أُعلن في تونس، اليوم الاثنين، عن الحكومة الجديدة برئاسة نجلاء بودن، التي أدّت اليمين الدستورية مع أعضاء حكومتها أمام الرئيس قيس سعيّد. وكان سعيّد قد أصدر أمراً رئاسياً، في وقت سابق اليوم، بتسمية رئيسة الحكومة وأعضائها.
وتضمّ الحكومة 24 وزيراً، من بينهم 9 نساء، بمن فيهم بودن، التي أبقت على 5 وزراء ممن عينهم سعيّد سابقاً. وأبقت بودن على وزراء الثقة الذين عوّل عليهم سعيّد خلال الفترة الاستثنائية لفرض قراراته بعد 25 يوليو/تموز الماضي، في أوج معارضة الشارع والأحزاب التي اعتبرت ما أقدم عليه انقلاباً على الدستور والشرعية.
وحافظ وزير الخارجية عثمان الجرندي على منصبه، وهو الذي قاد "الحملة الدبلوماسية التفسيرية" في الخارج دفاعاً عن خيارات سعيّد وتوجهاته بعد 25 يوليو. كما يواصل وزراء المالية سهام بوغديري نمصية، وتكنولوجيات الاتصال نزار بن ناجي، والصحة علي مرابط، مهامهم، بعد أن تم تعيينهم خلال الحالة الاستثنائية، مكلفين بتسيير الوزارات نفسها، بالإضافة إلى وزير التعليم فتحي السلاوتي، الذي بقي بدوره منذ حكومة هشام المشيشي.
وتتميز الحكومة الجديدة بحضور نسائي لافت، حيث تشغل 8 نساء مهام وزراء، إلى جانب كاتبة دولة للخارجية، علاوة على رئيسة الحكومة، بما يجعل أكثر من ثلث الحكومة من النساء، في سابقة لم تعرف لها الحكومات المتعاقبة مثيلاً.
وسجلت حكومة بودن عودة وزيرين ممن أقالهم هشام المشيشي سابقاً، ممن كانوا محلّ ثقة الرئيس سعيّد، ليعود وزير الداخلية توفيق شرف الدين، ووزير الشباب والرياضة كمال دقيش، إلى منصبيهما من جديد.
وفي كلمته بعد موكب أداء حكومة نجلاء بودن اليمين، ردّ الرئيس قيس سعيّد على الانتقادات المتعلقة بالتأخر في تشكيل الحكومة، مؤكداً أن "تونس تعيش معركة تحرير وطني، سنخوضها معاً وننتصر فيها معاً"، مشدداً على أن "من يخوض المعارك يجب أن يعرف الأصدقاء قبل أن يعرف المخادعين والماكرين".
وانتقد سعيد جهات لم يسمّها بأنها فرحت ودعمت قرارات 25 يوليو/تموز في البداية، ولكنها تراجعت الآن، موضحاً أنه فعّل الفصل 80، واتخذ الإجراءات الاستثنائية بسبب "الخطر الداهم" الذي تعرفه تونس، مؤكدا أن "هذا الخطر الداهم ما زال قائماً إلى حدّ اللحظة"، وفق تعبيره.
واستعرض سعيّد عدداً من الصور التي تبيّن تبادل عنف في البرلمان، مؤكداً أن "هذه المؤسسة لم تنجز الكثير خلال سنتين"، وأنه لن يترك الدولة لقمة سائغة، قائلاً إن "حقائب الأموال كانت تدخل يومياً من الخارج من دون أي تصريح". وتابع: "كانوا ينفقون يومياً الملايين في الملاهي والنزل، في الوقت الذي كان فيه الشعب التونسي يموت"، مضيفاً: "بعد ذلك لا يتورعون عن القول إنهم يعملون لتحقيق أحداث الثورة".
ومن جانب آخر، قال سعيّد إنه يجري العمل على إيجاد إطار لحوار وطني حقيقي مختلف عما حصل في السنوات الماضية، وأن "الحوار سيكون مع الشباب من كل جهات الجمهورية، ويضم كل التونسيين والتونسيات".
وحذر الرئيس التونسي، الذي تلقى قراراته انتقادات واسعة، من محاولات للتعدي على الدولة التونسية ومؤسساتها، وعلى ممتلكات التونسيين، مشدداً على أنه "سيتم إحباط كل ما يُخططون له".
وقال إن "هناك تونسيين ذهبوا إلى عدّة عواصم لإفشال تنظيم قمة الفرنكفونية في جربة الشهر المقبل، وإنه بناء على تقارير من الأصدقاء وتقارير أخرى، هناك من حاول إفساد العلاقة مع فرنسا على وجه الخصوص حول مؤتمر قمة الفرنكفونية".
وانتقد سعيد الرئيس الأسبق منصف المرزوقي، من دون تسميته، قائلاً: "من الفضائح التي لن ينساها التاريخ والشعب، دعوة أحدهم، وأترفع عن ذكر اسمه، إلى تدخل القوى الأجنبية في الشأن التونسي وممارسة ضغوط على بلادنا، وكأننا دولة دون سيادة أو غير مستقلين"، مؤكداً أن "تونس ليست ضيعة ولا بستاناً". وأضاف: "من كان يخطب أمس، ومن كان ينظم الندوات ويدلي بالتصريحات اتجه إلى بعض العواصم والأحزاب والحركات والأشخاص لحثهم على عدم تنظيم القمة بجربة".
بدورها، قالت بودن، في تصريح لها، إن هذه الحكومة منفتحة على كل الأطراف، مشددة على أنه "لا بد من مكافحة الفساد لتوفير مناخ الثقة والإصلاح الجذري والحقيقي". ولفتت إلى أنه "ينبغي ترتيب الأولويات والتقييم، وإعادة الأمل للتونسيين، واستعادة الثقة في الدولة".
ولفتت بودن إلى أن هدفها ''إرجاع الثقة والأمل، وضمان الأمن الاقتصادي والصحي للمواطن، واستعادة الثقة في الدولة، وهي ثقة لا تتحقق إلا بشعوره بأنه مواطن كامل الحقوق". وتابعت بودن ''نهدف إلى إرجاع ثقة المواطن في الإدارة والعمل الحكومي، وثقة الخارج في بلادنا، كما أن من أهم الأهداف مكافحة الفساد الذي يزداد يوماً بعد يوم''. وشددت على عملها على إعادة الأمل للمواطن ''في مستقبل نتمناه أفضل، واعتماد الكفاءة والخبرة أساساً لتحقيق هذه الأهداف، وأن نحقق النجاعة للمؤسسات العمومية وتجسيد مبدأ المراقبة والمحاسبة'".
كما نصّت في برنامجها على ''التسريع في تنشيط الدورة الاقتصادية، وفتح مجال المبادرة، وتحسين ظروف عيش المواطن وقدرته الشرائية بالعمل على توفير خدمات ذات جودة".
وقالت بودن إن "إرادة الحكومة هي العمل من أجل مصلحة تونس، والاستجابة لمطالب شعبها وانفتاحها على كل الأطراف''، مشيرة إلى أنه "حتى تتمكن الحكومة من الشروع الفوري في العمل، تم الحفاظ على الهيكلة الكبرى للوزارات''.
وكلّف سعيّد في 29 سبتمبر/أيلول الماضي نجلاء بودن بتشكيل حكومة، وهي أوّل امرأة تتولّى منصب رئيسة حكومة في تاريخ تونس.
ونجلاء بودن رمضان من مواليد 1958، أصيلة ولاية القيروان، وهي أستاذة تعليم عال في المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس، مختصّة في علوم الجيولوجيا، تشغل حالياً منصب مكلفة بتنفيذ برامج البنك الدولي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وتمّ تعيينها مديرة عامة مكلفة بالجودة بوزارة التعليم العالي سنة 2011. كما شغلت منصب رئيسة وحدة تصرف حسب الأهداف بالوزارة ذاتها، وكُلّفت بمهمة ديوان وزير التعليم العالي السابق شهاب بودن سنة 2015.
وفي ما يلي، تشكيلة الحكومة التونسية الجديدة كاملة:
وزيرة العدل ليلى جفال
وزير الدفاع عماد مميش
وزير الداخلية توفيق شرف الدين
وزير الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج عثمان الجرندي
وزيرة المالية سهام بوغديري نمصية
وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد
وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي
وزيرة الصناعة والطاقة نايلة نويرة غوندي
وزيرة التجارة فضيلة الرابحي بن حميدة
وزير الفلاحة محمود إلياس حمزة
وزير الصحة علي مرابط
وزير التربية فتحي السلاوتي
وزير التعليم العالي منصف بوكثير
وزير الشباب والرياضة كمال دقيش
وزير النقل ربيع المجيدي
وزير تكنولوجيات الاتصال نزار بن ناجي
وزيرة التجهيز والإسكان سارة زعفراني جندري
وزير أملاك الدولة محمد الرقيق
وزير السياحة محمد معز بن حسين
وزير الشؤون الدينية محمد إبراهيم الشايبي
وزيرة المرأة آمال بالحاج
وزيرة الثقافة حياة قطاط القرمازي
وزيرة البيئة ليلى الشيخاوي
كاتبة دولة لدى وزير الخارجية عايدة حمدي