الانتخابات العراقية 2021: أكثر من ثلثي النواب السابقين خسروا مقاعدهم وتنافس على كسب صف المستقلين
أظهرت النتائج الأولية التي أعلنتها المفوضية المستقلة للانتخابات، خسارة أكثر من ثلثي النواب الحاليين لمقاعدهم في البرلمان العراقي المقبل، وهي النسبة العليا من بين كل الانتخابات التي أجريت في البلاد منذ عام 2006، ما يعني أن هذه النسبة ستشغل من قبل نواب جدد، من بينهم نحو 40 وجها جديدا في العمل السياسي دخلوا بصفة مدنيين ومستقلين.
وتعمل القوى التقليدية بالوقت الحالي على استقطاب النواب المستقلين الذين فازوا في الانتخابات العراقية 2021 بهدف ضمهم إلى كتلها البرلمانية، ضمن سباق جمع أكبر عدد من المقاعد للحصول على أفضلية بالتفاوض في تشكيل الحكومة وتوزيع المناصب ضمن عُرف المحاصصة الطائفية والحزبية المعمول به منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003.
وكشفت مصادر سياسية في بغداد، اليوم الأحد لـ"العربي الجديد"، عن تقديم بعض الكتل ما وصفه بـ"مغريات لعدد من النواب المستقلين للانضمام إليها مقابل مبالغ مالية ضخمة"، لم يحددها.
وقال نائب بارز في البرلمان المنتهية ولايته لـ"العربي الجديد"، مفضلا عدم ذكر اسمه، إن "ظاهرة كسب المستقلين من قبل القوى الكبرى طاولت أيضا مدن إقليم كردستان العراق وليس على مستوى القوى العربية في بغداد فقط"، معتبرا أن هذا السعي يشي بأن القوى الرئيسة تحاول الآن ترتيب أوضاعها وتعويض خسارتها بأي شكل من الأشكال.
ولفت إلى أن المستقلين المدنيين ما زالوا محافظين على وضعهم ويتمسكون بالانضمام قريبا إلى التكتل المدني الذي يجري تأسيسه من قبل زعيم حركة "امتداد" علاء الركابي.
ومع ترقب انتهاء مفوضية الانتخابات من حسم الطعون الانتخابية التي قدمها الرافضون لنتائج الانتخابات تمهيدا لإرسال النتائج إلى القضاء للمصادقة عليها لتكون نافذة دستوريا، يؤكد مراقبون أن البرلمان المقبل سيكون مختلفا من ناحية أن أكثر من ثلثي أعضائه البالغ عددهم 329 عضوا، هم جدد وأن نحو نصف هؤلاء سيدخل البرلمان لأول مرة.
وكان لافتا في هذه الانتخابات أيضا فوز أكثر من 90 امرأة في البرلمان الجديد متجاوزات الكوتا الخاصة بالنساء وعددها 83 مقعدا للنساء، حيث سجلت أكثر من 20 دائرة انتخابية فوز النساء بمقعدين من أصل 3 مقاعد أو أربعة مخصصة للدائرة الواحدة.
وقالت عضو مجلس أمناء مفوضية الانتخابات، يسرى كريم محسن، في وقت سابق إن المرأة العراقية تمكنت من الفوز بـ 97 مقعدا بزيادة 14 مقعدا عن الكوتا المخصصة للنساء من بينها فائزتان من الأقليات الدينية.
ومن أصل 329 نائبا في البرلمان السابق لم يفز منهم غير 64 نائبا، بينما سيتعين على النواب الـ265 الآخرين التوجه نحو التقاعد كما ينص القانون العراقي بمعاملة عضو البرلمان المنتهية ولايته كالموظف المحال على التقاعد.
برلمان المفاجآت
المرشح الفائز بالانتخابات، حسين عرب، توقع أن تحدث هذه النسبة للنواب الجدد تغييرا واضحا بسياقات عمل البرلمان التي اعتاد العراقيون عليها، مبينا في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "كتلا عديدة لم تعد ترشيح نوابها السابقين" وأن كتلا أخرى "أخفق مرشحوها من النواب السابقين وفاز آخرون من الوجوه الجديدة للشارع وهذا التغيير ينبئ بأنه لن يكون بالوجوه فقط بل حتى في سياقات العمل البرلماني ولو بنسبة محددة".
وأوضح أن "النواب السابقين كانوا مع توجهات كتلتهم السياسية بنسبة 100 بالمائة، أما الآن فحصلنا على نواب داخل الكتل، بفكر جديد ورؤى مختلفة، ما سيقود لتغيير بنسبة ما".
وتحدث عن وجود 40 نائبا مستقلا من الوجوه الجديدة فازوا بالانتخابات، وهؤلاء سيكون لهم "تأثير كبير داخل البرلمان، وحضور فاعل، لأنهم سيحاولون إثبات وجودهم، على الرغم من أنهم سيواجهون صعوبات في التعامل مع القوى السياسية والأحزاب، لكن بكل الأحوال فالبرلمان المقبل سيكون برلمان المفاجآت".
من جهته، أكد النائب في البرلمان الأسبق، صادق المحنا، أن "خسارة أعضاء البرلمان السابق لمقاعدهم كانت متوقعة، لأن السياسات السابقة للأحزاب كان هدفها بناء نفسها واقتصادها وأجنداتها بعيدا عن مصلحة المواطن، فكانت ردة فعل المواطن متوقعة واختار الوجوه الجديدة"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن "الوجوه الجديدة لحد اللحظة، سيما المستقلون منهم، لم يطرحوا أي برنامج سياسي وخدمي".
وأشار إلى أن "هؤلاء المستقلين سيتعرضون لمساومات ومحاولات ابتزاز وشراء الأصوات من قبل الأطراف الأخرى التي تريد أن تفرض نفسها على عمل البرلمان"، مضيفا: "مع ذلك نأمل بالتغيير خاصة أن أغلب النواب الجدد متحررون من سطوة الأحزاب".
وأكد أن "الكثير منهم غير مؤهل للدخول في الصراعات العميقة مع الأحزاب المتمرسة في العمل السياسي داخل البرلمان، لكن لا يعني ذلك غياب الوعي التام لديهم"، مشددا بالقول: "عليهم أن لا ينجرفوا نحو المطامع والمغانم الخاصة".