تمضي الجزائر في استعداداتها لاستضافة القمة العربية المقبلة المقررة في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل في الجزائر، وسط استمرار تلقي الجزائر تأكيد الرؤساء والزعماء العرب المشاركة فيها.
وتكشف لائحة الوفود الرسمية التي يجري ترتيب إجراءات استقبالها في الجزائر، واطلعت عليها "العربي الجديد"، تأكيد مشاركة كل من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي سيترأس وفد بلاده إلى القمة، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الإمارات محمد بن زايد آل نهيان.
سيتغيب عن قمة الجزائر قادة البحرين وعمان ولبنان
ويشارك في القمة ملك المغرب محمد السادس، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس العراقي الجديد عبد اللطيف رشيد، والرئيس التونسي قيس سعيد، والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، إضافة إلى رؤساء الصومال حسن شيخ محمود وجزر القمر عثمان غزالي وجيبوتي إسماعيل عمر جيله.
كما يشارك رئيس مجلس السيادة في السودان عبد الفتاح البرهان، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، ورئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد محمد العليمي.
غياب 3 قادة عن القمة العربية
وسيتغيب عن قمة الجزائر ثلاثة قادة عرب، هم ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، والذي سيمثله نائب رئيس مجلس الوزراء محمد بن مبارك آل خليفة، وسلطان عُمان هيثم بن طارق، الذي قرر إيفاد نائب رئيس الوزراء الممثل الخاص للسلطان أسعد بن طارق آل سعيد للمشاركة في القمة.
كما سيغيب الرئيس اللبناني ميشال عون لاعتبارات تخص انقضاء عهدته الرئاسية في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، حيث يتوقع أن يمثل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لبنان في القمة، ناهيك عن الغياب السوري المرتبط بشغور مقعد دمشق في الجامعة العربية.
وإلى جانب القادة العرب، سيشارك ضيوف في القمة، وهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف بصفته رئيساً لمنظمة عدم الانحياز، والرئيس السنغالي ماكي سال بصفته رئيساً للاتحاد الأفريقي، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي، والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي حسين إبراهيم طه.
كسر الجزائر محاولة فرض طوق على القمة
من جهتها، قالت مصادر دبلوماسية عربية في القاهرة إن الجزائر "قطعت شوطاً كبيراً لكسر الطوق الذي أرادت دول أعضاء في الجامعة فرضه على القمة المقبلة، لجعلها غير مؤثرة، وتفويت الفرصة على الجزائر في تقديم نفسها كوسيط جديد في أزمات المنطقة".
وبحسب أحد الدبلوماسيين العرب في الجامعة العربية، فإن الفترة الأخيرة "شهدت رهانات على عدم قدرة الجزائر على جمع الأطراف الفلسطينية على كلمة واحدة، وذلك على ضوء التحركات التي قامت بها أخيراً، من أجل تقديم ورقة جزائرية للمصالحة بين الفصائل الفلسطينية، لعرضها على القمة العربية المقبلة".
وأشار الدبلوماسي العربي إلى أنه "رغم التقليل من أهمية الخطوة الأخيرة لعدم التزام الأطراف الفلسطينية بالكثير من اتفاقيات المصالحة الموقعة خلال السنوات الماضية، إلا نجاح الجزائر في إخراج المشهد النهائي الجامع لكل الفصائل، وتقديمها نفسها كوسيط غير منحاز لأي من أطراف الأزمة، أثار حفيظة بعض القوى العربية التي تحتكر القضية الفلسطينية".
وبحسب دبلوماسي عربي آخر، فقد "نجحت الجزائر في إطفاء الكثير من الحرائق من أجل عقد قمة عربية مؤثرة، رغم الجهود المضادة التي بذلت من أجل إفشالها، على أمل تفويت تلك الدورة أو نقلها إلى دولة أخرى".
وأشار الدبلوماسي العربي إلى أن "آخر العقبات التي عمدت الجزائر إلى تجاوزها، بعد ما نحّت أزمة عودة سورية لمقعدها بالجامعة جانباً عن القمة المقبلة، ما يتعلق بالتمثيل الليبي خلال القمة، في ظل رفض مصري للاعتراف بشرعية حكومة الوحدة الوطنية التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، بدعوى انتهاء صلاحيتها السياسية، بعد انتهاء صلاحية الاتفاق السياسي الذي تولت بموجبه السلطة التنفيذية في ليبيا".
دبلوماسي عربي: نجحت الجزائر في إطفاء الكثير من الحرائق من أجل عقد قمة عربية مؤثرة
وأوضح أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون "بحث أخيراً مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي ضمن جملة من القضايا، مسألة تمثيل ليبيا خلال القمة العربية المقبلة، وهو الأمر نفسه الذي كان محل تشاور بين الجزائر والدبيبة أخيراً، في محاولة لتفويت الفرصة على إثارة أي أزمة جديدة خلال القمة".
تهدئة مصرية مع الجزائر
في هذه الأثناء، رجح دبلوماسي مصري سابق، عمل في جامعة الدول العربية، أن تميل القيادة السياسية في مصر إلى نوع من التهدئة مع الجزائر في أكثر من ملف، في مقدمتها تباين المواقف بين البلدين في القضية الليبية، التي تمثل لكليهما مسألة "أمن قومي" على درجة عالية من الحساسية، بسبب الحدود المشتركة لهما مع ليبيا.
وأشار إلى أن الملف الثاني هو الدور الجزائري في المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، والذي يسبب نوعاً من القلق للجانب المصري، بسبب التعويل على هذا الملف في علاقته مع أميركا، ودول أوروبا، والطرف الإسرائيلي بالطبع.
ووفقاً للدبلوماسي نفسه، فإن علاقة الجزائر بإثيوبيا، والتي تشهد باستمرار تطوراً إيجابياً ملحوظاً، تثير غضباً مصرياً حقيقياً، إذ ترى القاهرة فيه نوعاً من المواقف السلبية التي تبديها الجزائر تجاه واحد من أخطر ملفات الأمن القومي المصري، وهو قضية سد النهضة الإثيوبي.
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري قد انسحب من اجتماع وزراء الخارجية العرب في دورته الـ158 بمقر الجامعة في القاهرة، اعتراضاً على تمثيل وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش لليبيا خلال الاجتماع، وهو الأمر الذي رأى الدبلوماسي المصري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه قد يصبح ورقة ضغط قابلة للاستخدام في القمة العربية القادمة، حسب مستوى التمثيل المصري، ووفقاً لقدرة الجزائر على معالجة هذه المسألة.