تشهد مدينة سنجار (115 كيلومترا غرب مدينة الموصل على مقربة من الحدود العراقية السورية)، منذ ساعات مبكرة من صباح أمس الثلاثاء، عمليات متواصلة لفتح سبع مقابر جماعية لضحايا قضوا في عمليات إرهابية على يد مسلحي تنظيم "داعش"، خلال اجتياحهم المدينة عام 2014 وسيطرتهم عليها.
ويرجّح مسؤولون عراقيون محليون في المدينة، التي ما زالت تعاني عدم الاستقرار نتيجة أنشطة مسلحي حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة، والذي ينتشر في مناطق مختلفة داخل المدينة وضواحيها، ويعيق عودة أكثر من 70 بالمائة من سكانها، أن تحتوي المقابر السبع على عشرات الضحايا المدنيين.
وعقب مراسم دينية ورسمية بدأت فرق وزارة الصحة وقوات الأمن عمليات فتح المقابر السبع الواقعة في قرية حردان شرقي جبل سنجار، وسط ترجيحات وجود عشرات الضحايا داخلها.
وتجمّع العشرات من السكان على مقربة من مواقع الحفر، غالبيتهم من ذوي أشخاص مفقودين لم يعثر على أي أثر لهم لغاية الآن، وتقول السلطات إنه قد يكون ذووهم في تلك المقابر.
وقال المتطوع قاسم فريد (32 عاما)، لـ"العربي الجديد"، إن المكان يشرح جزءاً من بشاعة وجرائم تنظيم داعش بحق السكان القرويين"، مضيفا أن الضحايا "سيتم دفنهم بمقابر رسمية بعد التعرف عليهم، والبدء بالإجراءات القانونية لشمولهم بقانون ضحايا الإرهاب".
الضحايا "سيتم دفنهم بمقابر رسمية بعد التعرف عليهم"
ولفت فريد إلى أن "الفرق العاملة في المكان تسعى إلى إتمام عملها بشكل سريع، لأن عمليات التنقيب والفتح للمقابر أعادت أجواء الحزن وذكريات مؤلمة لدى جميع أهالي سنجار".
وحول الضحايا أكد فريد أن "ملابس الضحايا التي كُشف عنها في بعض تلك المقابر بوقت سابق بسبب عمليات التعرية والرياح، تؤكد أن الضحايا بأعمار مختلفة ومن كلا الجنسين".
وتأمل الحكومة العراقية من خلال تقنية الـ"الدي إن أي"، التعرف على الضحايا وتسليمهم لذويهم قبل إجراءات "اعتبارهم شهداء" وصرف تعويضات لذويهم.
وبحسب الإحصائيات الرسمية فقد تم فتح 27 مقبرة جماعية في مختلف مناطق مدينة سنجار من أصل 86 مقبرة خلفها هجوم تنظيم "داعش"، على المدينة مطلع، آب/ أغسطس 2014.
فريق تحقيق دولي ووطني
من جهته، أوضح مدير "المنظمة الايزيدية"، المعنية بتوثيق الجرائم المرتكبة ضد العراقيين الايزيديين، على يد تنظيم "داعش"، خيري علي، أن عمليات فتح المقابر الجديدة تتم بإشراف فريق التحقيق الدولي والفريق الوطني لدائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية، لاستخراج الرفات الموجود في هذه المقابر.
وبين علي، في حديث للصحافيين أن "عدد الضحايا الموجودين في هذه المقابر غير محدد، لكن يتوقع أن يصل عددهم إلى نحو 70 ضحية"، مرجحا أن تصل فترة عملية فتح المقابر لمدة 21 يوما، حيث سيتم بعدها نقل الرفات إلى دائرة الطب العدلي في العاصمة بغداد.
ونفذ تنظيم "داعش"، عقب دخوله مدينة سنجار ضمن محافظة نينوى شمالي العراق والغنية بالتعدد الديني والقومي سلسلة جرائم مروعة تضمنت عمليات قتل جماعية وخطفا للنساء، طاولت الآلاف من أبناء الطائفة الايزيدية، وخلفت مآسي كبيرة، ما زالت لغاية الآن آثارها موجودة.
وصوّت البرلمان العراقي العام الماضي بالأغلبية على قانون اعتبر الجرائم التي تعرض لها العراقيون الايزيديون في سنجار جرائم إبادة جماعية وحث على التعريف بها لدى المحافل والمنظمات الدولية المختصة وإقامة الدعوى الجنائية ضد مرتكبي تلك الجرائم.
وحدد البرلمان تاريخ الثالث من أغسطس/ آب من كل عام يوما وطنيا للتعريف بالجرائم التي تعرضت لها النساء الايزيديات وباقي المكونات الأخرى في نينوى.