استمع إلى الملخص
- أعربت المنظمات الدولية عن قلقها وطالبت بالإفراج عن المختطفين، بينما دافع الحوثيون عن إجراءاتهم واعتبروها قانونية، متهمين المنظمات بتجاوز اللوائح اليمنية.
- يسعى الحوثيون لتحويل المنظمات الإنسانية إلى مصدر إيرادات عبر السيطرة على توزيع المساعدات، مما يضع تحديات كبيرة أمام استمرار العمل الإنساني في مناطق سيطرتهم.
استأنف الحوثيون تصعيدهم ضد المنظمات الدولية العاملة في اليمن، والذي من شأنه زيادة عزلة دولية تعاني منها الجماعة التي تتخذ موقفاً معادياً من المنظمات المحلية والدولية، المتهمة بالتجسس على الحوثيين. وأحال الحوثيون عدداً من الموظفين المختطفين لدى الجماعة التابعين لتلك المنظمات إلى "النيابة الجزائية"، من بينهم ثلاثة من موظفي الأمم المتحدة، اثنان من "يونسكو" وواحد من مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الذين تم اعتقالهم في عامي 2021 و2023.
وكانت جماعة الحوثيين قد شنت حملة اختطافات في يونيو/حزيران الماضي، شملت العشرات من موظفي المنظمات الدولية وصادرت هواتفهم وحواسيبهم الشخصية، وقامت بإخفائهم بدون تقديمهم للنيابة، حيث تتهمهم بالعمالة والتجسس. وأعرب رؤساء الكيانات المتأثرة التابعة للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية، عن قلقهم البالغ بشأن إحالة سلطات الحوثيين عدداً من الموظفين المختطفين إلى "النيابة الجزائية". وقالوا، في بيان، نشره مكتب المبعوث الأممي هانس غروندبرغ على موقعه، إن الحوثيين أحالوا الموظفين المختطفين إلى المحاكمة، بمن فيهم ثلاثة من موظفي الأمم المتحدة، اثنان من "يونسكو" وموظف من مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، الذين اختطفوا عامي 2021 و2023.
الكرار المراني: إحالة بعض موظفي المنظمات المتهمين إلى النيابة إجراء قانوني صحيح
واعتبر البيان أن توجيه "اتهامات" ضد هؤلاء الموظفين "أمر غير مقبول، ويزيد من فترة احتجازهم بدون أي تواصل"، مؤكداً أن هذا الإجراء يعرّض سلامة وأمن الموظفين وأسرهم لمزيد من الخطر، وسيعيق جهود الأمم المتحدة في الوصول إلى ملايين المحتاجين للمساعدات الإنسانية في اليمن، مما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني في البلاد.
وجدد رؤساء المنظمات دعواتهم العاجلة إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي الأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية، ومنظمات المجتمع المدني، والدبلوماسيين المحتجزين تعسفياً في اليمن، مشددين على ضرورة وقف استهداف العاملين في المجال الإنساني والإفراج عن جميع المحتجزين. واختتم البيان بالتأكيد أن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية تعمل عبر قنوات متعددة ومع حكومات مختلفة لضمان إطلاق سراح الموظفين المحتجزين. ووقّع على البيان كل من المبعوث الأممي لليمن، ومفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، ومدراء برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمات يونسكو ويونيسف والصحة العالمية، ومنظمة رعاية الأطفال الدولية ومنظمتي أوكسفام وكير الدوليتين.
دفاع عن الحوثيين
وعن ذلك، قال الصحافي المقرب من الحوثيين الكرار المراني، لـ"العربي الجديد"، إن إحالة بعض موظفي المنظمات المتهمين إلى النيابة "هو إجراء قانوني صحيح، يكفل لهم حرية الدفاع عن أنفسهم، إن لم يكونوا متورطين في أعمال عدائية تضر بمصالح البلاد، بقصد أو بدون قصد، لذلك الكلمة الفصل للقضاء وهو فوق الجميع".
وأوضح أن سلطة المجلس السياسي الأعلى في صنعاء "تتعامل مع المنظمات وفق اللوائح والقوانين اليمنية المنظمة للأعمال الإغاثية والإنسانية، وتحاول أن تجعل تلك المساعدات تصب في مصلحة التنمية المستدامة، بعيداً عن المشاريع غير المجدية التي تتبناها أغلب المنظمات للأسف الشديد، والتي يصل في بعضها إلى أن النفقات التشغيلية تتجاوز نصف تكلفة رأس مال المشروع، وهذا فساد وإن كان مقنناً، وإهدار لتلك المساعدات التي تم تقليصها إلى أدنى المستويات". وأشار إلى أن المنظمات تدافع عن موظفيها، وأصدرت بيانات الإدانة، وتطالب بالإفراج عنهم وتضغط في هذا الشأن بكل ما تملك، لكنها تعرف أن بعض موظفيها متورطون في أعمال عدائية تضر بمصالح اليمن، لذلك هي تحاول حل الأمر بالطرق الدبلوماسية بعيداً عن الإعلام والضغط الإعلامي.
الحوثيون يريدون مصدر إيرادات
أما المحلل السياسي خليل العمري فقال، لـ"العربي الجديد"، إن الحوثيين يريدون من المنظمات الإنسانية العاملة في اليمن أن تتحول إلى "مصدر إيرادي" للجماعة، عبر السيطرة على توزيع المساعدات الإغاثية وتحويلها لدعم ما يطلق عليه في أدبيات الجماعة القتالية "المجهود الحربي".
خليل العمري: الحوثيون يريدون من المنظمات الإنسانية أن تتحول إلى مصدر إيرادي للجماعة
وأضاف أن اعتقال العاملين في المنظمات والممارسات غير القانونية بحقهم يعد ورقة ضغط لتمرير سياسة النهب الكامل للمساعدات والمطالبة بتسليمها للجماعة بالعملة الصعبة، ولضمان عدم تجاوز المنظمات للخطوط الحمراء التي وضعها الحوثيون خلال العقد الماضي، على الرغم من التنازلات الكبيرة التي قدمتها المنظمات في سبيل البقاء في مناطق سيطرة الحوثيين التي يقطن فيها أكثر من 70% من السكان اليمنيين الذين يعيشون تحت خط الفقر.
وأشار المحلل السياسي إلى أن "الحوثيين يرون في عقيدتهم من الناحية الأمنية أن المنظمات أجهزة استخباراتية، وهي عصا غليظة يرفعونها في وجه عمال الإغاثة الدولية، ويتغافلون عن أن الناس في مناطق سيطرتهم لم يعد لديهم مصادر للحياة سوى المساعدات التي تقدمها هذه المنظمات من دقيق وأرز وغيرها".
ورأى أن الجماعة "تجاوزت بسياستها العدائية للمنظمات حركة طالبان التي فتحت الباب للمنظمات للعمل في بلادها، ولكن في اليمن تثبت الجماعة أنها متخلفة أيضاً عن الجماعة الأفغانية بعقود". واعتبر أن "دور المنظمات سلبي جداً تجاه الاعتقالات الجماعية التي تستهدف موظفيها، فهي لم تتخذ إجراءات رادعة وقوية، وتتبع سياسة لطيفة تجاه ممارسات الحوثيين الخشنة، ووصل الأمر بالجماعة إلى حد إذلال حتى قيادات المنظمات الكبيرة". ولفت إلى أن "لدى المنظمات أوراق ضغط قوية، منها نقل مقر عملياتها إلى عدن، وإصدار بيانات إدانة دولية، وحشد الرأي العالمي ضد الجماعة التي دمرت الدولة وسيطرت على الإيرادات ونهبت أجزاء كبيرة من الإغاثة الدولية لليمنيين، وتسعى اليوم للنهب الكامل للإغاثة".