الانتخابات الرئاسية في تونس: إقصاء مرشحين محتملين بأحكام قضائية

06 اغسطس 2024
عبد اللطيف المكي يتحدث في مؤتمر صحافي، 21 مارس 2020 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **أحكام قضائية مثيرة للجدل**: قضت محكمة تونسية بالسجن والحرمان من الترشح مدى الحياة على عدة مرشحين محتملين للانتخابات الرئاسية، بينهم عبد اللطيف المكي ونزار الشعري، بتهمة افتعال التزكيات وتقديم عطايا للتأثير على الناخبين.

- **ردود فعل واستنكار**: استنكر محامو المتهمين الأحكام الصادرة دون علمهم، واعتبر نائب رئيس حزب العمل والإنجاز الحكم فضيحة، مشيراً إلى محاولات لإقصاء المرشحين الجديين.

- **مواقف المعارضة**: نددت جبهة الخلاص الوطني المعارضة بانحراف الاستحقاق الانتخابي واستخدام مؤسسات الدولة لإقصاء المرشحين، داعية إلى توحيد المواقف لمواجهة هذه التطورات.

قضت الدائرة الجناحية الصيفية في تونس، مساء الاثنين، بالسجن لمدة ثمانية أشهر في حق كل من عبد اللطيف المكي ونزار الشعري ومحمد عادل الدو مع الحرمان من الترشح مدى الحياة، وذلك على ذمة ما سمي بقضية افتعال التزكيات الخاصة في الانتخابات الرئاسية في تونس وتقديم عطايا قصد التأثير على الناخب.

وقالت إذاعة موزاييك الخاصة إن هيئة الدائرة المتعهدة قضت أيضاً بالسجن للمدة نفسها، أي ثمانية أشهر، مع الإكساء بالنفاذ العاجل بحق المرشحين المحتملين لخوض الانتخابات الرئاسية في تونس مراد المسعودي وليلى الهمامي باعتبار أنهما محالان بحالة فرار.

وبخصوص المتهمين الموقوفين من أعضاء الحملة الانتخابية لكل من نزار الشعري وعبد اللطيف المكي، فقد قضي في حق ثلاثة منهم بالسجن لمدة ثمانية أشهر وبالسجن لمدة عامين في حق المتهم الرابع.

وأكد عضو هيئة الدّفاع عن المتهمين في قضية التزكيات مختار الجماعي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنهم لم يتسلموا الحكم بصفة رسمية ولم يكن ذلك في جلسة علنية، ولكنهم سمعوا بهذا الحكم من عدة مصادر متطابقة "وقد يكون كارثة كبرى في تاريخ القضاء".

وأوضح الجماعي أن "قرار السجن والحرمان من الترشح مدى الحياة شمل عدة مرشحين، وهم رئيس حزب العمل والإنجاز عبد اللطيف المكي ونزار الشعري والقاضيان مراد المسعودي وليلى الهمامي والمرشح عادل الدو، أي خمسة مرشحين".

ولفت إلى أن "الملف دخل المحكمة الجمعة صباحاً وخرج من عند وكيل الجمهورية عند الساعة الثانية بعد الزوال، واليوم تم الاستنطاق في المحكمة، وبالتالي لم يتمكنوا من الاطلاع على الملف وأدنى الطلبات من هيئة الدفاع كانت طلب التأخير"، وبين أنه "بعد تلقي طلبات المحامين والاستنطاق قررت المحكمة حجز الملف لتعيين جلسة وليس لإصدار حكم".

وتابع أن "القرار مفاجئ، لأنه تم في وقت سابق الإبقاء على المكي والشعري بحالة سراح، واعتُبر مراد المسعودي وليلى الهمامي بحالة فرار، وهما قاضيان يتمتعان بحصانة"، مؤكداً أن "الحكم حضوري وسيتم الاستئناف غداً".

كذلك، استغرب نائب رئيس حزب العمل والإنجاز أحمد النفاتي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، الحكم المتداول في وسائل الإعلام على المكي وعدد من المرشحين الآخرين، مبينا أن "المحامين طلبوا تأجيل الجلسة حتى يتم الاطلاع على الملف، لأنهم لم يطلعوا بعد على ملف وحيثيات القضية، والمحكمة قبلت طلب التأجيل، وأعلنت أنه سيتم النظر في تحديد الموعد الجديد". وشدد النفاتي على أن "هذا كله مدوّن في محضر رسمي ويتضمن تحديد موعد آخر سيكون إما الاثنين أو الخميس المقبلين".

وأكد أنه "لم يتم النظر في ملف القضية اليوم بتاتا ولم يترافع المحامون وقبلت المحكمة طلب التأجيل، وأغلق الملف وغادر الجميع المحكمة على ذلك". وتابع النفاتي "فوجئنا بالخبر الذي تتداوله وسائل الإعلام ولا نعلم مدى صحته، وسيتم غدا الاطلاع على صحته عبر المحامين".

وأضاف النفاتي "لم نطلع على حكم أو قرار مكتوب، وبالتالي لا يمكن التعليق عليه"، مستدركا "لو صح الخبر فهي فضيحة مدوية لتونس، بإبعاد كل المرشحين الجديين، وخاصة الدكتور عبد اللطيف المكي، الذي بدأت تتهاطل القضايا والعراقيل عليه منذ أول أيام إعلانه الترشح وتم سجنه سجنا سياسيا (قيد الإقامة الجبرية)، فلا يمكنه مغادرة منزله ومنع من التواصل مع الناس لجمع التزكيات".

وتابع في هذا السياق: "رغم كل هذه العراقيل استكمل المكي جمع التزكيات وتجاوز العدد المطلوب، وأعلنّا أنه سيتم، الثلاثاء، تقديم ملفه كاملا، ولكن ما راعنا أن سمعنا هذا الخبر الذي نتمنى ألا يكون صحيحا لأنه سيكون عارا على تونس، لأن المحكمة قبلت التأجيل ولكن إذا تم إصدار حكم على شخص دون علمه ودون الدفاع فهو عار".

وفي السياق، أكد المرشح عماد الدايمي، الاثنين، أن وزارة الداخلية لم تمنحه البطاقة عدد 3 (شهادة النقاوة من السوابق العدلية). وقال الدايمي (شغل منصب مدير ديوان الرئيس الأسبق، منصف المرزوقي)، في تدوينة على صفحته بفيسبوك: "وصلتني مراسلة وزارة الداخلية التي تؤكد قرار الوزارة حجب البطاقة عدد 3 عني، دون انتظار الأوراق الجديدة التي طلبوها يوم الجمعة". وأضاف: "نية الإقصاء والاستبعاد من السباق واضحة وجليّة، وخاصة أنهم يعلمون أننا استكملنا التزكيات الشعبيّة وملفّنا مكتمل وجاهز للإيداع".

واعتبر الدايمي أن هذا "فضيحة دولة وفصول جديدة متصاعدة من التلاعب بالعملية الانتخابية ورهن البلاد لأجل بقاء شخص فاشل على رأس الدولة وإقصاء كل المنافسين الجديين له. هو يحاول بأقصى جهوده أن يقتل الأمل في التغيير في نفوس الناس، ولكن التغيير قادم لا محالة ولن تنجح كل محاولات التعطيل في وأده".

"الخلاص الوطني": انحراف بالاستحقاق الانتخابي

ومن جهتها، نددت جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس بما وصفته بـ"الانحراف بالاستحقاق الانتخابي وتحويله من مناسبة لتجديد الشّرعيّة والتّنافس بين البرامج إلى محطّة لإقصاء المترشّحين والتّنكيل بهم باستخدام مقدّرات الدّولة ومؤسّساتها وأجهزتها". وأصدرت الجبهة بياناً حول ما اعتبرته "سابقة قضائيّة تاريخيّة" بسبب استبعاد مرشحين للانتخابات. وقال البيان "شهدت المحكمة الابتدائيّة بتونس، يوم أمس الاثنين، حدثاً بالغ الخطورة جسّد بوضوح وضع السّلطة القائمة يدها على القضاء بشكل كامل، فقد مثل ثلاثة من المترشّحين للانتخابات الرّئاسيّة، وهم الدكتور عبد اللطيف المكّي والسّيدان نزار الشّعري ومحمد عادل الدّو أمام الدائرة الجناحيّة الصّيفيّة الثانية بعد استدعائهم بشكل استعجالي، مساء الجمعة، وخارج الدّوام الإداري، وبعد اختلاء الهيئة للمفاوضة في خصوص مطالب الإفراج عن بعض الموقوفين من أعضاء حملات المترشّحين وتحديد موعد للجلسة القادمة (وليس التّصريح بالحكم)، فوجئ الجميع بتداول وسائل الإعلام لنصّ حكم يقضي بالسّجن لمدّة ثمانية أشهر للمترشّحين ومساعديهم وحرمان المترشّحين من الحقّ في التّرشّح مدى الحياة".

واعتبرت الجبهة "هذا الحكم الظّالم دليلاً إضافيّاً على هيمنة السّلطة التّنفيذيّة على القضاء وتوظيفه لإقصاء منافسيها استكمالاً للمضايقات الأمنيّة والتّعطيلات الإداريّة، وصولاً لانتخابات شكليّة لا منافسة فيها ولا أفق للتّداول على السّلطة"، مؤكدة أن "الأحكام الصّادرة، تعتبر تدحرجاً خطيراً في مسار تدجين القضاء وصل حدّ إلغاء حقّ الدّفاع وإنكار العدالة"، ولفتت انتباه الرّأي العام إلى "المؤشّرات الخطيرة الموحية بعودة وزارة الدّاخليّة إلى الممارسات التي ثار ضدّها الشّعب التّونسيّ من قبيل مماطلتها في تسليم وثائق إداريّة لأغلب المترشّحين ورفضها تسليمها لبعضهم ساعات قبل غلق باب الترشّح".

كما أشارت إلى "تحوّل هيئة الانتخابات من هيئة مستقلّة محايدة تقف على المسافةنفسها من جميع المترشّحين، حرصاً على انتخابات شفّافة ونزيهة، إلى أداة في يد السّلطة التّنفيذيّة التي عيّنت رئيسها وأعضاءها، تغضّ الطّرف عن استعمال مقدّرات الدّولة في الحملة في الوقت الذي يستثيرها مجرّد تصريح ناقد فتسارع بملاحقة المعارضين السّياسيّين ومن أعربوا عن نيّة التّرشّح فضلاً عن التّنبيهات اليوميّة على وسائل الإعلام النّاقدة لممارساتها". ودعت الجبهة "جميع المترشّحين المؤمنين بالدّيمقراطيّة والرّافضين للحكم الفرديّ إلى توحيد مواقفهم وتحيينها على ضوء التّطوّرات الخطيرة التي يشهدها مسار الترشّحات"، كما دعت "هياكل مهنة المحاماة إلى الوفاء لتاريخها النّضالي ورفض ما يتعرّض له المحامون من انتهاكات تكاد تعصف بحقّ الدّفاع وتأتي على مكتسبات المحاماة في الدّفاع عن الحقوق والحرّيات".