءات الثلاث" بشأن سورية

05 نوفمبر 2024
المسؤول الأوروبي جوزيب بوريل، كوريا الجنوبية 4 نوفمبر 2024 (تشونغ سونغ جون/Getty)
+ الخط -

أكد الاتحاد الأوروبي أن الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية، جوزيب بوريل، يفكر في تعيين مبعوث خاص للاتحاد في سورية، ولم يُشر المتحدث باسم الاتحاد في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن بوريل حسم أمره في هذا الأمر بعد، بخلاف ما نقلته وسائل إعلام أوروبية من أن بوريل سمى مبعوثاً خاصاً إلى سورية. وكانت مواقع إعلامية عربية وإيطالية قد قالت إن بوريل عيّن الدبلوماسي النمساوي كريستيان بيرغر مبعوثاً خاصاً جديداً للاتحاد الأوروبي في سورية، وذلك في الوقت الذي تشهد فيه أروقة الاتحاد الأوروبي تحركات تقودها مجموعة من الدول، ولا سيما إيطاليا وتشيكيا، لتغيير سياسة التكتل، الذي يضم 27 دولة، حيال سورية، لمعالجة أزمة اللاجئين السوريين في دول الاتحاد.

وتعليقاً على أسئلة "العربي الجديد" عن إمكانية تغيير بروكسل من سياستها نحو سورية، ولا سيما التعامل مع النظام في دمشق، قال المتحدث باسم الاتحاد إن "استراتيجية الاتحاد الأوروبي بشأن سورية تستند إلى استنتاجات مجلس الاتحاد الأوروبي لعامي 2017/2018، وقد استكملت استنتاجات مجلس الاتحاد الأوروبي لشهر إبريل 2024 الاستنتاجات السابقة، ولكنها لم تحلّ محلها، حيث كانت قصيرة للغاية ومُركزة، فقد أعادت التشديد على الحاجة إلى تهيئة الظروف للعودة الآمنة والطوعية والكريمة للاجئين السوريين، كما حددتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ودعت الاتحاد الأوروبي إلى مراجعة وتعزيز فعالية المساعدة التي يقدمها الاتحاد الأوروبي للاجئين والنازحين السوريين في سورية والمنطقة، وقد أعيد تأكيد ذلك في اجتماع المجلس الأوروبي في أكتوبر/ تشرين الأول 2024".

لكن المتحدث شدد على أن "المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لا تزال تؤكد أن الظروف للعودة الآمنة والكريمة والطوعية غير موجودة في سورية، ومع ذلك وبناءً على دعوة زعماء الاتحاد الأوروبي للمساعدة في تهيئة الظروف لعودة آمنة وطوعية وكريمة للاجئين السوريين، بدأت المفوضية مناقشات مع وكالات الأمم المتحدة، وفقاً للشروط التي حددتها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، للعمل مع البلدان المضيفة على نهج أكثر تنظيماً للعودة الطوعية إلى المناطق في سورية التي تكون آمنة وكريمة ومستنيرة وطوعية، مع الحفاظ على تدابير الحماية".

وبالنسبة إلى التطبيع مع النظام السوري، أكد المتحدث أن "موقف الاتحاد الأوروبي كما هو منصوص عليه في استنتاجات المجلس المتعاقبة لم يتغير: لا تطبيع مع نظام الأسد، ولا رفع للعقوبات ولا مساعدة لإعادة الإعمار، حتى يشارك نظام الأسد بشكل هادف في عملية سياسية وفقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254". وقال حول تعيين مبعوث جديد للاتحاد في سورية: "يمكننا أن نؤكد أن الممثل الأعلى بوريل يفكر حالياً في تعيين مبعوث خاص لسورية، ونظراً لأن هذه عملية مستمرة، فلا يمكننا الخوض في التفاصيل أكثر، وسنقدم مزيداً من المعلومات في الوقت المناسب".

وكانت وكالة آكي الإيطالية الرسمية قد قالت الشهر الماضي إن المفوضية الأوروبية قدمت إلى سفراء الدول الأعضاء في بروكسل وثيقة غير رسمية بشأن العودة الطوعية للاجئين السوريين. ووفق مصادر الوكالة من بروكسل، فإن الوثيقة تتماشى مع المخرجات التي توصل إليها المجلس الأوروبي في إبريل/نيسان الماضي، والتي أكد فيها الزعماء مجدداً "الحاجة إلى تهيئة الظروف لعودة آمنة وطوعية وكريمة للاجئين السوريين التي حددتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين"، ودعوا "الممثل الأعلى والمفوضية لمراجعة وتعزيز فعالية مساعدة الاتحاد الأوروبي للاجئين والنازحين السوريين في سورية والمنطقة".

وأشارت الوكالة حينها إلى أن حكومة يمين الوسط في إيطاليا أعربت عن تقديرها للورقة غير الرسمية التي أعدتها المفوضية، والتي تعكس إلى حد كبير المقترحات التي قدمتها روما في يوليو/تموز الماضي مع النمسا وكرواتيا وقبرص وتشيكيا واليونان وسلوفاكيا وسلوفينيا للمطالبة بمراجعة استراتيجية الاتحاد الأوروبي في عام 2017، على الرغم من عدم إضفاء الشرعية على نظام بشار الأسد. وتنص الوثيقة على إمكانية إعادة تأهيل البنى التحتية وتعيين مبعوث خاص للاتحاد الأوروبي والتعاون مع مفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على الأرض لتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم ودعم القطاع الخاص.

وكانت تشيكيا قد أعلنت في صيف العام الماضي مبادرة تهدف إلى إنشاء "مناطق آمنة في سورية"، مشيرة إلى أنه يجري الإعداد لمهمة تقصّي حقائق بقيادة تشيكية لإنشاء هذه المناطق بهدف إعادة اللاجئين إلى بلادهم. وأشار المسؤولون التشيكيون إلى أن قبرص قد تنضم إلى المبادرة، وهي التي كانت قد دفعت إلى إنشاء مثل هذه المناطق بهدف الحد من تدفق الهجرة نحو شواطئها، وامتلاء مخيماتها بالمهاجرين وطالبي اللجوء الذين يريدون العبور إلى دول أخرى في الاتحاد الأوروبي.

ورغم ذلك، لم يظهر أي تقدم في هذه المبادرة أو بوادر حقيقية لتغيير سياسة رئاسة التكتل الأوروبي حيال سورية، ولا سيما مع عدم وجود توافق أوروبي حيال ذلك، إذ لا تزال رئاسة الاتحاد وكل من فرنسا وألمانيا تبديان مواقف صلبة حيال النظام، كذلك فإن عودة اللاجئين إلى بلادهم غير آمنة، في ظل وجود النظام وعدم تغيير الظروف الداخلية في البلاد.

معبر أبو الزندين

وفي سياق آخر، نفى مصدر من الجيش الوطني السوري المعارض لـ"العربي الجديد" تسجيل دخول أي مواطن أو شاحنة من مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري يوم أمس الاثنين إلى مناطق سيطرة قوات النظام السوري من معبر أبو الزندين الفاصل بين مناطق سيطرة المعارضة في منطقة "درع الفرات"، والمناطق التي يسيطر عليها النظام بريف حلب الشرقي، وأكد المصدرالذي طلب حجب اسمه أن "المعبر يوم أمس أُعيد فتحه بشكل شكلي وتعرضت للقصف من جهة مجهولة في الساعات الأولى من إعادة فتحه، إذ إن سيارة أحد قادة الشرطة العسكرية أُصيبت جراء القصف المجهول، دون وقوع إصابات بشرية".

وكانت جريدة الوطن التابعة للنظام السوري قد قالت، اليوم الثلاثاء، إن "معبر أبو الزندين افتتح أمس الاثنين من طرف واحد فقط، إذ سُمح بالعبور من الجانب الذي تسيطر عليه مليشيات الإدارة التركية إلى الطرف المقابل، حيث مناطق الحكومة السورية"، مُشيرةً إلى أن "عدداً كبيراً من المسافرين والشاحنات اجتازت المنفذ نحو ريف حلب"، وأضافت أن "أنقرة أوعزت إلى مليشياتها بافتتاح منفذ (أبو الزندين) بريف حلب الشمالي الشرقي، مرة واحدة أسبوعياً في الاتجاهين، وذلك بعد تعذر افتتاحه على مدار شهرين ونصف شهر"، وزعمت الجريدة أن "أبو الزندين، وُضع فعلاً في الخدمة أمس الاثنين عن طريق ما يُسمى الشرطة العسكرية التابعة فعلياً للإدارة التركية وشكلياً لما تدعى الحكومة المؤقتة، التابعة لأنقرة"، مضيفة أن "الشرطة العسكرية تتولى حماية المنفذ مع مليشيا السلطان مراد المقربة من أنقرة، والتي أصدرت الأوامر بافتتاح المنفذ" وفق تعبيرها.

وكانت وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة قد أعلنت في 23 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي افتتاح معبر أبو الزندين أمام السوريين العائدين من لبنان، وقالت الوزارة وقتها، في بيان، إن افتتاح المعبر جاء بسبب "تفاقم الأوضاع الإنسانية التي يعاني منها السوريون في لبنان نتيجة للحرب، وازدياد أعداد الراغبين في الدخول إلى الشمال السوري، إضافة إلى الصعوبات والمضايقات التي تعرض لها النازحون في نقطة عون الدادات" الفاصلة بين مناطق سيطرة الجيش الوطني و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).

ويشهد المعبر منذ ذلك الحين احتجاجاً للأهالي من طرف المعارضة السورية، رفضاً لإعادة فتح المعبر بـ"حجة إدخال الحالات الإنسانية من النازحين السوريين القادمين من لبنان إلى مناطق سيطرة المعارضة"، مشددين نقلاً عن مصدر محلي من المنطقة، على أن "هدف الحكومة السورية المؤقتة من فتح المعبر، إعادة العلاقات التجارية مع النظام، وليس كما تدعي أنه أمام الحالات الإنسانية للنازحين السوريين الفارين من حرب لبنان".

المساهمون