عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، اليوم الاثنين، اجتماعاً ناقشت خلاله دواعي استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي، في 20 فبراير/شباط الماضي، ضد مشروع قرار جزائري طالب بوقف إنساني لإطلاق النار في غزة. وحصل المشروع على تأييد 13 دولة، لكن الفيتو الأميركي أسقطه، حيث يحتاج أي مشروع قرار تسعة أصوات في مجلس الأمن لتبنّيه، شريطة ألا تستخدم أي من الدول دائمة العضوية الفيتو.
ويأتي اجتماع الجمعية العامة في سياق قرار اعتمدته في إبريل/نيسان 2022 يقضي بعقد اجتماع في غضون عشرة أيام (عمل) في الجمعية العامة، بعد استخدام أي من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي الفيتو ضد أي مشروع قرار. ويهدف الاجتماع إلى نقاش دواعي استخدام الفيتو وإظهار موقف الدول من ذلك.
وخلال الاجتماع، خاطب مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، الحاضرين قائلاً "فلسطين ستتحرر، وشعب فلسطين سيتحرر، وعندها فقط سيسود السلام وينعم به الجميع".
وأشار منصور في مداخلته إلى أن التهديد الأكبر للأمن والسلم الدوليين "هو ارتكاب الفظائع"، مضيفاً "لمدة خمسة أشهر، إسرائيل مستمرة في ارتكاب الفظائع دون مساءلة أو ردع".
وتوقف عند استخدام الولايات المتحدة الفيتو لأكثر من مرة، حيث لجأت إليه أربع مرات منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي ضد وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة، منها ثلاث ضد مشاريع قرارات وواحد ضد تعديل على مشروع قرار طالب كذلك بوقف إطلاق النار.
وشدد منصور على ضرورة "وضع حد لجرائم الحرب.. والإبادة الجماعية التي تمارس بحق الشعب الفلسطيني في غزة"، متهماً الاحتلال الإسرائيلي باستخدام "التجويع كسلاح حرب، بالإضافة إلى القصف والإعدامات الميدانية، وغيرها من آليات الحرب التي تستخدمها لتهجير 2.2 مليون شخص في غزة".
وتطرّق السفير الفلسطيني إلى وفاة الطفلين محمود فتوح ويزن الكفارنة بسبب انعدام الأمن الغذائي الحاد وسلاح التجويع الذي تستخدمه إسرائيل، رافعاً صورة الكفارنة الذي استشهد. وشدد على أن "أعداد الذين يموتون بسبب التجويع غير معروفة بالضبط، ولكنها في ارتفاع".
وطالب منصور بوقف إطلاق نار فوري، مؤكداً على دعم فلسطين للمبادرة "الفرنسية المكسيكية بشأن عدم استخدام الدول دائمة العضوية الفيتو في حالات جرائم الحرب والجرائم البشعة واسعة النطاق". وقال "لو كانت هذه المبادئ قد احتُرمت لكان مجلس الأمن قد تمكن من تبنّي قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة، كما فعلت الجمعية العامة، لكان من الممكن أن يوقف العنف المروع الذي يعاني منه أكثر من مليوني فلسطيني لأكثر من خمسة أشهر".
وتابع "أطفالنا ليسوا أقل قيمة، وأرواحهم ليست أقل قداسة من أرواح الأطفال الآخرين، وشعبنا ليس أدنى من الشعوب الأخرى... إن القضاء على إنسانيتنا يهدف إلى جعل قتل شعبنا مقبولاً بشكل أكبر".
ولفت إلى وجود تضامن واسع النطاق مع الفلسطينيين وقضيتهم حول العالم واستمرار الاحتجاجات ضد الحرب والإبادة ضد الفلسطينيين، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن هناك من يرى أن الفلسطينيين وحياتهم "أقل قيمة" من حياة الآخرين، وبالأخص الإسرائيليين على وجه التحديد.
واشنطن تحاول تبرير استخدامها الفيتو
من جهته، حاول نائب السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، روبرت وود، تبرير دواعي استخدام بلاده للفيتو ضد مشروع القرار الجزائري، زاعماً أنه ما كان ليحقق "هدف السلام المستدام".
وادعى كذلك أن مشروع وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية سيضر بهذا الهدف، كما سيعرقل جهود الوساطة التي تقوم بها بلاده، بالتعاون مع مصر وقطر، للتوصل إلى هدنة مؤقتة وإطلاق سراح المحتجزين في غزة.
وشدد على أن المفاوضات ما زالت جارية في هذا السياق. ولم يشرح الدبلوماسي الأميركي كيف يمكن لمشروع قرار يطالب بوقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين أن يهدد جهود بلاده والوسيطين القطري والمصري. وأشار إلى توزيع بلاده لمسودة مشروع قرار تدعو إلى "وقف مؤقت لإطلاق النار والإفراج الفوري عن المحتجزين وإدانة حماس".
"حافة الموت"
إلى ذلك، عبّر رئيس الجمعية العامة، دينيس فرانسيس، في مداخلته أمام الجمعية، عن صدمته إزاء التقارير التي تفيد باستشهاد وإصابة مئات الفلسطينيين الأسبوع الماضي، خلال انتظارهم للحصول على المساعدات الإنسانية، كما عبّر عن فزعه للوضع الإنساني "الكارثي وغير المعقول والمخجل".
وحذر من أن أي عملية برية على رفح من شأنها أن تؤدي إلى الزج بالعمليات الإنسانية إلى "حافة الموت".
وشدد فرانسيس على ضرورة تطبيق وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، محذراً من أن كل يوم يمر دون التوصل إلى حل يهدد بتعميق فشل المجتمع الدولي بالوفاء بالتزاماته وواجباته الأخلاقية، كما تزيد أعداد الخسائر في الأرواح المستمرة في التصاعد "من وصمة عار على ضميرنا الجماعي".