يبدأ البرلمان الجزائري، اليوم الأربعاء، مناقشة قانون يتعلق باستدعاء قوة الاحتياط من العسكريين، الضباط والجنود، في الحالات والظروف التي تستدعي اللجوء إلى قوات الاحتياط، في سياق إقليمي متوتر، يدفع الجزائر إلى احتياطات استباقية لمواجهة أي طارئ.
وينظم القانون آليات لجوء الجيش إلى تدعيم الصفوف وإمكاناته وقدراته من الاحتياط البشري المؤهل في حالة الأزمات، كذلك يسمح للجيش بإمكانية إعادة تجنيد ما يصفهم بـ"عسكريي الاحتياط" من جديد، في إطار تعبئة عامة أو جزئية من أجل مواجهة تهديد يمكن أن يؤثر في السلامة الترابية والسيادة الوطنية، لتدعيم صفوف الجيش للتصدي للتهديدات الداخلية والخارجية، و"الحدّ من نزف في خزان الاحتياط، نتج من تطبيق تشريعات عام 1976، التي تقلص فترة الخضوع لقوات الاحتياط إلى بضع سنوات".
ويبقي نص القانون الذي قدمته وزارة الدفاع الجزائرية، وكان قد صدّق عليه مجلس الوزراء قبل أسبوعين، العسكريين بعد تقاعدهم من الجيش، سواء بالنسبة إلى المتعاقدين أو من انتهت فترة خدمتهم العسكرية المحدودة، تحت تصرف الجيش، في غضون 25 عاماً التي تلي نهاية خدمتهم، ويفرض استفادتهم من تدريبات عسكرية شهراً واحداً في السنة.
ويحدّد القانون الجديد تدابير تخضع لها عملية إعادة استدعاء قوات الاحتياط، بحسب احتياجات الجيش، وشروط السنّ المرتبطة بالقدرة البدنية والحالة الصحية، كذلك يتضمّن الحقوق التي يحصل عليها العسكريون الذين يُعاد استدعاؤهم للخدمة في الجيش.
ويوضح القانون أنّ قوة الاحتياط تُستدعى بناءً على مرسوم رئاسي باقتراح من وزير الدفاع، بموجب استدعاء فردي أو جماعي، في حالات التعبئة العامة أو الجزئية المرتبطة بالحرب والدفاع عن التراب الوطني، كذلك يمكن استدعاؤهم في فترة السلم لإخضاعهم لتدريبات إضافية لمدة شهر في السنة، وتُضمَن مصالحهم لدى المؤسسات والهيئات المستخدمة لهم، ويضمن الجيش إعادة إدماجهم في منصب عملهم بعد انتهاء فترة الاستدعاء، وتضمن الدولة تعويضات للعسكريين من الاحتياط الذين ليس لهم عمل أو يعملون لحسابهم في مهنة حرة. وفي حال رفض أي عسكري من قوات الاحتياط الالتحاق بالجيش، يُعتبر في حالة عصيان عسكري، ويتعرض لعقوبات، ما عدا في حالة القوة القاهرة، أو تعرضهم لظروف صحية.
وبحسب وزارة الدفاع، يتضمن هذا القانون تحيين وتحديث التشريعات الخاصة بتعبئة العساكر الذين أنهوا خدمتهم في الجيش، التي كانت قد صدرت عام 1976، حيث يكرس القانون الجديد قاعدة الاحتياط المعمول بها في كل جيوش العالم، والتي يبقى فيها العسكري العامل والمتعاقد ومجندو خدمة العلم، خاضعين، بعد انتهاء الخدمة، لأحكام الالتزامات العسكرية، أي إمكانية تجنيدهم من جديد في إطار تعبئة عامة أو جزئية، من أجل مواجهة تهديد يمكن أن يؤثر بالسلامة الترابية والسيادة الوطنية، وفق المادة الثانية من المشروع.
وبدت وزارة الدفاع الجزائرية متحفظة عن إعلان الأسباب والدوافع التي فرضت إصدار قانون جديد يخصّ قوات الاحتياط، والمتعلقة بالظروف الإقليمية المتوترة، والحاجة الاستباقية التي دفعت الجزائر إلى وضع إطار استباقي لأية احتمالات أمنية وعسكرية ممكنة قد تفرضها ظروف وتطورات لاحقة في المنطقة، خصوصاً بعد تغييرات جذرية في العقيدة العسكرية للجيش الجزائري، وإقرار الدستور الجديد لإمكانية مساهمة الجيش في عمليات خارج التراب الجزائري.
وبحسب مراقبين، فإن الدوافع الرئيسية لذلك ترتبط بتطورات إقليمية، وإعادة هندسة العلاقات الدولية. وقال الباحث المهتم بالشؤون الأمنية عمار سيغة لـ"العربي الجديد"، إن "الساحة الأمنية في المنطقة المتاخمة للجزائر متوترة باستمرار، وهذا يتطلب أعباءً أمنية وعسكرية كبيرة، ويمكن فهم ذلك من خلال تلميحات مستمرّة ودائمة للرئيس عبد المجيد تبون، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وكذلك قائد الأركان الفريق السعيد شنقريحة، حول الخطر الذي يشكله عدو تقليدي على الأمن القومي الجزائري، وتزايد نداءات السلطة في الجزائر إلى رصّ الجبهة الداخلية، وتعزيز اللحمة الوطنية، ما يفسّر استعداد الجزائر لمواجهة تهديد خارجي لن يخرج عن سياق الجهة الغربية والجنوبية للجزائر".
ولفت إلى أن "تزايد حالة التوتر على الحدود الشرقية جعل الجيش الجزائري أمام تحدي العنصر البشري لتغطية أمن الحدود، وهذا ما يجعل من قرار استدعاء جنود الاحتياط أو التعبئة أمراً حتمياً، وهو القرار الثاني في تاريخ الجيش الجزائري بعد إقرار استدعاء جنود الاحتياط خلال العشرية السوداء في الجزائر خلال فترة التسعينيات".