- أسامة ساري اعترف ضمنيًا بمسؤولية الحوثيين عن الهجوم، مدعيًا استهداف مهرب خمور، ما يعكس استخدام تهم الخمور لقمع الخصوم.
- عبد الباري طاهر وصف محاولة قتل شبيطة بأنها جريمة تتحمل مسؤوليتها الأجهزة الأمنية، مشيرًا إلى استخدام تهم كيدية لإرهاب المعارضين وقمعهم.
في السابع من مايو/أيار الحالي تعرضت سيارة محمد شبيطة، الأمين العام لنقابة الصحافيين اليمنيين، الأمين العام المساعد لاتحاد الصحافيين العرب، للاستهداف من قبل جماعة الحوثيين، ما أدى إلى مقتل أحد أقربائه، فضلاً عن إصابة شبيطة ونجله، فيما بررت جماعة الحوثيين الحادثة بقضية تجارة الخمور، وهي "تهمة" يرى مراقبون أن الحوثيين يستحضرونها كلما أرادوا استهداف أحد خصومهم. وبحسب المعطيات، كان شبيطة في سيارته في العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وتحديداً في دوار وزارة الإعلام، حين اقترب أحد المسلحين من السيارة، وتبعه مسلحون آخرون، وتم إطلاق النار على من في السيارة. نتج عن الحادثة وفاة قريب شبيطة وإصابة ابنه بجروح، في حين أصيب شبيطة بجروح بالغة في البطن والساقين، نقل على إثرها إلى المستشفى في وضع صحي خطير.
أسامة ساري: أطلق جنود الأمن النار على السيارة باعتبارها تخصّ المطلوب بتهمة تجارة الخمور
استحضار الحوثيين تهمة الخمور
جماعة الحوثيين اعترفت ضمنياً بمسؤوليتها عن حادثة استهداف شبيطة، وخرج الصحافي أسامة ساري، المقرب من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، وهو وكيل وزارة الشباب والرياضة، للإقرار بأن مسلحين تابعين للجماعة هم من أطلقوا النار، رابطاً القضية بتهمة تجارة الخمور. وكتب ساري على منصة إكس (تويتر سابقاً)، أن قوات الأمن التابعة للجماعة داهمت مكاناً للخمور في منطقة الثورة، وألقت القبض على مهرب الخمور المطلوب متلبساً، الذي تخلص من يد الجندي وألقى قنبلة على الجنود، وهرب إلى سيارة شبيطة التي كانت بانتظاره في مكان العملية الأمنية، على حد قوله. وتابع ساري: "أطلق جنود الأمن النار على السيارة باعتبارها تخصّ المطلوب بتهمة تجارة الخمور فور محاولتها الانطلاق به وتهريبه، ولا يعلمون من بداخلها سوى السائق والمتهم بأنه تاجر خمور"، مضيفاً: "قُتل المطلوب الذي اعتدى على جنود الأمن، والذي اتضح لي من خلال منشورات الإدانات أنه ابن عم الصحافي محمد شبيطة، وأصيب شبيطة وابنه".
ويرى يمنيون أن الخمور ليست سوى حجة عمل الحوثيون على استخدامها كمبرر من أجل استهداف خصومهم أو منتقديهم. ففي الثاني من يناير/كانون الثاني الماضي، اعتقلت قوات الأمن التابعة للحوثيين القاضي عبد الوهاب قطران من منزله في صنعاء، مع عدد من أفراد أسرته، قبل الإفراج عن هؤلاء والإبقاء على القاضي معتقلاً حتى الآن، واقتادته إلى سجن الأمن والمخابرات التابعة لها. وبعد اعتقال قطران، عرضت قوات الأمن التابعة للحوثيين عدداً من قوارير الخمور قائلة إنها وجدتها في منزله، وبررت اعتقاله بادعاء امتلاكه معصرة خمر وشربها. وبعد 40 يوماً من اعتقال قطران، أقدم "مجلس القضاء الأعلى" في مناطق سيطرة الحوثيين برئاسة القاضي أحمد المتوكل، على رفع الحصانة القضائية عن قطران، مثيراً استغراب واستهجان الوسط الحقوقي. وأقدمت جماعة الحوثيين على اعتقال قطران، على الرغم من أنه كان من أبرز الموالين للجماعة منذ عام 2011، على خلفية منشورات متكررة في مواقع التواصل الاجتماعي، انتقد فيها العديد من سياسات الجماعة. هذا السلوك أعاد للأذهان تصوير الحوثيين لقوارير الخمور في منزل الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح خلال قيام مسلحي الجماعة بتصفيته في 4 ديسمبر/كانون الأول 2017.
عبد الباري طاهر: محاولة قتل شبيطة جريمة تتحمّل مسؤوليتها الأجهزة الأمنية
تهمة الخمور لتصفية الحسابات
حول هذه التطورات، اعتبر نقيب الصحافيين اليمنيين الأسبق، عبد الباري طاهر، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "محاولة قتل شبيطة وقتل قريبه في شارع عام، جريمة تتحمّل مسؤوليتها الأجهزة الأمنية الموكل إليها حماية أرواح المواطنين وحماية أمنهم وسلامتهم، ومسؤولية نقابة الصحافيين إصدار بيان ليكون بمثابة بلاغ للنائب العام للتحقيق ومعرفة ما جرى، وتحديد المسؤولية، وضبط الجناة، وإنقاذ حياة الأمين العام لنقابة الصحافيين". كما أشار طاهر إلى أن اعتقال قطران بتهمة الخمور إجراء جائر، وممارسة قامعة، وتهمة لا يقرّها شرع، ولا يقبلها منطق أو عقل. وأوضح أن اعتقال قطران "تصفية حسابات وخصومات سياسية، وهي قمع سافر، وعدم احترام لحقوق الإنسان، وعدم احترام أو مراعاة للنظام والقانون، وحق الناس في الانتقاد". أما بالنسبة للمحامي مختار الوافي، فإن "ما يمارسه الحوثيون من إرهاب لمعارضيهم بإلصاق التهم الكيدية، يعد عملاً مجرماً، وانتهاكاً لحق الأشخاص في البراءة، وحق الانتقاد والتعبير عن الرأي، وهي حقوق مكفولة في الدستور والقانون والمواثيق الدولية". وأضاف الوافي في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "مثل هذه التهم غالباً ما تلجأ إليها الجماعات التي تستولي على الحكم عن طريق الانقلاب على نظام الحكم ومؤسسات الدولة، وتلجأ إليها السلطات الديكتاتورية لقمع معارضيها، وهي تتم بدوافع سياسية انتقامية، الغرض منها إرهاب المعارضين، وإسكاتهم، وتخويفهم، لتمارس جرائمها وانتهاكاتها بعيداً عن أي نقد". وأشار إلى أنه "لا يُقبل أي دليل في مثل هذه الاتهامات، لكون السلطة المسيطرة قادرة على تزييف أدلة وتأليفها".