من المتوقع أن تُقدّم الحكومة الأردنية برئاسة بشر الخصاونة، اليوم الأحد، بيانها الوزاري، الذي تطلب بموجبه ثقة أعضاء مجلس النواب الـ19، من أجل استمرار مسؤولياتها الدستورية وإدارة شؤون البلاد. ويواجه مجلس النواب الجديد الذي عقد أولى جلساته في 10 ديسمبر/كانون الأول الماضي، قضايا صعبة وأحمالاً ثقيلة، لعلّ أبرزها الصورة السلبية غير المريحة في الأوساط الشعبية، وفجوة الثقة بين المواطنين والمجلس. بالتالي يُعتبر استحقاق الثقة الذي تفرضه الأجندة التشريعية، الامتحان الأول للمجلس في أداء مهامه.
ويأتي طلب الحكومة لثقة مجلس النواب سنداً لأحكام الدستور الأردني، الذي يلزم الحكومة التي تتشكّل في ظلّ حلّ مجلس النواب التقدم ببيان الثقة خلال شهر من انعقاد المجلس الجديد. وينصّ البند الخامس من المادة 53 من الدستور الأردني، على أنه "إذا كان مجلس النواب منحلاً، فعلى الوزارة أن تتقدم ببيانها الوزاري، وأن تطلب الثقة على ذلك البيان خلال شهر من تاريخ اجتماع المجلس الجديد"، المنبثق عن الانتخابات التشريعية التي أجريت في 10 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
بحث الخصاونة والعودات وضع الخطوط الرئيسية للبيان الوزاري المرتقب
وشُكلت حكومة الخصاونة، بعد رحيل حكومة عمر الرزاز إثر حل مجلس النواب الـ18 في 27 سبتمبر/أيلول الماضي، وينصّ البند الثاني من المادة 74 من الدستور على أن "الحكومة التي يحل مجلس النواب في عهدها تستقيل خلال أسبوع، ولا يجوز تكليف رئيسها بتشكيل الحكومة التي تليها".
في السياق بحث الخصاونة مع رئيس مجلس النواب عبد المنعم العودات، ورؤساء الكتل النيابية والمكتب الدائم، يوم الثلاثاء الماضي، وضع التصورات النهائية للمرحلة المقبلة والخطوط الرئيسية لبيان الحكومة الوزاري. وتوافق الطرفان على تقديم البيان الذي ستطلب حكومة الخصاونة ثقة النواب على أساسه اليوم الأحد، على أن تبدأ مناقشات الثقة بالحكومة يوم الثلاثاء المقبل.
وفي بيان صادر عن مجلس النواب، ذكر العودات أنه في حال نالت الحكومة ثقة النواب، فإن المجلس سيحدد أولويات المرحلة المقبلة، مستنداً إلى التشاركية. واعتبر أن المرحلة تقتضي العمل بعقلية تشاركية من دون تدخل أي سلطة في واجبات وأدوار السلطة الأخرى، وأن متابعة وعود الحكومة وما ورد في بيانها الوزاري، تأتي في صلب العمل النيابي.
بدوره، قال الخصاونة إن الحكومة تحترم الدور الرقابي والتشريعي المهم الذي يقوم به المجلس في الرقابة على أعمال الحكومة وسنّ التشريعات. وأكد أنها ستلتزم بالرد على الأسئلة والاستجوابات والاستيضاحات النيابية وضمن المدد القانونية، وفي حال نيلها ثقة المجلس، ستتقدم بعدها وفي وقت قريب بمشروع قانون الموازنة العامة.
ويتعين على الحكومة الحصول على تأييد 66 نائباً من أعضاء مجلس النواب الـ130، ويُعتبر الامتناع عن التصويت أو الغياب في هذه الحالة كحجب الثقة. وشكّل النواب 6 كتل نيابية، ضمت في عضويتها 118 نائباً، هي: المستقبل، القرار، العدالة، المسيرة، العزم، الشعب، فيما بلغ عدد النواب المستقلين 12، وفشلت الحركة الإسلامية في جمع 10 نواب لتشكيل كتلة.
الكتل البرلمانية غير متماسكة فعلياً بل ضعيفة وقد تتفكك
ويقول الرئيس السابق لـ"الجمعية الأردنية للعلوم السياسية" خالد شنيكات، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن اللقاءات التي تجمع رئيس الحكومة، مع أعضاء البرلمان وزيارته إلى مجلس النواب هي بروتوكولية بامتياز، تحضيراً لبيان خطاب الثقة الذي ستقدمه الحكومة للمجلس اليوم الأحد. ويضيف: "دستورياً مجلس النواب هو صاحب الصلاحية بمنح الثقة أو حجبها عن الحكومة، وفي حال منحها تستمر الحكومة، أما في حال حجبها فتسقط". ويذكّر أنه تاريخياً، ومنذ حوالي 20 عاماً تقريباً، لم تسقط أي حكومة في الأردن بسبب حجب الثقة من قبل المجلس إطلاقاً.
ويرى أن اجتماعات الحكومة التحضيرية مع النواب تأتي للاستماع لمطالبهم، وإدراج بعضها في البيان الوزاري، وذلك من باب خلق أجواء إيجابية مع البرلمان، خصوصاً أن النواب الجدد يريدون الظهور بشكل جيد أمام الناخبين عند مناقشة الثقة.
وحول الكتل البرلمانية ودورها المقبل، يلفت شنيكات إلى أنها تشكّلت بعد إفراز المجلس وليس قبل الانتخابات، أي أنها لم تُبنَ على برنامج حزبي أو سياسي واضح. ويعتبر أن التشكيل جاء كمحاولة لتجميع أكبر عدد من النواب من أجل تسيير عمل البرلمان، فالنظام الفردي غير مناسب للعمل البرلماني، حيث الكتل تُسهّل عمل البرلمان، وكل استحقاق مرتبط بآلية عمل المجلس.
وبرأي شنيكات فإن الكتل البرلمانية غير متماسكة فعلياً، بل ضعيفة وقد تتفكك في أي لحظة، لافتاً إلى أنه في بعض الكتل يجري التصويت على بعض القرارات والتوجهات بشكل فردي، ولا يتفق جميع أعضائها على موقف واحد، كما في الدول الديمقراطية العريقة. لكنه يعتبر أن السيناريو المقبل سيتضمن أسبوعاً أو أكثر من النقاش والردود على بيان الثقة، مرجحاً حصول حكومة الخصاونة على ثقة البرلمان في النهاية عند التصويت.
بدوره، يقول الكاتب الصحافي الأردني زياد الرباعي، لـ"العربي الجديد"، إن الحصول على الثقة شرط لإضفاء الشرعية الدستورية الكاملة على كل حكومة جديدة تؤلف، إلا أن ديمومتها تعتمد بشكل أساسي على قدرتها على المحافظة على ثقة أعضاء مجلس النواب. ويضيف: "إذا ما فقدت تلك الثقة في أي وقت من الأوقات وجب عليها أن تستقيل وفق أحكام الدستور". ويتوقع أن ترتكز طلبات النواب على تحقيق العدالة، وتطوير الخدمات الاجتماعية والصحية، وعدم رفع الأسعار بالإضافة إلى تحسين أوضاع المواطنين، وزيادة فرص العمل، كما في كل مرة.
ويرجح الرباعي حصول الحكومة على ثقة البرلمان، على الرغم من مشاهد الشدّ والجذب التي ستغطي نقاشات الثقة. ويبدي اعتقاده بأن يعمل النواب الجدد على إظهار قوتهم واستعراض قدرتهم على النقاش أمام الناخبين، ليظهروا أنهم ليسوا تحت جناح الحكومة، ويختلفون عن النواب السابقين. ويعتبر أن الكتل النيابية هي كتل هلامية جاءت كاستحقاق للعمل البرلماني، لكنها لا تضمن الثبات، وأن النواب الحاليين كما الحكومة لن يختلفوا عن الحكومات والمجالس السابقة.