يتجه جزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، العضو في كتلة البديل الديمقراطي، اليوم السبت، رسميا، لإعلان مقاطعته الانتخابات البرلمانية المبكرة المقرر إجراؤها في 12 يونيو/حزيران المقبل، ليكون بذلك ثاني حزب سياسي من الكتلة نفسها يقاطع الانتخابات.
ويسود إجماع في مؤتمر سياسي عقده التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، اليوم السبت، على مقاطعة الانتخابات المقبلة، وذهبت كل المداخلات لقيادات الحزب باتجاه إعلان المقاطعة والتزام الموقف السياسي المعارض لخريطة الطريق التي تطبقها السلطة وملازمة المسار مع الحراك الشعبي.
ووصف رئيس الحزب محسن بلعباس، في افتتاح المجلس الوطني للحزب، الانتخابات المقبلة بـ"المهزلة"، وقال "وسط الأجواء التي يطبعها القمع واحتجاز سجناء الرأي وتقييد الحريات الفردية والجماعية والتراجع الاقتصادي والاجتماعي، تتأهب السلطة القائمة، التي سبق لها أن تلقت صفعتين بسبب المقاطعة الواسعة والتاريخية لصناديق الاقتراع، للعب مهزلة انتخابية جديدة في الثاني عشر من يونيو المقبل".
وأكد رئيس التجمع أن حزبه غير مستعد لأية مساومة انتخابية لمنحه محاصصة في البرلمان، كما كان يحدث في الزمن السياسي السابق، وقال "الجميع يعرفون جيداً أن التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية قد خرج نهائياً من سوق المقايضة. سوق تستوجب مراقبة بوليسية على المناضلين والهياكل الحزبية وتشكيل العُصَب بدلاً من المراقبة السياسية اللائقة بأي تنظيم سياسي يناضل من أجل تحرر المجتمع. إن الأرسيدي يؤكد بشكل لا لبس فيه على استقلالية قراره الذي لا يحق إلا لهيئاته المنتخبة من قبل مناضليه صياغتها بكل شفافية".
وذكر بلعباس أن "صنّاع القرار الفعليين العاجزين عن فتح حوار جاد للوصول إلى انتقال ديمقراطي حقيقي، وبعدما فشلوا في تحيّيد الحراك بالقمع، يراهنون على خيار التعفن. ولقد لاحظنا فعلاً أول إرهاصات العنف، الذي تدبّره وتخطّط له الأجهزة السرية المعتادة، في وسائل الإعلام العمومية والخاصة ـ الموالية للنظام ـ وكذا في مواقع التواصل الاجتماعي، انطلقت المناورات الخفية وبدأت تتعالى نداءات الأبواق، المعروفة بدعمها لسلطة الأمر الواقع، إلى تفرقة صفوف الشعب الجزائري. إن السلطة تتحمل المسؤولية كاملة عن أي انزلاق محتمل".
وطالب بلعباس في المقابل بإطلاق مسار حوار "يتم تنظيمه وتأطيره بطريقة تسمح لجميع المشاركين بالمساهمة في صياغة خريطة طريق للخروج من الأزمة، ويجب أن يوافق عليها ويحترمها الجميع. كما يجب أن تبقى المؤسسة العسكرية بمنأى عن أي تأثير أو تفاوض سياسي"، واتهم السلطة بالفشل في تنفيذ أي من وعود التغيير السياسي، موضحا أن "افتقاد المسؤولين الرسميين للشرعية والكفاءة لا يفسرّ لوحده تكرار نفس السياسات التي أدت إلى الفشل، الحصيلة على عديد من الأصعدة مُرعبة حقاً، وتدّل على حجم المعاناة مثلما تنبئ بإفلاس سلطة الأمر الواقع وعجزها عن إيجاد حل لانحدار البلاد نحو الجحيم"، محذرا من التداعيات الاجتماعية والاقتصادية الصعبة للسياسات التي يصفها بالفاشلة، قائلًا "لقد أصبحت حالة الفقر والتفاوتات المتزايدة التي يفرضها نظام فاسد على شعبنا لا تُطاق. حتى رئيس الدولة نفسه اعترف رسمياً بأن 6 ملايين أجير يعيشون تحت خط الفقر".
وحذر رئيس التجمع السلطة من الاستمرار في التضييق على الحريات، إذ إن "آخر تقرير للأمم المتحدة عن وضعية الحريات في بلادنا، والتي تشمل الاعتقالات التعسفية ومزاعم تعذيب بحق نشطاء الحركة الثورية، يعد إهانة أخرى وطعناً في تضحيات الجزائريين الذين قاوموا مثل هذه الأساليب زمن الاستعمار الفرنسي، وإهدارها وتبديد رأس المال الرمزي للثورة التي حررت الوطن".
وسيكون التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وهو أحد أبرز الأحزاب التي تتمركز في منطقة القبائل، ثاني حزب من الكتلة الديمقراطية بعد حزب العمال اليساري يقرر مقاطعة الانتخابات البرلمانية المبكرة المقبلة، وينتظر أن تعلن أحزاب أخرى، كالحركة الديمقراطية الاجتماعية وجبهة القوى الاشتراكية وحزبين من الكتلة قيد التأسيس هما الاتحاد الديمقراطي الذي يقوده كريم طابو والاتحاد من أجل التغيير الذي تقوده زبيدة عسول، عن الموقف نفسه.