تلوح في الأفق أزمة داخل صفوف قوى اليسار الفرنسي قبل نحو أربعة أشهر من الانتخابات الرئاسية، مع رفض حزبي الخضر والشيوعي اقتراح مرشحة الحزب الاشتراكي للانتخابات الرئاسية، عمدة مدينة باريس آن هيدالغو، إجراء انتخابات تمهيدية لاختيار مرشح واحد يخوض الانتخابات باسم قوى اليسار.
وقال سكرتير حزب الخضر جوليان بايو، اليوم الخميس، إن اقتراح هيدالغو "منافٍ للمنطق، ولن ينجح أبداً".
وأضاف بايو، خلال مقابلة على قناة "فرانس إنفو"، إن "مرشح الخضر يانيك جادو لن يذهب إلى هذا الخيار، لأننا بالفعل أجرينا انتخابات تمهيدية داخل حزبنا"، كما فعلت كل الأحزاب قبل الإعلان عن مرشحيها.
واتهم بايو عمدة باريس بأنها "ترتجل، وتحاول الخروج من المأزق الذي وجدت نفسها فيه بإعلان ترشحها للانتخابات".
انتقاد حزب الخضر، الحليف لهيدالغو خلال الانتخابات البلدية الأخيرة في العاصمة باريس، فتح باب السجال، ليرد السكرتير الأول في الحزب الاشتراكي أوليفيه فور على الاتهام الذي وجهه بايو لهيدالغو بـ"أنها ترتجل" فكرة الانتخابات التمهيدية، بقوله إن "الانتخابات الرئاسية تهيمن عليها إلى حد كبير مواضيع اليمين المتطرف"، لذلك كان من الضروري اقتراح حل لمواجهة هذا السيناريو.
وأضاف فور: "إنها ليست دعوة استغاثة، وإنما هي وعي جماعي ضروري".
لكن في المقابل، انضمت أحزاب أخرى لبايو لوضع نهاية لما يقترحه الاشتراكيون قبل أن يصبح نقاشاً جدياً، مثل الحزب الشيوعي، الذي قال مرشحه للانتخابات الرئاسية فابيان روسيل إن "هناك اختلافات كبيرة بيننا جميعاً".
وأضاف روسيل، في مقابلة على قناة "بي أف أم"، إن "اقتراح تنظيم انتخابات أولية لليسار صاغته آن هيدالغو لتسمية مرشح واحد للانتخابات الرئاسية، ليس حلاً".
من جهته، قال النائب عن حزب "فرنسا غير الخاضعة" إريك كوكريل، إن هيدالغو "لا تستطيع أن تقدم لنا الآلة الخاسرة مثلما جرى في انتخابات عام 2016"، في إشارة إلى انسحاب مرشحي أحزاب قوى اليسار لمصلحة مرشح الحزب الاشتراكي بنوا هامون، إذ لم يؤثر ذلك على نتيجة الانتخابات التي انحصرت المنافسة بها في الجولة الثانية بين الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، وزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان.
وكان آخر استطلاع رأي أجرته "إيبسوس" لصالح "فرانس إنفو" وصحيفة "لو باريزيان"، قد أشار، أمس الأربعاء، إلى أن إيمانويل ماكرون يتصدر نوايا التصويت في الجولة الأولى من الانتخابات بحصوله على 25 في المائة، فيما يتقاسم المركز الثاني كل من مرشحة اليمين الوسطي فاليري بيكريس، ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، بـ16 في المائة، يليهما المرشح اليمين المتطرف إيريك زيمور بحصوله على 14 في المائة من نوايا التصويت، في حين حصل مرشح حزب "فرنسا غير الخاضعة" جان لوك ميلانشون على ثمانية في المائة، تلاه مرشح "الخضر" يانيك جادو بنسبة 7 في المئة، ومرشحة الحزب الاشتراكي آن هيدالغو بنسبة 5 في المائة.
وبالتوازي، جرى جزء من هذا الاستطلاع حول هوية المرشح الذي يمثل يمين الوسط الجمهوري في الانتخابات الرئاسية، فنالت بيكريس المرتبة الأولى بنسبة 35 في المائة، تلاها ماكرون بـ26 في المائة، وحلت لوبان ثالثة بنسبة 18 في المائة، ورابعاً إيريك زيمور بـ15 في المائة.
وأشار الاستطلاع إلى أن أكثر من ثلث الفرنسيين يعارضون انسحاب مرشح "الخضر" يانيك جادو لصالح آن هيدالغو أو العكس. فبالنظر إلى الجولة الأولى، يعتقد 37 في المائة من الفرنسيين أنه لا يوجد سبب لانسحاب أحدهما لمصلحة الآخر، باعتبار أن لكل منهما برنامجه وأفكاره.