دعا بابا الفاتيكان فرنسيس، اليوم الخميس، المسؤولين اللبنانيين إلى ضرورة التكاتف للخروج من الأزمات التي يواجهها لبنان، وانتخاب رئيس جديد للبلاد، في ظلّ الشغور المستمرّ منذ 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2022.
وتأتي دعوة البابا فرنسيس خلال خلوة عقدها، اليوم الخميس، مع رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، نجيب ميقاتي، في الفاتيكان، جدّد فيها "إيمانه الراسخ بالرسالة التي يؤديها لبنان من خلال التعددية الثقافية والدينية التي تميّزه وتجعله فريداً في المنطقة"، وذلك بحسب ما أشار بيان صادر عن مكتب ميقاتي الإعلامي.
1/9 جدد قداسة البابا فرنسيس"ايمانه الراسخ بالرسالة التي يؤديها لبنان من خلال التعددية الثقافية والدينية التي تميزه وتجعله فريدا في المنطقة".
— رئاسة مجلس الوزراء 🇱🇧 (@grandserail) March 16, 2023
وشدد على "ضرورة التكاتف بين المسؤولين اللبنانيين للخروج من الازمات التي يواجهها لبنان وانتخاب رئيس جديد للبلاد" ...#مجلس_الوزراء pic.twitter.com/wSET5RtYpD
من جهته، أكد ميقاتي أنّ "رسالة لبنان على مرّ تاريخه، تنتشر اليوم في كلّ أرجاء العالم العربي، والتحدي الأساسي الماثل أمامنا هو المحافظة على هذه الرسالة وترسيخها وتعزيز قيم السلام والأخوّة"، وفق البيان.
وسلّم ميقاتي، البابا فرنسيس رسالة تشرح الأوضاع في لبنان والمعالجات الممكنة التي يمكن للفاتيكان المساهمة في إنجاحها، من خلال الاتصالات التي يقوم بها في المجتمع الدولي، ولا سيما لإجراء انتخابات رئاسة الجمهورية.
كذلك، وجّه ميقاتي دعوة إلى بابا الفاتيكان لزيارة لبنان، معتبراً أنها "تمثل بارقة أمل للمسلمين والمسيحيين على حد سواء، وفرصة لهم للالتفاف موحّدين حول شخص قداسة البابا في مناسبة زيارته".
وقال مصدرٌ مقرّبٌ من ميقاتي، لـ"العربي الجديد"، فضّل عدم ذكر اسمه، إنّ "اللقاء تناول عرضاً لواقع الحال في لبنان، أزمة اللاجئين السوريين والظروف الصعبة التي يمرّ بها البلد في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية، والحاجة الماسّة لوقوف المجتمع الدولي إلى جانبه. وعبّر البابا فرنسيس عن قلقه إزاء ما يحصل وخشيته من تأثيرات إطالة أمد الشغور الرئاسي على الشعب اللبناني، وأكد أنّ لبنان في صلب اهتماماته، ويتناول ملفه في المحافل الدولية".
وأشار المصدر إلى أنّ "البابا فرنسيس سيدرس موضوع زيارته للبنان"، مع الإشارة إلى أنّ بابا الفاتيكان تلقى في فترات سابقة أكثر من دعوة رسمية لزيارة لبنان، لكن جرى تأجيلها، آخرها في يونيو/ حزيران الماضي، لأسباب صحية.
وسبق للبابا فرنسيس أن عبّر أكثر من مرة عن نيته زيارة لبنان، وأقام يوماً عالمياً للصلاة والصوم من أجله في سبتمبر/ أيلول 2020، موصياً بعدم التخلي عنه وعدم تركه في عزلته، باعتباره "رسالة حرية ومثالاً للتعددية بين الشرق والغرب".
وأجرى ميقاتي، الذي وصل، أمس الأربعاء، إلى روما في زيارة رسمية، محادثات مع أمين سرّ الفاتيكان، الكاردينال بييترو بارولين، ووزير خارجية الفاتيكان، الكاردينال بول غلاغير، جرى خلالها عرض للوضع اللبناني من جوانبه كافة. وشدد رئيس حكومة لبنان على "أهمية مساعدة الفاتيكان لدى المجتمع الدولي من أجل إتمام انتخابات رئاسة الجمهورية"، بحسب ما أفاد مكتبه الإعلامي.
1/2 أجرى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، عقب اجتماعه مع قداسة البابا فرنسيس، محادثات مع أمين سرّ حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين، ووزير خارجية الفاتيكان الكاردينال بول غلاغير،في حضور السفير اللبناني لدى الفاتيكان فريد الخازن، والمستشار الديبلوماسي السفير بطرس عساكر ...#pcm pic.twitter.com/d2jroSO9cQ
— رئاسة مجلس الوزراء 🇱🇧 (@grandserail) March 16, 2023
ونقل المكتب الإعلامي لميقاتي، تأكيد الكاردينال بارولين "الاستعداد لدعم لبنان في المجالات كافة".
ويستمرّ الصراع السياسي في لبنان حول هوية الرئيس الجديد للبلاد، رغم الدعوات الدولية لإنهاء الشغور الرئاسي في ظلّ الأزمة الاقتصادية الحادة التي تفاقم معاناة اللبنانيين وتجعلهم عاجزين عن الوصول إلى أبسط مقومات العيش من غذاء ومياه وصحة ودواء وكهرباء.
ويعدّ تعطيل نصاب جلسات البرلمان لانتخاب رئيس، المتمثل بـ86 نائباً من أصل مجموع 128، من الأدوات التي تلجأ إليها الأطراف السياسية في المعركة الرئاسية لفرض المرشح الذي ترى أنه يتمتع بالمواصفات المطلوبة للمرحلة.
وتتمسك الأحزاب المعارضة بترشيح النائب ميشال معوض، من دون أن تقفل التشاور في أسماء أخرى ضمن المواصفات التي تحددها، وتتمثل بأن تكون الشخصية إنقاذية، إصلاحية، غير استفزازية، غير محسوبة على طرف سياسي، وقادرة على إعادة لبنان إلى الخريطة العربية والدولية.
من جهته، يصرّ "حزب الله"، ومن خلفه رئيس البرلمان نبيه بري، على رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، الذي تشير الأجواء السياسية في البلاد إلى أنه ينتظر الضوء الأخضر الخارجي لإعلان ترشحه رسمياً، في وقتٍ يُحكى عن عقبة أساسية تحول دون انتخابه، تتمثل برفضه من قبل السعودية، علماً أنّ المملكة تؤكد في كل مناسبة أنها لا تتدخل في لعبة الأسماء، وتشدد على أنّ الانتخابات شأن لبناني داخلي.
ويقود البطريرك الماروني بشارة الراعي مبادرة رئاسية، ولا سيما على صعيد القوى السياسية المسيحية، لاستطلاع آرائها والحصول منها على أسماء مرشحيها بغية الوصول إلى تفاهم حول شخصية واحدة، وهو مسعى يجري التواصل به أيضاً مع رئيس البرلمان نبيه بري، بيد أنّ أي تقدّم لم يحصل على هذا الخطّ.