قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي، ظهر اليوم السبت، المسيحيين الفلسطينيين والحجاج الأجانب الذين كانوا يحاولون الوصول إلى كنيسة القيامة في القدس للاحتفال بسبت النور، بعدما حاولوا اجتياز عشرات السواتر الحديدية التي أقامتها شرطة الاحتلال في ساحة الكنيسة وعلى جميع محاور الطرق في البلدة القديمة من القدس.
وبالتزامن مع بدء الكنائس الأرثوذكسية الثلاث احتفالاتها بسبت النور في كنيسة القيامة بالقدس، مُنع آلاف المسيحيين من المرور من تلك الحواجز، ما تسبب في تدافع كبير بين المحتجين وقوات الاحتلال التي اعتدت على عدد منهم، ومن بينهم حجاج أجانب في باحة الكنيسة الخارجية، ما أسفر عن حالة من الغضب والهيجان في صفوف المحتفلين الذين تمكّن عدد منهم من تجاوز جنود الاحتلال بالقوة.
وبينما كان المسيحيون المقدسيون يستعدون للاحتفال بسبت النور، وهي طقوس عادة ما تبدأ بإقامة صلوات خاصة، بدا المشهد منذ ساعات الصباح الأولى في البلدة القديمة من القدس مشابها تماما لما كانت عليه القدس القديمة أمس. وتدفق إلى القدس أمس عشرات الآلاف من المصلين المسلمين لإقامة صلاة الجمعة الأخيرة من رمضان، وسط تدابير عسكرية إسرائيلية مشددة ونشر مئات السواتر الحديدية. ونصب الاحتلال اليوم أيضا تلك الحواجز خاصة داخل البلدة القديمة المؤدية إلى كنيسة القيامة، ليمنع أعداداً كبيرة من الحجاج المسيحيين الأجانب والفلسطينيين المسيحيين من الوصول إليها، والذين قدموا إلى القدس من مدن رام الله وبيت لحم والناصرة.
وأغلقت شرطة الاحتلال الإسرائيلي، منذ صباح اليوم، مداخل البلدة القديمة في القدس أمام المصلين المسيحيين وأمام الصحافيين، باستثناء من حاز تصريحا خاصا من شرطة الاحتلال.
وكانت قوات الاحتلال قد شددت من التدابير والإجراءات الأمنية خلال فترة الأعياد الدينية، والتي تزامنت مع أحداث عيد الفصح للمسيحيين، وعيد الفصح اليهودي (7 أيام)، وشهر رمضان المبارك عند المسلمين.
وفي محاولة منها لمنع وقوع أحداث كتلك التي شهدها محيط كنيسة القيامة، حيث قمعت شرطة الاحتلال المصلين المسيحيين خاصة الشبان، أرسلت قوات الاحتلال عشرات البلاغات لشبان وناشطين مسيحيين من حارة النصارى بالقدس القديمة، حذرتهم من الاقتراب من الكنيسة، وطلبت منهم مغادرة البلدة القديمة إلى ما بعد غد الأحد، أي بعد انتهاء احتفالات سبت النور. وتشبه أوامر الإبعاد تلك التي تصدرها شرطة الاحتلال للمرابطين والمرابطات المسلمين عن المسجد الأقصى.
وتعقيبا على ذلك، دان "التجمع الوطني المسيحي" هذه الإجراءات التي تضاف إلى ما كانت أعلنت عنه شرطة الاحتلال من فرض قيود على دخول المسيحيين لكنيسة القيامة وحصر أعداد المحتفلين إلى أدنى حد.
وقال رئيس "التجمع"، ديمتري دلياني، لـ"العربي الجديد"، إن "إبعاد الشبان المسيحيين الناشطين عن القدس خلال فترة الأعياد هو إجراء تعسفي مُدان وغير مقبول، ولكنه متوقع في ضوء السياسات القمعية التي يتبعها الاحتلال الإسرائيلي".
وأضاف: "طلبت من نشطاء التجمع الوطني المسيحي في الأراضي المقدسة عدم الرد على أي اتصالات من أرقام لا تظهر أو أرقام مجهولة وغير مُسجّلة لديهم، وذلك خلال لقائنا الميداني يوم الخميس الماضي".
وقال دلياني إن "سياسة الإبعاد القسري، المؤقت والدائم، التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي عن القدس، هي إجراء إجرامي يتنافى مع القوانين والمواثيق الدولية والأخلاق الإنسانية. وما تمارسه دولة الاحتلال هو إمعان في الاضطهاد الديني، ويهدف إلى منع المصلين من الوصول إلى أماكن العبادة، لدرجة أنه يجبرهم على الابتعاد عن مدينتهم ومنازلهم".
وحول ما تشهده البلدة القديمة منذ الصباح من إجراءات حالت دون وصول آلاف من المسيحيين إلى كنيستهم حتى من يسكنون جوارها، قال دلياني "القدس تنبض بالغضب والحزن، بعدما حوّل الاحتلال الإسرائيلي القدس منذ صباح اليوم الباكر إلى ثكنة عسكرية وقطع طرق الوصول إلى كنيسة القيامة للاحتفال بيوم سبت النور".
وأضاف "كما لو أن هذا الإجراء القمعي غير كاف، فإن التضييقات التي يفرضها الاحتلال على حرية ممارسة العبادة، والتي تعتبر تجاوزاً خطيراً لأبسط القوانين والشرائع الإنسانية، تجاوزت ذلك للوصول إلى إصدار أوامر إبعاد احترازية خلال اليومين الماضيين، بحق نشطاء ميدانيين عن المدينة بأكملها."
ولفت دلياني إلى أنه "من واجب العالم أجمع الشعور بالقلق الشديد إزاء الطبيعة العنصرية لنظام الحكم في دولة الاحتلال الإسرائيلي، والتي تتجسد هذه الأيام في ممارسة الاضطهاد الديني تجاه كل من هو، وكل ما هو، غير يهودي".
وأشار دلياني إلى أن "التجمع الوطني المسيحي في الأراضي المقدسة عمل طيلة الأسبوع الماضي على حشد أكبر عدد ممكن من المصلين والمحتفلين بيوم سبت النور لتحدي القيود الاحتلالية الجائرة"، مؤكداً أن المُسبب الرئيسي للاضطهاد الديني وجميع الانتهاكات للحقوق الإنسانية والوطنية والدينية للمواطن الفلسطيني في مدينته القدس هو الاحتلال الإسرائيلي، وأن الشعب الفلسطيني لن يستسلم للإرادة العنصرية للمُحتل وسياساته.
يذكر أن الكنائس المسيحية المقدسية رفضت التعاطي مع إجراءات الاحتلال، وكذا التنسيق مع شرطة الاحتلال بشأن ترتيبات الاحتفال بسبت النور، فيما أصرت شرطة الاحتلال الإسرائيلية على تحديد عدد المصلين داخل كنيسة القيامة في حدود 1800 شخص من مختلف الكنائس الأرثوذكسية.