وجّه انتقال الانتخابات الرئاسية التركية إلى جولة ثانية تُنظّم في 28 مايو/أيار الحالي، الأنظار إلى سنان أوغان الذي خاض الانتخابات الرئاسية في دورتها الأولى كمرشح عن تحالف "أتا" (الأجداد) وحصل على 5.17 في المائة من الأصوات. ويُعتبر أوغان عاملاً أساسياً في عدم حسم الاستحقاق الرئاسي من الجولة الأولى، وسيكون عنصراً مؤثراً في تحديد الرئيس المقبل للبلاد.
وسيتنافس في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التركية، الرئيس رجب طيب أردوغان عن الحزب الجمهوري الحاكم، ومرشح تحالف الشعب، زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كلجدار أوغلو، بعد إقصاء المرشح الثالث أوغان، الذي ستكون كتلته التصويتية من العوامل المؤثرة في نتيجة الجولة الثانية.
وفي الجولة الأولى، حصل الرئيس التركي على أصوات 26 مليوناً و133 ألفاً و837 ناخباً، فيما حصل كلجدار أوغلو على 24 مليوناً و594 ألفاً و932 ناخباً، والفارق بينهما مليون و538 ألفاً و905 أصوات. أما سنان أوغان فقد صوّت لصالحه 2 مليون و831 ألفاً و208 ناخبين.
آراء وأصوات
واستطلعت "العربي الجديد" آراء أتراك مقيمين في العاصمة أنقرة كانوا قد أعطوا أصواتهم للمرشح سنان أوغان في الجولة الأولى. وفي إجابته على سؤال: "ستعطي صوتك في الجولة الثانية لأردوغان أم لكلجدار أوغلو؟"، قال الشاب نامق دويغوجو إنه سيمتنع عن التصويت لأنه لا يرى كلا المرشحين مناسبين لرئاسة الجمهورية، مضيفاً: "انتخبت أوغان لأنه رجل قومي أصيل، فيما يتحالف أردوغان مع حزب الدعوة الحرة الكردي ذي الأسبقيات الإرهابية، وكذلك كلجدار أوغلو يتحالف مع حزب الشعوب الديمقراطي الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني الذي قتل الكثير من الأتراك".
أما خديجة فأكدت أنها ستنتخب أردوغان الذي يملك الكاريزما والقدرة على تحدي الدول الكبرى، وفق قولها. من جهته، رأى أوتكو شاهين أنه بعد عشرين سنة من حكم أردوغان آن الأوان للتغيير، لذلك هو يتجه لانتخاب كلجدار أوغلو على الرغم من عدم قناعته بشخصيته وذلك بعد خسارة أوغان.
حلمي داشديمير: الناخب الذي صوّت لأوغان ليس لديه انتماء حزبي
وبصفتها عضوة في حزب "الظفر" الشريك في تحالف "الأجداد"، أشارت آيلين أتاسيفر إلى أنها تتنظر قرار أوغان من سيدعم في الجولة الثانية. في حين تحقيق التحالف الجمهوري للأغلبية في البرلمان يدفع سامي غورماز لانتخاب أردوغان من أجل تحقيق الاستقرار لبلاده.
أظهر استطلاع رأي أجرته شركة "أوبتيمار"، شمل 3000 عينة، ما بين 17 و18 مايو الحالي، أن 25 في المائة من ناخبي أوغان سيصوتون لأردوغان، و25 في المائة سيختارون كلجدار أوغلو. وقال نحو 27.9 في المائة إنهم لم يحسموا قرارهم، و18.6 في المائة ذكروا أنهم لن يذهبوا لصناديق الاقتراع في الجولة الثانية، أما 3.6 في المائة فرفضوا الإجابة.
رئيس شركة "أوبتيمار" حلمي داشديمير، ذكر في مقال على موقع قناة "تي في 100"، أن نتائج الانتخابات أظهرت أن المرشح الذي يتلقى الدعم من حزب "العمال الكردستاني" وفتح الله غولن لن يفوز بالانتخابات، مشدداً على أن "القوميين" هم من سيحددون السياسة في الفترة المقبلة.
وأضاف أن هناك شيئاً مهماً لا يمكن إغفاله، وهو أن الناخب الذي صوّت لأوغان ليس لديه انتماء حزبي أو للمرشح، مشيراً إلى أن هناك فرقا ما بين أصوات "تحالف أتا"، ومرشح التحالف سنان أوغان. ونتيجة لذلك، مال نصف ناخبيه إلى التصويت لصالح أردوغان، والنصف الآخر لصالح كلجدار أوغلو، وفي ظل هذا التوزيع، فإن أردوغان سيكون هو الفائز في جولة الإعادة.
وكان أردوغان قد التقى أمس الأول الجمعة سنان أوغان، وذلك بعد ساعات من لقاء جمع كلجدار أوغلو مع زعيم حزب "النصر" أوميت أوزداغ مؤسس تحالف "أتا". وكان أردوغان قد قال في مقابلة مع قناة "سي أن أن"، أنه "لا يرى من المناسب أن تكون هناك مساومة مع أوغان"، ونقلت وسائل إعلام تركية أن أردوغان استمع إلى أوغان في اللقاء ومطالبه.
وكان سنان أوغان قد أعلن الثلاثاء الماضي، أنّه "منفتح على الحوار" مع كلا المرشحين للدورة الثانية. من جهته، قال أوزداغ عقب لقائه كلجدار أوغلو: "كانت لدينا أسئلة سألناها وحصلنا على أجوبة تفصيلية بحقها، وبناء عليها سنلتقي مع الجهات المسؤولة ونقيمها في التحالف وبقية الأحزاب ومع المرشح سنان أوغان". وأضاف: "خلال فترة قصيرة، سنعلن للرأي العام أفكارنا".
من جهته، أعرب الباحث في كلية الإعلام والاتصال بجامعة مرسين، نورالدين انفر، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن اعتقاده بعدم سيطرة أوغان على ناخبيه، خصوصاً أن جزءاً أساسياً منهم هم أصوات احتجاجية ليسوا مترابطين بشكل فعلي به، ما يعني أنه لا يمكن الرهان كثيراً على قدرته على توجيه كل ناخبيه.
نوري الدين انفر: كلجدار أوغلو لا يستطيع التخلي عن حزب "الشعوب الديمقراطي"
وأشار إلى أن هناك عوامل لصالح أردوغان في صعود أوغان، أبرزها أن كتلته القومية أكثر بعداً عن حزب الشعب الجمهوري بسبب علاقة الأخير القوية على مستوى الحزب والمرشح مع السياسة الكردية، وبالتالي قد يمنح ذلك أردوغان بعض أصواتهم بما يلزم للفوز حتى ولو لم يحصل على تأييده.
تشتت أصوات أوغان
ورأى انفر أن أصوات المرشح أوغان ستتشتت إلى ثلاثة أقسام: قسم لن يذهب إلى الانتخابات، وقسم سينتخب أردوغان، وثالث سينتخب كلجدار أوغلو.
ولفت إلى أن كلجدار أوغلو لا يستطيع التخلي عن حزب "الشعوب الديمقراطي" الكردي الذي أمّن له تقريباً 10 في المائة من الأصوات من أجل الحصول في المقابل على 5 في المائة من أصوات أوغان في جولة الإعادة، لذلك المعادلة تبدو صعبة للغاية.
من جهتها، ذكرت الكاتبة التركية ناغيهان ألجي أن من لديه شعور العداء لأردوغان وحزب العدالة والتنمية من ناخبي أوغان، قد يذهب ليصوت لصالح كلجدار أوغلو الذي قد تزيد نسبته إلى نقطتين، أما أولئك الذين لديهم عداء مع حزب "الشعوب الديمقراطي" الكردي، ولديهم شعور القومية التركية فإنهم سيصوتون لأردوغان، أو لن يذهبوا إلى صناديق الاقتراع، وهذا يعني إضافة 2 إلى 2.5 نقطة لصالح أردوغان في جولة الإعادة.
وأوضحت في مقال لها بصحيفة "خبر ترك"، أنه وفقاً لهذه المعطيات، فإن النتيجة لن تتغير، ولا يستطيع أوغان سحب نسبة الـ5 في المائة بأكملها لصالح أحد المرشحين، ولذلك فإنه ليس فاعلاً سياسياً رئيسياً في جولة الإعادة.