هاجمت قوات الدعم السريع مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة في السودان، اليوم الجمعة، واشتبكت مع الجيش السوداني عند منطقة أبو حراز شمال شرق المدينة حول منطقة أم عليلة، وذلك بعد توغلات سريعة ظلت تنفذها قوات الدعم على مناطق وقرى في أطراف ولاية الجزيرة القريبة من العاصمة الخرطوم.
وتعتبر مدينة ود مدني، وسط البلاد، واحدة من أهم المدن السودانية وأقدمها بعد العاصمة الخرطوم، وتبعد عنها بنحو 186 كم جنوباً، وتقع على الضفة الغربية لنهر النيل الأزرق، وهي عاصمة ولاية الجزيرة، وتضم مشروع الجزيرة الزراعي الشهير الذي أنشئ في عام 1925 لمدّ المصانع البريطانية بحاجتها من خام القطن.
وعند الثامنة صباح اليوم بالتوقيت المحلي، تفاجأ سكان المدينة بدوي المدافع والرشاشات شمال شرق مدينتهم، وسرعان ما ارتفعت أعمدة الدخان فيما وجد سكان الأحياء القريبة من موقع الاشتباكات أنفسهم محاصرين وسط الرصاص المتطاير ونيران القذائف والقصف المدفعي.
وبعد نحو ساعتين تدخّل الطيران الحربي، التابع للجيش، في منطقة أبو حراز وقصف قوات الدعم المهاجمة، كما حلقت فوق المدينة طائرات استطلاعية على ارتفاع عال، واستخدم الجيش المدافع والرشاشات التي هزت منازل المواطنين خلال تقدمه نحو الشمال الشرقي.
ويفصل جسر إسمنتي فوق نهر النيل الجزء الرئيسي لمدينة ود مدني عن منطقة الاشتباكات شرق مجرى النهر ويسمى كبري حنتوب، والذي أُغلق فوراً من قبل الجيش المتمركز على جانبيه، حيث يملك معسكراً للتدريب أسفل الجسر من الجانب الشمالي.
وفي سوق مدني الكبير وسط المدينة، قال مواطنون يقيمون هناك لـ"العربي الجديد" إن أغلب المحلات التجارية لم تفتح أبوابها اليوم الجمعة، وأضافوا أن الكثير من التجار بدأوا في نقل بضائعهم من السوق، مع حركة كبيرة لعربات النقل والمواصلات وهي تسلك الطرق خارج المدينة.
وتسبب الهجوم في حالة من الهلع وسط السكان، وشهدت الأحياء وسط وغرب وجنوب المدينة موجة نزوح نحو الجنوب، فيما اتجه سكان الأحياء الشرقية شرقاً، وامتلأ الطريق المؤدي إلى مدينة سنار بالسيارات التي تقل الأسر والشاحنات، بينما انتشر الجيش والقوات الحكومية الأخرى مثل الشرطة وجهاز المخابرات في شوارع المدينة مع عمليات تمشيط مستمرة في الطرق وداخل الأحياء السكنية.
وعند الساعة الثانية عشرة ظهراً عقب الهجوم، أصدرت قيادة الدعم السريع بياناً قالت فيه إنها تود أن تطمئن المواطنين بعموم ولاية الجزيرة، وخصوصاً في مدينة ود مدني، أن هدف قواتها هو "دك معاقل مليشيا البرهان (قائد الجيش عبد الفتاح البرهان) وفلول النظام البائد الإرهابية التي تمثل أهدافاً مشروعة لقواتنا"، مضيفة أن "أشاوس قواتنا مصممون على اجتثاث جذور التطرف والإرهاب المتمثلة في فلول النظام البائد وعناصرهم في القوات المسلحة التي تهدد أمن واستقرار البلاد والمنطقة".
ويوم أمس الخميس هاجمت قوات الدعم السريع وحدة أبو قوتة الإدارية شمال غرب ولاية الجزيرة، وتسببت في حالة من الفوضى والهلع في المنطقة التي تأوي الكثير من النازحين الفارين من الخرطوم، والذين غادر بعضهم عقب الهجوم نحو مدن وقرى أخرى، مثل المناقل وود زلمة وأم شديدة.
وقال مواطنون في منطقة أبو قوتة لـ"العربي الجديد"، إنه لا توجد مواقع استراتيجية في المنطقة، ولم يكن هناك وجود لأي قوات من الجيش، وأضافوا أن عناصر الدعم السريع اقتحموا السوق وأخذوا بعض البضائع واللحوم، ودخلوا مبنى البنك الزراعي وقسم الشرطة قبل أن يغادروا ليلاً.
من جهتها قالت مجموعة "محامو الطوارئ" الحقوقية في بيان، أمس الخميس، إنها تدين وبشدة توجه قوات الدعم السريع نحو توسيع رقعة العمليات العسكرية، لتشمل مناطق آمنة لجأ لها الآلاف من المدنيين طلباً للحماية، ودانت "عمليات النهب والاعتداء على الأعيان المدنية وتخربيها من قبل قوات الدعم السريع"، محذرة من مغبة استمرار الانتهاكات تجاه المدنيين.