عاد أهالي أولى القرى التي هجرها الجيش المصري في محافظة شمال سيناء، شرقي البلاد، بعد تهجير قسري دام سبع سنوات، بحجة مكافحة الإرهاب، وملاحقة تنظيم "ولاية سيناء"، الموالي لتنظيم "داعش". واستقبلت قرية الظهير جنوب مدينة الشيخ زويد عشرات السيارات المحملة بأهالي القرية الذين عادوا إليها فور السماح لهم بدخولها بعد فتح الطريق إليها، من قبل قوات الجيش. وأعاد ذلك الأمل لآلاف المهجرين من سيناء، بشأن إمكانية العودة إليها خلال الفترة المقبلة، في ظلّ الهدوء الأمني النسبي في غالبية مناطق شمال سيناء خلال الأشهر الأخيرة، بخلاف بعض الهجمات التي استهدفت مسؤولين أمنيين وعسكريين وبعض النقاط العسكرية، ما أدى لوقوع خسائر بشرية ومادية.
الأهالي بدأوا بترميم منازلهم التي تضررت، وإزالة آثار الحرب عنها
وقال أحد مشايخ قرية الظهير لـ"العربي الجديد"، إنه "بجهود مشايخ من مدينة الشيخ زويد وبعض المسؤولين المحليين، تم التواصل مع قيادات الجيش، والاتفاق على تحديد موعد لعودة الأهالي إلى القرية، بعد غياب قسري استمر سنوات طويلة، فيما عمد مهندسو الكهرباء إلى تشغيل خط الكهرباء الموصول إلى القرية، تمهيداً لدخول المواطنين. وكذلك تمت إزالة السواتر الرملية التي كانت تغلق طريق الشيخ زويد- الظهير، ما سمح بدخول عشرات السيارات التي تقل الأهالي إلى منازلهم". ولفت المتحدث نفسه إلى أن "الأهالي بدأوا بترميم منازلهم التي تضررت، وإزالة آثار الحرب عنها، من أجل إعادة الحياة تدريجياً إلى طبيعتها في القرية، ما يشكل بارقة أمل لآلاف المهجرين بأن عودتهم باتت قريبة، طالما أن هناك إصرارا على ذلك، ودفعا في اتجاه هذا الهدف من قبل الوجهاء والمشايخ، وكذلك نواب سيناء الممثلين لهؤلاء المهجرين في مجلس النواب".
وأضاف الشيخ القبلي أن قرية الظهير، والتي تُسمى في سيناء بـ"عروس الجنوب"، "كانت أول قرية تتعرض لهجوم بري من قبل قوات الجيش المصري عام 2013، ليسيطر عليها ويطرد سكانها منها تحت نيران القصف الجوي والمدفعي، في إطار حرب مكافحة الإرهاب وملاحقة تنظيم ولاية سيناء الإرهابي، إذ انتشرت معلومات حينها عن وجود خلايا عسكرية للتنظيم بالقرب من القرية". وتابع: "استمرت سيطرة الجيش على القرية ومحيطها، من خلال إنشاء كمائن عسكرية، مدة سبع سنوات، إلى أن تم اتخاذ قرار بعودة الأهالي إليها، وتسهيل حياة المواطنين. وبالتالي، فإنّ القرية الأولى في التهجير، ها هي اليوم تتصدر قائمة القرى التي يعود إليها سكانها". وأشار إلى أنّ "هناك مطالبات بضرورة صرف تعويضات للأهالي، وتقديم الخدمات الأساسية للقرية، ما يخفف عن السكان أعباء الحياة، بعد سنوات من التهجير أدت إلى تآكل أوضاعهم المادية والاجتماعية".
هناك مطالبات بضرورة صرف تعويضات للأهالي
يشار إلى أنّ الجيش المصري هجّر سكان عشرات القرى على مدار سنوات الحرب في سيناء التي بدأت عام 2013، بالإضافة إلى تهجير سكان كافة أحياء مدينة رفح المجاورة للحدود المصرية مع قطاع غزة. وكانت عمليات التهجير في أشدها عام 2014 في أعقاب هجمات دموية لتنظيم "ولاية سيناء"، رد عليها الجيش بالإعلان عن إنشاء منطقة عازلة بمسافة 5 كيلومترات بمدينة رفح، وتهجير قرى في الشيخ زويد، خصوصاً المناطق الجنوبية منها، ليصبح آلاف المصريين بلا مأوى، وينتهي بهم المطاف في الصحراء، قبل أن يتمركز العديد منهم في مدينتي العريش وبئر العبد. من جهتها، صرفت الحكومة المصرية مبالغ مالية لا تكفي لإعادة ما دمرته آلة الحرب من منازل ومصادر رزق، وتجريف للأراضي الزراعية المثمرة، على الرغم من عشرات الدعوات الحقوقية بضرورة إيقاف عمليات التهجير القسري وهدم منازل المواطنين الآمنين في شمال سيناء.
الحكومة المصرية بصدد بيع الوحدات السكنية في مدينة رفح الجديدة في نكث للوعود
في سياق متصل، كشفت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة المصرية بصدد بيع الوحدات السكنية في مدينة رفح الجديدة التي يجري إنشاؤها كبديل عن مدينة رفح المهجرة، بدلاً من توزيعها على المهجرين قسرياً، الذين ما زالوا موزعين في محافظات مصرية متعددة، خارج جغرافيا سيناء، في انتظار إذن العودة إلى ديارهم. وهذا الإجراء، المتمثل ببيع الوحدات السكنية، يأتي مناقضاً للوعود التي قطعها الرئيس عبد الفتاح السيسي، والمسؤولون الحكوميون على مدار السنوات الماضية، بأن هذه المدينة ستكون مأوى لكل أهالي رفح المهجرين من ديارهم. وأشارت المصادر إلى أنه تم الانتهاء من إنشاء 84 عمارة سكنية في مدينة رفح الجديدة ضمن المرحلة الأولى بإجمالي 1344 وحدة سكنية، منها 41 عمارة جاهزة بإجمالي 656 وحدة سكنية و43 عمارة قيد التنفيذ بإجمالي 688 وحدة سكنية، فيما جرى إصدار توجيهات سيادية بإنشاء 100 عمارة جديدة في المدينة نفسها.