استمع إلى الملخص
- **ردود الفعل**: رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري ومستشار رئيس المجلس الرئاسي زياد دغيم اعتبرا قرار البرلمان باطلاً ومليئاً بالمغالطات القانونية.
- **التوترات مع مصر**: حكومة الوحدة الوطنية استدعت السفير المصري احتجاجاً على استقبال مصر لأسامة حماد، بينما دعت حكومة مجلس النواب الدول لنقل سفاراتها إلى بنغازي.
أعلن البرلمان الليبي، اليوم الثلاثاء، عن موافقة أعضاء المجلس على إنهاء ولاية حكومة الوحدة الوطنية، وأن الحكومة المكلفة من مجلس النواب هي "الحكومة الشرعية الوحيدة" في البلاد، بالإضافة إلى سحب صفة القائد الأعلى للجيش الليبي من المجلس الرئاسي، وتكليف رئيس مجلس النواب بها. جاء ذلك خلال جلسة عقدها مجلس النواب بمقره في بنغازي، اليوم الثلاثاء، والتي كان مقرراً أن تناقش بند المترشحين لرئاسة حكومة جديدة.
وفي كلمته في افتتاح الجلسة أكد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح أن المرحلة التمهيدية التي جاءت بالمجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية "انتهت بانتهاء المدد المحددة لها في اتفاق جنيف للمرحلة التمهيدية، خاصة أنه لم يُضمّن في الإعلان الدستوري الذي يعتبر السند لكل السلطات".
وفيما تحدث صالح عن أن البلاد "أمام مرحلة مفصلية"، أكد ضرورة تحمل الجميع مسؤولياتهم "للعمل على المصالحة وتشكيل سلطة تحقق الحكم المحلي وتنهي المركزية".
وحول مسارات العملية السياسية وحوارات مجلس النواب مع المجلس الأعلى للدولة، قال صالح: "لقد تنازلنا من أجل اتفاق يرضي الجميع، ولكن هناك مجموعة تريد بقاء الوضع كما هو عليه"، في إشارة للخلافات الأخيرة داخل مجلس الدولة، على خلفية عدم اتفاقه على انتخاب رئيس جديد للمجلس.
وبسبب انقسام المجلس الأعلى للدولة، وفي إشارة لعزم مجلس النواب التفرد بإصدار القرارات، أضاف صالح "نسعى في المجلس لتحقيق سلطة واحدة قادرة على السيطرة والعدالة بين أبناء الشعب الليبي".
وتحدث صالح عما مرت به البلاد من فترات الحروب، مقترحاً أن "تقسم ليبيا إلى محافظات"، وقال: "لا أجد غير تقسيم الثروة بين الأقاليم حلاً للأزمة في ليبيا ينهي حالة الاشتباك، بحيث يتمتع الليبيون في المدن والقرى والأقاليم الثلاثة بحقوق متساوية، ووحدة السلطة مهمة لتفكيك جغرافيا الصراع وإنهائه".
وختم عقيلة كلمته بالإعلان عن مذكرة تقدم بها خمسون نائباً لإنهاء "ولاية حكومة عبد الحميد الدبيبة، واعتبار الحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة أسامة حماد هي الحكومة الشرعية". وكذلك "نصت (المذكرة) على سحب صفة القائد الأعلى للجيش من المجلس الرئاسي، وإعطاء الصفة لرئيس مجلس النواب كما جاء في الإعلان الدستوري"، قبل أن يصوت المشاركون في الجلسة على الموافقة على المذكرة، وإعلان عقيلة بقوله "تمت الموافقة عليها خلال الاجتماع".
وأعقب ذلك بيان نشره الناطق باسم مجلس النواب عبد الله بليحق، أعلن فيه عن "تصويت المجلس خلال جلسته الرسمية الثلاثاء بالإجماع على إنهاء ولاية السلطة التنفيذية التي جاءت بالمرحلة التمهيدية، واعتبار حكومة أسامة حماد هي الحكومة الشرعية حتى اختيار حكومة موحدة"، حسب تدوينة على حسابه بموقع فيسبوك. وأضاف بليحق أن التصويت تضمن أيضاً "اعتبار القائد الأعلى للجيش هو رئيس مجلس النواب، كما جاء بالإعلان الدستوري وقرار مجلس النواب بالخصوص".
المشري يبلغ ببطلان قرار البرلمان الليبي
وأبلغ خالد المشري، بصفته رئيس المجلس الأعلى للدولة، صالح ببطلان القرار الذي اتخذه مجلس النواب اليوم بشأن سحب صفة القائد الأعلى للجيش من المجلس الرئاسي، مشيراً إلى استناده في ذلك إلى نصوص الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات عام 2015. وأوضح المشري، في خطاب وجهه لرئيس مجلس النواب ونشره على الصفحة الرسمية لمجلس الدولة، أن "بطلان قرار مجلس النواب يعود لأسباب، منها الفقرة الثانية من المادة الثامنة في الاتفاق السياسي أوكلت صلاحية القائد الأعلى للجيش إلى مجلس رئاسة الوزراء، قبل أن تنقل هذه الصلاحية في التعديل الحادي عشر للتعديل الدستوري عام 2018 حيث اسندت هذه الصلاحية للمجلس الرئاسي عند تكوينه في العام ذاته".
وأكد المشري أنه استناداً إلى هذه النصوص الدستورية، فإن "المجلس الرئاسي هو الجهة التي تمارس صلاحيات القائد الأعلى للجيش"، موضحاً أن نصوص الاتفاق السياسي توصي مجلس النواب بالتوافق مع مجلس الدولة في حالة اقتضاء أي تعديل على الإعلان الدستوري يمس "إحدى المؤسسات المنبثقة عنه بشكل مباشر أو غير مباشر" على أن يجري إقرار التعديل من قبل مجلس الدولة دون إجراء أي تغييرات عليه. وخلص المشري في خطابه إلى القول "إن ما اتُّخِذ من قرار في مجلسكم الموقر في جلسة اليوم الثلاثاء 13 أغسطس 2018 بشأن سحب صفة القائد الأعلى للجيش الليبي يعتبر باطلاً لمخالفته" نصوص الاتفاق السياسي "لعدم التوافق فيها مع المجلس الأعلى للدولة". ولم يتضمن بيان المشري تعليقاً على الجانب الآخر من قرار مجلس النواب الخاص بإنهاء ولاية حكومة الوحدة الوطنية، واعتبار حكومة مجلس النواب" الحكومة الشرعية.
من جهته، اعتبر مستشار رئيس المجلس الرئاسي للشؤون التشريعية والانتخابات زياد دغيم، كلمة صالح خلال جلسة مجلس النواب اليوم بأنها تمثل "وجهة نظره"، وأنها "تحمل الكثير من المغالطات القانونية". وأشار دغيم، في تصريحات صحافية، إلى عدم قانونية ما استند إليه مجلس النواب في قراره، باعتبار أن مجلس النواب فصل اتفاق جنيف الذي أصدره ملتقى الحوار السياسي عن اتفاق الصخيرات، موضحاً أن نصوص اتفاق جنيف تؤكد أنها ملحق من ملاحق الاتفاق السياسي.
واعتبر دغيم أن قرار مجلس النواب المتعلق بالمجلس الرئاسي جاء "ردة فعل على إنشاء المفوضية العليا للاستفتاء والاستعلام الوطني"، وأنه "ربما شعر عقيلة والسادة النواب بتوجه ما يسحب الكثير من الاختصاصات منهم، والعودة بها إلى الشعب والاحتكام إليه، وهذا أمر ربما مزعج بالنسبة لهم". والأحد الماضي أعلن رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، عن إنشاء جسم جديد أطلق عليه مسمى "مفوضية للاستفتاء والاستعلام الوطني" لتنفيذ عمليات الاستفتاء والإعداد لها والإشراف عليها وفرز نتائجها، ولها سلطة إصدار اللوائح التنفيذية والإجراءات اللازمة لتنفيذ عملية الاستفتاء، وفق الدوائر الانتخابية في البلاد.
وكان من المقرر أن تناقش الجلسة ملفات المترشحين لشغل منصب حكومة جديدة، بعد إعلان عقيلة فتح باب الترشح لها في 28 من يوليو/ تموز المنصرم لينظر مجلس النواب في ملفات المترشحين يوم 11 من أغسطس/ آب الجاري، إلا أنه لم يشر في كلمته الافتتاحية لهذا البند، كما لم يشر إلى إلغائه أو تأجيله.
وكان مجلس النواب قد سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية في سبتمبر/ أيلول 2021، وكلف في فبراير/ شباط 2022 حكومة ترأسها فتحي باشاغا الذي خلفه فيها أسامة حماد. إلا أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، رفض تسليم السلطة "إلا لسلطة منتخبة" واستمرت حكومته تزاول أعمالها بشرعية الاعتراف الأممي والدولي.
وجاء قرار مجلس النواب بإنهاء ولاية حكومة الوحدة الوطنية واعتبار حكومة مجلس النواب "الحكومة الشرعية"، في أعقاب إعلان حكومة الوحدة الوطنية استياءها الشديد ورفضها القاطع لاستقبال الحكومة المصرية رئيس حكومة مجلس النواب، أسامة حماد، الأحد الماضي، باعتبارها حكومة "موازية" ولا تحظى باعتراف دولي.
فيما ردت حكومة مجلس النواب ببيان عبّرت فيه عن استغرابها من موقف حكومة الوحدة الوطنية ووصفتها بـ"الحكومة منتهية الولاية"، مؤكدة أنها الحكومة الشرعية كونها مكلفة من مجلس النواب الجهة الشرعية في ليبيا. بل دعت حكومة حماد "الدول الصديقة والشقيقة إلى نقل سفاراتها، وممثلي الهيئات والمؤسسات الدبلوماسية والدولية إلى مدينة بنغازي"، باعتبار الظروف الأمنية غير المستقرة في العاصمة طرابلس"، على حد وصف البيان.
وإثر استدعاء حكومة الوحدة الوطنية السفير المصري في طرابلس وتسليمه مذكرة احتجاج رسمية للحكومة المصرية لاستقبالها حماد، وطلبها من موظفين مصريين بالسفارة المصرية بمغادرة الأراضي الليبية فورا، أصدر عقيلة صالح بيانا استنكر فيه ما وصفه بـ"التصرفات غير المسؤولة" من حكومة الوحدة الوطنية "ضد جمهورية مصر"، مؤكدا أن العلاقة معها "لن يعكر صفوها أي محاولات أو خلافات"، وفقا لبيان نشره مكتبه الإعلامي الاثنين.
من جهته، أصدر المجلس الأعلى للدولة بيانا موقعا باسم المترشح لرئاسة المجلس محمد تكالة استنكر فيه استقبال الحكومة المصرية لرئيس حكومة مجلس النواب "غير المعترف بها دوليا". واعتبر تكالة أن لقاء رئيس الحكومة المصرية، مصطفى مدبولي، بحماد "يتعارض مع الاتفاق السياسي الليبي، ويعد تدخلا غير مقبول في الشؤون الداخلية يؤدي إلى تأجيج الصراع وتعقيد جهود تحقيق الاستقرار".
ودعا مجلس الدولة، في بيان له اليوم "الدول الصديقة والشقيقة إلى عدم التعامل مع كيانات غير شرعية تفرض نفسها بوسائل غير ديمقراطية"، مشددا على أن الوسيلة الوحيدة للحل السياسي في ليبيا هو "الحوار الوطني الشامل برعاية أممية". غير أن المترشح الآخر لرئاسة مجلس الدولة خالد المشري لزم الصمت على الرغم من إعلانه بالأمس بدء ممارسة أعماله الرئاسية للمجلس بعد تمكنه من دخول مقر المجلس.