الانتخابات الرئاسية الجزائرية... تكتل غالبية التيار الإسلامي خلف حساني

25 اغسطس 2024
عبد العالي حساني بتجمّع انتخابي في الجزائر العاصمة، 15 أغسطس 2024 (بلال بنسالم/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **مشاركة الإسلاميين في الانتخابات**: منذ 1995، لم يغب الإسلاميون عن الانتخابات الرئاسية الجزائرية إلا في 2014. في الانتخابات المقبلة، قدموا مرشحهم عبد العالي حساني، رئيس حركة مجتمع السلم، الذي جذب الانتباه بخطابه وحضوره.

- **دعم الكتل الإسلامية لحساني**: دعمت عدة كتل إسلامية حساني، بما في ذلك حركة النهضة، جبهة العدالة والتنمية، وكتلة من الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة، بالإضافة إلى شخصيات ونشطاء إسلاميين غير منتظمين.

- **انقسام الإسلاميين بين السلطة والمعارضة**: رغم الدعم الكبير لحساني، انقسم الإسلاميون بين دعمه ودعم الرئيس المرشح عبد المجيد تبون، مما أبرز الفرق بين "إسلاميي السلطة" و"إسلاميي المعارضة".

منذ الانتخابات الرئاسية الجزائرية الأولى التي شارك فيها أكثر من مرشح في عام 1995، لم يغب الإسلاميون عن المنافسة على منصب الرئاسة إلا في عام 2014 بسبب ظروفها، المتمحورة حول رفض العهدة الرابعة بسبب مرض الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة. وفي الانتخابات الرئاسية الجزائرية المقررة في السابع من سبتمبر/ أيلول المقبل، قدّم الإسلاميون مرشحهم، وهو رئيس حركة مجتمع السلم عبد العالي حساني، الذي لم يكن بارزاً بالقدر اللازم على الساحة السياسية والإعلامية، لكنه فاجأ منذ بداية الحملة الانتخابية بحضور وخطاب لافت، ساعد على تجميع الإسلاميين حوله لدعمه في هذا الاستحقاق.

الانتخابات الرئاسية الجزائرية والغالبية الإسلامية

أكثر ما برز في صورة العامة في هذه الانتخابات الرئاسية الجزائرية، مؤشرات تمايز الكتلة الغالبة من الإسلاميين باتجاه تشكيل حزام انتخابي لصالح المرشح الإسلامي. وبخلاف الاستحقاقات السابقة، أعلنت أكثر من كتلة إسلامية، منتظمة أو غير منتظمة، دعم رئيس حركة مجتمع السلم عبد العالي حساني، في تطور سياسي لم تعهده خريطة الانتخابات الرئاسية الجزائرية في السابق، التي كان الإسناد السياسي فيها للمرشحين مختلفاً في سياقاته ومنطلقاته. وربما أعطى هذا التطور اللافت ملامح عودة تشكل المشهد السياسي في الجزائر، نحو تقارب على أساس المرجعيات السياسية والأيديولوجية.


محمد دويبي: التقارب الفكري هو الدافع الرئيسي لدعم حساني في الانتخابات الرئاسية الجزائرية

مع العلم أن الساحة السياسية في البلاد شهدت خلال العقدين الماضيين، حالة من التداخل بين التيارات السياسية، نتيجة تجربة خيارات التوافق والشراكات السياسية التي لم تكن منسجمة في الكثير من المواقف والمحطات مع المرجعيات الأساسية لكل فريق سياسي. وحصل ذلك إما بسبب الاستحقاقات السياسية التي استدعتها ظروف ما بعد الأزمة الأمنية التي شهدتها البلاد في عقد التسعينيات ومتطلبات التنازل لمعالجة آثار المأساة الوطنية، وإما بسبب نجاح السلطة في استقطاب كل التيارات، إلى درجة لم تعد فيها الخطوط الفاصلة بين التيارات المشكلة للمشهد الجزائري واضحة بالقدر المطلوب.

حركة النهضة (إسلامية) أعلنت في بيان لها دعمها لحساني في الانتخابات الرئاسية الجزائرية، وذلك وفقاً "لإعلان مبادئ التنسيق الانتخابي بين الحركتين، تحقيقاً لهدف الارتقاء بالفعل السياسي بين الفاعلين السياسيين وتفعيل دورها في الساحة الوطنية، وكذا إعادة الأمل لشريحة واسعة من المجتمع الجزائري في مستقبل وضرورة العمل السياسي". وانخرطت قيادات الحركة وقواعدها بقوة في الحملة الانتخابية لصالح حساني. في المقابل، لم تعلن جبهة العدالة والتنمية الإسلامية أيضاً، بقيادة عبد الله جاب الله، بشكل رسمي دعم حساني، إثر فشل المشاورات السياسية معه حول نوعية سقف الخطاب المعارض في الحملة الانتخابية. مع ذلك، فإن كوادر "العدالة والتنمية" البارزين وقواعدها، أيدت حساني عبر الإسهام في حملته الانتخابية. كذلك، فإن كتلة واسعة من الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلّة (محظورة النشاط منذ مارس/آذار 1992)، دعمت رئيس حركة مجتمع السلم، في ظلّ تعهداته السياسية بتطوير مسار المصالحة الوطنية ومعالجة كل آثار المأساة الوطنية التي شهدتها الجزائر في التسعينيات.

وبالإضافة إلى هذه القوى المنتظمة، فإن كتلة من الشخصيات والنشطاء المحسوبين على التيار الإسلامي غير المنتظمين، أطلقوا ما أسموها "المبادرة الوطنية لدعم المرشح عبد العالي حساني". ووقع في البداية أكثر من مائة شخصية على المبادرة، بينهم وزراء وعسكريون وقضاة سابقون وأكاديميون وأساتذة جامعات وأطباء. ووصف قائد المبادرة، فاتح ربيعي، الخطوة بأنّ "من شأنها أن تفتح آفاقاً للتعاون والتنسيق في القضايا بين أبناء التيار الواحد، بما يعزز الثوابت ويصون المرجعية الوطنية، ويعود بالنفع على البلاد والعباد"، مضيفاً: "نسعى من خلال هذا الجهد لتقوية المشتركات وتعزيز دوائر اللقاء".

أما رئيس حركة النهضة، محمد دويبي، فرأى أن التقارب الفكري هو الدافع الرئيسي لدعم حساني في الانتخابات الرئاسية الجزائرية المقبلة، مشيراً في حديثٍ لـ"العربي الجديد" إلى أنه "نحن في حركة النهضة تعاملنا مع هذا الاستحقاق من منطلق هذه المسؤولية. وهذه المرة احتكمنا في موقفنا وخيار دعمنا للمرشح عبد العالي حساني، إلى الأسباب والدوافع المرتبطة أساساً بالمرجعية الفكرية والسياسية لكلتا الحركتين، مجتمع السلم والنهضة وانتمائها إلى مدرسة الوسطية والاعتدال، وإلى موقع الحركتين باعتبارهما معارضة في الساحة الوطنية، وللعمل على تثبيت موقع تيار الوسطية والاعتدال في الساحة السياسية الوطنية وعلى تقوية وعائه الانتخابي، فضلاً عن مضمون برنامج فرصة الذي يقترحه".


عبد الباسط خليفة: وجود تكتل للإسلاميين مؤشر إيجابي للسياسة الجزائرية

معسكران إسلاميان

لكن الإسلاميين في هذه الانتخابات ليسوا متحدين خلف حساني، إذ إن حركة البناء الوطني، المنشقة قياداتها عن الحركة الأم لإخوان الجزائر (حركة مجتمع السلم)، والتي رفضت وصفها بالحزب الإسلامي، اختارت في الانتخابات الرئاسية الجزائرية المقبلة موقعاً سياسياً معاكساً، عبر الانضمام إلى حزام الأغلبية النيابية الداعم للرئيس المرشح عبد المجيد تبون، على الرغم من النضال السياسي السابق الذي جمع قيادات الحركة بحساني في الحركة الأم، لا بل إن تلاسناً سياسياً حصل قبل أيام بين الطرفين على خلفية تصريح رئيس حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرينة، في أن الانتخابات محسومة لصالح تبون وأن المنافسين الآخرين، الإسلامي حساني السكرتير الأول لـ"جبهة القوى الاشتراكية" يوسف أوشيش، مصيرهما التنافس على المرتبة الثانية، وهو ما وصفه حساني بأنه "خطاب كراهية".

وبقدر ما أوحت الانتخابات الرئاسية الجزائرية المقبلة بأنها بصدد التأسيس لتقارب إسلامي آيل إلى التحول إلى تحالفات في الاستحقاقات السياسية أو الانتخابية المقبلة، على غرار الانتخابات النيابية المقبلة (في عام 2026 مبدئياً)، فإنها أحدثت فرزاً واضحاً بين "إسلاميي السلطة" و"إسلاميي المعارضة"، وهو ما أوضحه الباحث في شؤون التنظيمات السياسية، عبد الباسط خليفة في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، بالقول إن "هناك فعلاً تكتلاً للإسلاميين، وطبعاً إن هذا الأمر مؤشر إيجابي بالنسبة إلى الساحة السياسية الجزائرية، لأنه يساعد في النهاية على فرز المشاريع والتصورات، ويعيد ترتيب الأسر السياسية في الجزائر على هذا الأساس. ويمكن أن نلاحظ أنه في هذه المرحلة الانتخابية التي حصل فيها الفرز السياسي، ظهر الفرق بين كتلة غالبة من الإسلاميين أخذت مسافة من السلطة ومشروعها السياسي الذي يعبّر عنه الآن الرئيس المرشح عبد المجيد تبون، وبين كتلة أقل اختارت الاندماج في خيارات السلطة وتبون".