خسر حزب المحافظين الذي يتزعمه رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الأغلبية لصالح حزب العمال والليبراليين الديمقراطيين في دائرتين في انتخابات فرعية جرت أمس الخميس وتشكل اختباراً للاقتراع العام المقرر العام المقبل.
ولم تعد خسارة حزب "المحافظين" خبراً عاجلاً، إذ استبقت استطلاعات الرأي النتائج منذ، أمس الخميس، مبينة احتمال خسارته ثلاثة انتخابات فرعية في يوم واحد. لكن الخبر العاجل، قد يكون نجاته في واحدة من تلك الانتخابات حيث فاز على عكس التوقعات ومن "سخرية الأقدار" في منطقة أوكسبريدج/ ساوث روزليب التي باتت شاغرة بعد تنحّي الزعيم الأسبق بوريس جونسون الشهر الفائت.
وبذلك، نجا رئيس الوزراء ريشي سوناك من لقب "أول رئيس الوزراء منذ هارولد ويلسون عام 1968، يخسر 3 انتخابات فرعية في يوم واحد". إلا أن فوز المحافظين الضئيل في هذه المنطقة لم يغط على هزيمتهم المدوية في منطقة أخرى، حيث حقق حزب "العمال" المعارض انتصاراً تاريخياً متوقعاً في سيلبي/آينستي، من خلال فوز النائب العمّالي الشاب كير ماثر (25 عاماً) الذي سيصبح أصغر نائب في البرلمان.
وقلب ماثر الطاولة على أغلبية محافظة تبلغ 20 ألف صوتاً ليسجّل رقماً قياسياً من حيث حجم الأغلبية التي استطاع حزبه قلبها في انتخابات فرعية، وليعطي مؤشرات أكثر وضوحاً عن استعداده لخوض الانتخابات العامة المقبلة، لا بل والفوز بها أيضاً.
واعتبر ماثر أن فوزه "أعاد كتابة القواعد الخاصة بالمناطق التي يمكن لحزب العمال الفوز بها". ونقلت صحيفة "ذا غارديان" عن بعض أعضاء البرلمان المحافظين اعتقادهم بأن هزيمتهم في تلك المنطقة هي "نذير هزيمة كارثية في الانتخابات العامة القادمة".
وكما كان متوقعاً أيضاً، فاز الحزب الديمقراطي الليبرالي في سامرتون/ فروم منتزعاً المقعد من الحزب الحاكم بأغلبية 11008 أصوات، لـ"يعود بقوة إلى غرب البلاد" بحسب تعبير زعميه إد ديفي.
يُذكر أيضاً أن الديمقراطيين الليبراليين استحوذوا على أربعة مقاعد "محافظة" في الانتخابات الفرعية الخاصة بالبرلمان الحالي، بعد فوزهم عام 2021 في تشيشام وأمرشام وشمال شروبشاير، وفوزهم عام 2022 بتيفرتون وهونيتون.
وبالإضافة إلى خسارته المدوية في سيلبي/آينستي، يعاني الحزب الحاكم اليوم من خسارات عديدة، حيث إنه يتخلّف بعشرين نقطة عن حزب "العمال" المعارض وفقاً لاستطلاعات الرأي، في حين أن شعبية زعيمه ريشي سوناك تضاءلت إلى حد بعيد حتى بلغت ناقص 40 وهو أدنى معدل منذ توليه الزعامة في أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي. هذا عدا عن فشله في السيطرة على ارتفاع التضخم وتدهور الخدمات العامة، لا سيما القطاع الصحي والفوضى التي أحدثها الزعيم السابق جونسون وبعده ليز تراس.
كذلك جرت الانتخابات الفرعية الثلاث، أمس، على إيقاع الفضائح التي تسبّب بها أعضاء الحزب الحاكم. إذ جرت في أوكسبريدج/ساوث بعد استقالة الزعيم الأسبق جونسون مفضّلاً التنحي عن تعليق عضويته قسراً بعدما نشرت لجنة الامتيازات تقريرها الموعود والذي يؤكد حقيقة "تضليله المتعمد" للبرلمان أكثر من مرة. بينما جرت في سيلبي/آينستي بعد استقالة حليف جونسون نايجل آدمز احتجاجاً على عدم منحه مقعداً في مجلس اللوردات، وأما سامرتون/فروم التي فاز بها الحزب الديمقراطي الليبرالي فشهدت انتخابات فرعية بعد استقالة ديفيد واربورتون المتّهم بتعاطي الكوكايين وبالتحرّش الجنسي.
وعانى البريطانيون هذه السنة من تضخّم مفرط انعكس على قدرتهم الشرائية، وتزامنت انتخابات أمس الخميس مع إضراب ينفّذه عمال السكك الحديد وأطباء في نظام الضمان الصحي الذي يواجه أزمة. وتعاني الأسر من ارتفاع معدلات الفائدة في بلد نادراً ما تكون فيه الفوائد على القروض العقارية ثابتة.