أبلغت السلطات الجزائرية قيادة حزب سياسي يساري برفعها دعوى قضائية استعجالية لدى القضاء الإداري، بهدف منع الحزب من إقامة أنشطة في مقره المركزي في العاصمة الجزائرية، بعد احتضانه سلسلة أنشطة حول الحريات ولدعم وإسناد معتقلي الرأي والناشطين الموقوفين في السجون.
وأكدت الحركة الديمقراطية الاجتماعية (يساري)، العضو في تكتل البديل الديمقراطي المعارض، أن وزارة الداخلية رفعت قضية ضدها لمنعها من إقامة النشاط في مقرها المركزي، وأكدت الحركة أن القضية حاليا موجودة على مستوى مجلس الدولة بالغرفة الاستعجالية، والتي ستتولى الفصل فيها.
ويأتي رفع الداخلية هذه القضية ضد هذا الحزب السياسي بعد رفضه الاستجابة لإنذار سابق كانت وجهته له وزارة الداخلية، بشأن احتضانه أنشطة غير حزبية واستخدام مقره لمصلحة نشاطات تعتبرها السلطات غير قانونية ومن دون ترخيص، بسبب مضمونها السياسي المعارض للسلطة، وترغب الداخلية في استصدار قرار قضائي يسمح لها بإغلاق مقر الحزب، كخطوة أولى في انتظار البت في دعوى حل الحزب.
وكانت السلطات قد اعتقلت، في يوليو/تموز 2021، رئيس حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية فتحي غراس، وأدين بسنة سجناً بينها ستة أشهر نافذة، استنفذها في شهر مارس/آذار الماضي وأُفرج عنه، وكانت التهمة "إهانة هيئة نظامية وإهانة رئيس الجمهورية، والعرض على أنظار الجمهور منشورات من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية والنظام العام"، في أعقاب تصريح له في نشاط أقيم داخل مقر حزبه، للتضامن مع صحافيين معتقلين، اتهم فيه النظام بـ"الاستعداد لممارسة القتل مقابل الحفاظ على السلطة"، كما وصف الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة بـ"الكاذب"، وحمله المسؤولية عن قتل الشباب في أحداث منطقة القبائل عام 2001.
ودان حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (تقدمي) الشكوى التي أودعتها وزارة الداخلية ضد الحركة الديمقراطية الاجتماعية، واعتبر التجمع أن "السلطة ومن خلال وزارة الداخلية تؤكد مرة أخرى إرادتها في إعادة النظر بالتعددية السياسية التي انتزعها الشعب الجزائري بعد سنوات طويلة من التضحية"، مشيرا إلى أنها تعبر عن "رغبة السلطة في إعادة بعث الفكر الأحادي. وما قرار منع الحزب الاشتراكي للعمال والضغوط الممارسة على الأحزاب المتكتلة في مبادرة البديل الديمقراطي، إلا حلقات في مسلسل الإغلاق هذا".
وتراقب السلطات الجزائرية أنشطة أحزاب سياسية معارضة وراديكالية في مواقفها من السياسات الحالية. وقبل الحركة الديمقراطية والاجتماعية، كانت قد هددت حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية بمباشرة إجراءات وضعه تحت طائلة القانون وتعليق نشاطاته، كما جرى إعذاره ثلاث مرات من قبل وزارة الداخلية، بسبب وضعه مقره المركزي تحت تصرف تنظيمات غير مرخصة لعقد اجتماعاتها،على خلفية مواقفه السياسية، كما تعرض حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي المعارض، الذي تقوده القاضية السابقة زبيدة عسول، لضغوطات، ورفعت الداخلية دعوى لحله، لكن مجلس الدولة رفض القرار.
وفي يناير الماضي، أصدر مجلس الدولة (أعلى سلطة في القضاء الاداري) قرارا بتعليق أنشطة الحزب الاشتراكي للعمال (معارض)، وإغلاق جميع مقاره، بناء على دعوى رفعتها وزارة الداخلية ضد الحزب، بحجة مخالفته التشريعات المنظمة للأحزاب، وعدم عقده مؤتمره العام في الوقت المحدد قانوناً لتجديد قيادته، وعلى خلفية مواقفه المعارضة للسلطة. وسبق ذلك قرار بحل جمعية (تجمع عمل شبيبة) تضم ناشطين مدنيين ومقربة من جبهة القوى الاشتراكية، كانت تأسست في أعقاب انتفاضة أكتوبر/تشرين الأول 1988، على خلفية مواقفها الداعمة للحراك الشعبي.