الحرب على غزّة تدفع باتجاه اعتراف دولي بدولة فلسطين

04 ابريل 2024
"طوفان الأقصى" أعادت القضية الفلسطينية إلى الخريطة الدولية (جوستين تاليس/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- القيادة الفلسطينية تقدم طلباً للأمم المتحدة لتفعيل عضويتها الكاملة، مستفيدة من الزخم الدولي بعد "طوفان الأقصى" ومعركة لإعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة، مع دعم من عدة دول أوروبية مثل أيرلندا وإسبانيا.
- الدعم الدولي لفلسطين يشهد تحولاً بفضل الجهود العربية والضغوط، خاصة من دول كالمملكة السعودية ومصر، مما يشكل اختباراً للمجتمع الدولي وتحدياً لموقف الولايات المتحدة المحتمل بالاعتراض.
- التحول في الدعم الأوروبي يعكس تغييراً في السياسة الدولية تجاه إسرائيل، معززاً الضغوط لحل الدولتين وزيادة العزلة الدولية لإسرائيل، مما يدفع نحو مفاوضات جادة ويفتح الباب لمزيد من الإجراءات الدولية لدعم الحقوق الفلسطينية.

مطالبة الأمم المتحدة بالمضي في تفعيل طلب عضوية كاملة لدولة فلسطين

الجاغوب: طلب عضوية فلسطين اختبار حقيقي للولايات المتحدة تحديداً

رغبة دول أوروبية بالاعتراف بدولة فلسطين خطوة عقابية لإسرائيل

طالبت القيادة الفلسطينية الأمم المتحدة رسمياً بالمضي في تفعيل طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين، أول من أمس الثلاثاء، على أن تبدأ المناقشات حول الطلب في 18 إبريل/ نيسان الجاري، وجاء ذلك في الوقت الذي أبدت فيه دول أوروبية عدة نيتها الاعتراف بدولة فلسطين من جانب واحد، ويأتي هذا الحراك السياسي والقانوني كأحد تجليات معركة "طوفان الأقصى" التي أعادت القضية الفلسطينية إلى الخريطة الدولية بعد غياب طويل.

ولم يأت هذا الحراك على صعيد الاعتراف بدولة فلسطين، نتيجة نشاط استثنائي ما من قبل السلطة الفلسطينية، فتفعيل ملف منح دولة فلسطين العضوية الكاملة يأتي بعد أكثر من عقد على تقديمه من قبل السلطة الفلسطينية، التي لم تحركه طيلة الفترة الماضية، نتيجة وعود أميركية بأن هذا الاعتراف سيكون مقابل تنفيذ القيادة الفلسطينية رزمة من المقترحات عُرف منها: موافقة القيادة الفلسطينية على تغيير آلية دفع مخصصات الشهداء والأسرى والجرحى، لتصبح عبر التنمية الاجتماعية المتخصصة بالدفع للمحتاجين، وتغيير مبالغ المخصصات حسب الاحتياج وعدد أفراد العائلة وليس عدد سنوات الاعتقال.

أما التصريحات المتعاقبة لعدد من الدول الأوروبية التي تقود حراكاً داخل الاتحاد الأوروبي للاعتراف بدولة فلسطين، على رأسها أيرلندا وإسبانيا ومالطا وبلجيكا، فتأتي نتيجة رغبة هذه الدول بمعاقبة إسرائيل عبر فرض حل الدولتين عليها، وهو الأمر الذي رفضته الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وأشدها حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة حالياً.

ضغط عربي للاعتراف بدولة فلسطين

وقال منير الجاغوب، المتحدث باسم حركة فتح، لـ"العربي الجديد" إن "هناك تصريحات من الإدارة الأميركية بأنها تستمع باهتمام للنقاشات التي تدور حول منح فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة، وهناك تصريحات مشجعة أيضاً من الاتحاد الأوروبي".

وأضاف الجاغوب أنه في "18 إبريل/ نيسان الجاري، سنرى إن كان العالم يتحدث بصدق حول هذا الأمر، أم أنه يستخدم لغة العلاقات العامة الدولية وهو يراقب المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة ضد الفلسطينيين".

وأشار الجاغوب إلى أن "هناك تخوفاً من استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد القرار، هذا اختبار حقيقي للولايات المتحدة تحديداً، لأننا لا نعتقد أن هناك أي دولة في مجلس الأمن ستعارض"، مؤكداً أن "هناك ضغطاً عربياً وتحديداً من المملكة السعودية بهذا الاتجاه، إلى جانب مصر والأردن وقطر والإمارات".

وحول الآثار المترتبة على هذا القرار وانعكاسه على الواقع، قال الجاغوب "في المشهد السياسي سيثبت حق قديم للفلسطينيين بدولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو/حزيران وعاصمتها القدس الشرقية، ونحن نطالب بهذه الخطوة منذ عام 2011، وننتظر الفرصة السانحة لذلك، والأمور الآن أكثر جدية من قبل العالم، وهذا القرار من شأنه أن يطاول قرارات أخرى كثيرة تتعلق بالحقوق الفلسطينية مثل القرار 2334 المتعلق بالاستيطان".

ووضح الجاغوب "الدولة الفلسطينية يجب أن تكون خالية من المستوطنات، وبالتالي إذا مرّ قرار دولة فلسطينية كاملة العضوية، فإن هذا ينقلنا إلى مربع جديد في ملاحقة إسرائيل".

إلى ذلك، اعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية أن رغبة بعض الدول الأوروبية بالاعتراف بدولة فلسطين خطوة عقابية لإسرائيل، وستزيد من عزلتها الدولية، وقال مساعد وزير الخارجية للعلاقات متعددة الأطراف، السفير عمار حجازي، لـ"العربي الجديد" إن "هذا دليل على الجو العالمي المعادي لتصرفات إسرائيل وعنجهيتها، ومؤشر جيد على أن هناك دولاً تقوم بخطوات عملية سياسية، ربما لا يقرأها الشعب الفلسطيني على أنها خطوة قوية وكافية، لا سيما وسط استمرار المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة، لكن العالم يقرأها على أنها تأتي في سياق إجراءات عقابية ضد إسرائيل لم تكن لتحدث في السنوات الماضية".

وأعربت دول مثل أيرلندا وإسبانيا وفرنسا وبلجيكا ولوكسمبورغ والبرتغال ومالطا عن رغبتها بالاعتراف بدولة فلسطينية في تصريحات صحافية من أعلى المستويات، وبحسب حجازي "فإن معظم هذه الدول كانت تقول إنها ستعترف بدولة فلسطينية عندما تأتي اللحظة المناسبة، وهنا تكمن الأهمية في أن هناك تغيّراً جوهرياً في السياسات الدولية تجاه إسرائيل".

ويضيف حجازي أن "اعتراف بعض الدول الأوروبية الوازنة بدولة فلسطينية ترجمته الفعلية أن هذه الدول لن تعترف لإسرائيل بأية شرعية على هذه الأرض المحتلة، وهذا يصب بالاتجاه نفسه الذي تعمل عليه محكمة العدل الدولية، لكن هذا موقف ثنائي من دول".

حل الدولتين

وقال حجازي إن "هذا يُفهم على أنه حصار دولي وعزلة لإسرائيل تمهيداً لإجراءات قادمة نطمح لها، وهذا الأمر لم يكن ممكناً في السنوات السابقة خشية من إسرائيل، التي كانت كلمتها وغضبها في هذه الدول له وزن كبير، لكن هذه الدول اليوم بتصريحاتها الراغبة بالاعتراف بدولة فلسطينية تفرض حلاً على إسرائيل".

وحول توقيت تفعيل طلب العضوية الكامل لدولة فلسطين في مجلس الأمن، قال الخبير في القانون الدولي، رائد أبو بدوية، لـ"العربي الجديد" إن "الجهود الأميركية ركزت في تعاطيها مع العدوان الإسرائيلي على تسوية سياسية إقليمية تقوم على إحياء حل الدولتين، وانطلاق مسيرة سياسية في الشرق الأوسط، فيها عنصر أساسي وهو إطلاق مسار سياسي للدولة الفلسطينية مقابل التطبيع مع السعودية".

وبالنسبة لمدى جدية الإدارة الأميركية، قال أبو بدوية: "أستبعد أن تعترف الولايات المتحدة بالدولة الفلسطينية بشكل مسبق، لكنني أرجح أنها ستسمح بتمرير قرار في مجلس الأمن يسمح بحصول فلسطين على عضوية كاملة". 

ويرى أبو بدوية أن "بعض الدول الأوروبية صعدت مؤخراً من تصريحاتها السياسية فيما يتعلق بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، لأنهم أدركوا أن الاعتماد على مسار مفاوضات ثنائي في ظل حكومة بنيامين نتنياهو لإقامة الدولة الفلسطينية أمر صعب، لذلك كثير من الدول اقتنعت باستخدام أدوات سياسية ضاغطة، ومنها موضوع الاعتراف بدولة فلسطينية". 

وأشار أبو بدوية إلى أن "الاعتراف بدولة فلسطينية هو أداة ضغط غربية دولية دبلوماسية على إسرائيل للذهاب إلى حل الدولتين، عبر الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ووضع إسرائيل تحت الأمر الواقع للدخول في مسيرة سياسية أو مفاوضات متعلقة بحل الدولتين لاحقاً".

المساهمون