أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، اليوم الاثنين، عن انطلاق المرحلة الجديدة من برنامج الإصلاح الذي تعمل الحكومة على إنجازه، بتوجيه من الرئيس محمود عباس، مؤكداً العزم على المضي في إصلاح السلطة لخدمة الفلسطينيين ولكي لا يكون الحديث عنه "شماعة لفشل المجتمع الدولي في الوصول إلى إنهاء الاحتلال".
وقال اشتية في كلمة له، في مستهل الجلسة الأسبوعية للحكومة الفلسطينية بمدينة رام الله، "اليوم نعلن انطلاق المرحلة الجديدة من تنفيذ هذا البرنامج في المنظومة القضائية والأمنية والإدارية والمالية، والتي سوف تتركز على تعزيز منظومة القضاء وإجراء تغييرات هيكلية فيه، وتنفيذ القانون ومعالجة مدة التقاضي في المحاكم، واستمرار الحوار مع النقابة والجهات ذات العلاقة حول إقرار نظام المساعدة القانونية لمن يحتاج إليها".
ويشمل ذلك أيضاً، بحسب اشتية "استكمال عمل النظام الإداري الفلسطيني" مشيراً إلى أن الرئيس عباس "سيعين محافظين جددا، بعد أن مضىت عدة أشهر على شغور المناصب في جميع المحافظات، وكذلك الحالة بالنسبة للسفارات الشاغرة".
وأوضح اشتية أن البرنامج يشمل تغييرات جوهرية في وزارة الصحة، خاصة توفير تأمين صحي لجميع المواطنين، وتغييرات لمعالجة الديون المترتبة على جهات عديدة ومتعلقة بفواتير المياه والكهرباء المستحقة، والتي تخصمها إسرائيل من المقاصة، وإعادة هيكلية بعض الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين.
وفي البرنامج أيضاً، إنشاء الشركة الوطنية للمياه، وإقرار قانون الخدمة المدنية، وقانون ضريبة القيمة المضافة، وقانون المنافسة الاقتصادية، ومعالجة رواتب، وامتيازات وسن التقاعد لجميع موظفي دولة فلسطين، واستكمال دمج المؤسسات الحكومية غير الوزارية مع الوزارات ذات العلاقة.
الأجهزة الأمنية والمجتمع المدني
وفيما يتعلق بالأجهزة الأمنية، بين اشتية أن الإصلاح يتضمن إعادة هيكلة قوى الأمن، وتطوير وصفها الوظيفي وحوكمة مرجعيتها ومرجعية هيئات الأمن حسب القانون، وتعديل نظام التعيين في قوى الأمن، إضافة إلى مكافحة الجريمة والخارجين عن القانون، وتعزيز السلم الأهلي، وإصلاح هيئة مكافحة الفساد ودفع عملها إلى الأمام وبمزيد من الشفافية.
ويحرص الإصلاح، وفق اشتية، على توسيع نطاق مشاركة مؤسسات المجتمع المدني من خلال بعض القوانين، لضمان تطوير العلاقة مع المجتمع المدني، والتأكيد على وقف العمل بقرار بقانون رقم 7 لعام 2021، الذي احتجت عليه مؤسسات المجتمع المدن، وفتح المنافسة أمام وسائل الإعلام، وإقرار حرية الوصول إلى المعلومات، عبر إقرار استكمال مجموعة من القوانين ذات العلاقة بالتنسيق مع نقابة الصحافيين.
وطالب اشتية الوزارات بعقد جلسات استشارية منتظمة مع العاملين في القطاعات الاقتصادية والخدماتية من القطاع الأهلي والقطاع الخاص، مبيناً أن الرئيس الفلسطيني "أكد أهمية إجراء الانتخابات العامة فور توفر الظروف لذلك، بما يشمل القدس بما يتيح لجميع شرائح المجتمع السياسية والأهلية والمدنية المشاركة فيها".
وقال اشتية: "المهم في موضوع إنعاش السلطة وما يتحدث عنه المجتمع الدولي هو وقف الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفي الضفة الغربية، وإزالة الحواجز ووقف جرائم المستعمرين، ووقف اجتياحات المخيمات والقرى والمدن، ووقف الاقتطاعات المالية من مستحقاتنا الضريبية، وتحويل أموالنا إلينا".
"الإصلاح ليس بديلاً عن إنهاء الاحتلال"
إلى ذلك، شدد اشتية على أن "برنامج الإصلاح هو استمرار لعملنا، وهو من أجل أولادنا، وهيبة فلسطين وصورتها أمام العالم، مع إدراكنا أن أساس المشكلة يكمن في الاحتلال، والحاجة إلى حل سياسي، ولكي لا يكون الحديث عن الإصلاح شماعة لفشل المجتمع الدولي في الوصول إلى إنهاء الاحتلال، ولكن من جانب آخر سوف نقوم بكل ما فيه مصلحة لشعبنا العظيم".
وأكد اشتية ضرورة التزام إسرائيل بكل ما جاء في قرار محكمة العدل الدولية، واصفا القرار بـ"المهم" قانونياً وسياسياً وإنسانياً، فإدخال المساعدات "يحتاج إلى وقف لإطلاق النار، ووقف العدوان، وتمكين الناس من العودة إلى بيوتهم".
ورحب اشتية بقرار أمين عام الأمم المتحدة إحالة قرار المحكمة إلى مجلس الأمن، آملاً من المجلس أن "يرقى إلى حجم الحدث الجلل، ويطالب بوقف العدوان على الشعب الفلسطيني".
وأكد اشتية أن المهم في قرار المحكمة أن إسرائيل تقف اليوم "متهمة بارتكاب إبادة جماعية، بعد أن وصفتها قبل عام العديد من المؤسسات الدولية بأنها دولة عنصرية تمارس الأبرتهايد، ضد الشعب الفلسطيني"، وأن على "رعاة إسرائيل وقفها عن ضم أراض في قطاع غزة تحت حجة إنشاء منطقة عازلة، ومنع عودة الاستعمار والمستعمرين إلى القطاع".
وشدد اشتية على أن الهجوم على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) هو "هجوم سياسي مبيت من إسرائيل، فمنذ زمن وهي تحارب وكالة الغوث، والمخيمات في كل مكان، ولقد رأينا ذلك في غزة، وجنين، وطولكرم، وبلاطة، وعقبة جبر، والفوار، والدهيشة".
وأعرب اشتية عن أمله في تراجع الدول التي أوقفت مساعداتها مؤقتاً عن هذا الإجراء، كونه يشكل خطراً على "أونروا"، ويعيق تنفيذ قرار المحكمة، لا سيما أنها تقدم مساعدات لحوالي 1.7 مليون إنسان، ويعرض للخطر أرواح المحتاجين للمساعدة في غزة.
وعن انتهاكات الاحتلال المتواصلة في الضفة الغربية، قال اشتية: "تحضر إسرائيل لإنشاء عدد من المستعمرات الجديدة، وتعزيز الاستعمار، لتقويض أي جهد دولي لإنهاء الاحتلال، ويقومون بسرقة الأغنام، والمواشي، وتدفيع أصحابها آلاف الدولارات للإفراج عنها، تحت حجة أنها ترعى في مناطق (ج)، وهذا الأمر يتكرر في الأغوار، ومسافر يطا، وغيرها".
وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أكدت مصادر فلسطينية مطلعة لـ"العربي الجديد" أن الإدارة الأميركية تضغط على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، من أجل تشكيل حكومة فلسطينية جديدة بصلاحيات واسعة، والقيام بإصلاحات جذرية في السلطة وتحديداً في مجال الأمن.
وبحسب المصادر، "كان رد الرئيس أبو مازن واضحاً بأن هذه أمور داخلية فلسطينية، وأن المطلوب من الإدارة الأميركية الضغط على إسرائيل من أجل وقف الحرب الدموية على قطاع غزة، عبر وقف إطلاق النار ووقف التهجير في قطاع غزة".