أعلن كل من العراق ومصر والأردن، في بيان ختامي لأعمال القمة الثلاثية التي أقيمت في العاصمة بغداد، اليوم الأحد، عن جملة من التفاهمات ذات الطابع السياسي والأمني والاقتصادي والتجاري والمشتركة بين البلدان الثلاثة وكذلك دول المنطقة.
ووفقا لبيان مشترك صدر عن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني عبد الله الثاني ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، فقد تم الاتفاق على وضع آلية تعاون دائمة ومستمرة بين الدول الثلاث بما يضمن تنفيذ التفاهمات التي جرى التوصل إليها.
وضمن البيان أيضا إشادة قادة الأردن ومصر بالجهود الدبلوماسية التي بذلتها الحكومة العراقية على صعيد تدعيم الأمن والاستقرار الإقليمي، ومحاولاتها في تقريب وجهات النظر لحل الخلافات وإنهاء الأزمات التي تعاني منها المنطقة"، في إشارة للوساطة العراقية بين طهران والرياض.
كما أشاد البيان بجهود العراق في محاربة الإرهاب والتصدي لتنظيم "داعش" الإرهابي، وكذلك الإصلاحات الاقتصادية لحكومة الكاظمي، ودعم بغداد لإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة في موعدها المقرر يوم العاشر من أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وأضاف البيان الختامي أن "قادة العراق والأردن يدعمون مواقف جمهورية مصر العربية وجمهورية السودان في قضية سد النهضة، وأكدوا على ضرورة الامتناع عن القيام بأي إجراءات أحادية، بما في ذلك الاستمرار في ملء سد النهضة، دون التوصل لاتفاق عادل وشامل وملزم قانوناً حول قواعد ملء وتشغيل السد وبما يحقق مصالح الدول الثلاث ويحفظ الحقوق المائية لمصر والسودان.
وتابع البيان أن قادة الدول الثلاث أكدوا على "ضرورة تفعيل الجهود لتحقيق السلام العادل والشامل الذي يلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ونيل مطالبه المشروعة للحصول على دولته المستقلة على خطوط الرابع من حزيران/ يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية".
كما نقل البيان تثمين قادة العراق والأردن لـ"الدور المصري في إنهاء جولة التصعيد الأخيرة في غزة ووقف العمليات العسكرية الإسرائيلية، وأعربوا عن تقديرهم للجهود المصرية الحثيثة لتثبيت وقف إطلاق النار والعمل على استدامة التهدئة، كما رحب القادة بالإعلان المصري عن مبادرة إعادة إعمار غزة باعتبارها مبادرة مصرية تهدف لرفع المعاناة عن سكان قطاع غزة في إطار الجهود الدولية المبذولة في هذا الصدد، وثمّن القادة أيضا الدور المصري الفاعل في المصالحة الفلسطينية باعتبارها مسألة لا غنى عنها في سبيل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة"، وفقا لما جاء في نص البيان.
وثمن البيان "جهود الأردن لوقف الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية في مدينة القدس وباقي الأراضي الفلسطينية، بما فيها جهود الأردن في وقف الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة ووقف إطلاق النار واستعادة التهدئة".
وفي ما يتعلق بالملف السوري قال البيان: "قرر القادة ضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية بناءً على قرار مجلس الأمن 2245 على أن يحفظ أمن واستقرار سورية وتماسكها ويتيح الظروف المناسبة للعودة الطوعية للاجئين".
ورحب البيان المشترك بـ"تشكيل الحكومة الليبية الجديدة المؤقتة وبالتقدم المحرز، وأعربوا عن تمنياتهم للمجلس الرئاسي المؤقت وللحكومة المؤقتة بالتوفيق في إدارة المرحلة الانتقالية ودعمهم لجهود عقد الانتخابات في موعدها المقرر في 24 كانون الأول/ ديسمبر 2021".
وتحدث البيان عن تأكيد قادة الدول على "ضرورة خروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، وبما يسهم في استعادة سيادتها ووحدة أراضيها واستقرارها، كما ثمن قادة العراق والأردن الجهود المصرية الحثيثة في دعم الأشقاء الليبيين وتقريب وجهات النظر بينهم، وضمان أمن واستقرار الأوضاع في ليبيا"، على حد تعبير البيان
كما أبدى البيان دعم قادة الدول الثلاث لـ"جهود التوصل إلى حلول سياسية للأزمة في اليمن، ودعم جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي يحقق الأمن والاستقرار".
وفي ما يتعلق بمخرجات القمة بين الدول الثلاث، قال البيان إن قادة العراق ومصر والأردن أكدوا على "ضرورة اعتماد أفضل السبل والآليات لترجمة العلاقات بين البلدان الثلاثة على أرض الواقع، وخاصة الاقتصادية والحيوية، والسعي لتكامل الموارد وتوفير التسهيلات الممكنة لزيادة حجم التبادل التجاري بينها، وتعزيز الجهود في المجالات الصحية والصناعية والدوائية، لا سيما في ظل التبعات العالمية لجائحة فيروس كورونا المستجد على الأمن الصحي والغذائي والاقتصادي.
كما تضمن الاتفاق على "التنسيق الأمني والاستخباري بين الدول الثلاث لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والمخدرات، وتبادل الخبرات في مجال الأدلة الجنائية ومكافحة الجريمة الإلكترونية والتسلل، ومواجهة كل من يدعم الإرهاب بالتمويل أو التسليح أو توفير الملاذات الآمنة والمنابر الإعلامية، مشددين على أهمية استكمال المعركة الشاملة على الإرهاب".
كما تم الاتفاق على "ضرورة السير بالإجراءات اللازمة للبدء بتنفيذ مشروع المدينة الاقتصادية العراقية الأردنية المشتركة واستكمال المتطلبات اللازمة لذلك وإعطاء الأولوية للشركات من الدول الثلاث للمشاركة بعطاءات إنشائها".
واتفق أيضا على "تعزيز مشروع الربط الكهربائي وتبادل الطاقة الكهربائية بين الدول الثلاث وربط شبكات نقل الغاز بين العراق ومصر عبر الأردن وإتاحة منفذ لتصدير النفط العراقي عبر الأردن ومصر من خلال المضي باستكمال خط الغاز العربي وإنشاء خط نقل النفط الخام (البصرة-العقبة)، والتعاون في مختلف مجالات مشروعات الطاقة الكهربائية والطاقة المتجددة والبتروكيمياويات وبناء القدرات وتبادل الخبرات، والعمل على تهيئة مناخ الاستثمار لدعم شركات القطاع الخاص لتنفيذ المشروعات في الدول الثلاث.
كما شهدت القمة الاتفاق على تشجيع الاستثمار في قطاع الإسكان والطرق والجسور ومشاريع البنى التحتية في الدول الثلاث، وإعادة تفعيل حركة النقل والشحن عبر ميناء نويبع ــ العقبة مروراً حتى معبر الكرامة/ طريبيل.
في السياق، قال مسؤول بمكتب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، لـ"العربي الجديد"، إن اجتماعات تجري في هذه الاثناء بين الوفدين العراقي والمصري لبحث تحديد موعد جديد لاجتماع اللجنة المشتركة لتفعيل ما تم التوصل إليه
وأكد أن برنامج زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي انتهى ومن المقرر مغادرته مساء اليوم، بينما يتوقع أن يتوجه في الساعات القليلة المقبلة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى مدينة الأعظمية، حيث مقبرة الأسرة الملكية، لقراءة سورة الفاتحة والصلاة هناك وفقا لسياق متبع دأب عليه قادة البلاد عند كل زيارة لهم إلى العراق.
وقال عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان عن تحالف "سائرون"، التابع للزعيم الديني مقتدى الصدر، النائب رامي السكيني، لـ"العربي الجديد"، إن "القمة لا تخلو من الرسائل الإيجابية خاصة عودة العراق لعقد قمم عربية من هذا النوع ويمكن أن يؤسس هذا الاجتماع لاتفاقيات أمنية وتجارية وتعاون تجذب دولا أخرى كالسعودية وغيرها".
وبيّن أن "الحديث عن النفوذ الإيراني ومعارضة تمرير التفاهمات التي تم التوصل إليها مبالغة، لأنه لا يوجد تقاطع بين القوى السياسية في العراق وكل من مصر والأردن".