أبلغ وزير خارجية الدنمارك لارس راسموسن، الجمعة، نظيره المصري سامح شكري، بأن حكومته "تدرس اتخاذ عدد من الإجراءات، واستصدار قوانين تحول دون تكرار حوادث حرق المصحف".
جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين الوزيرين، وفق بيان صدر عن المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد.
وبحسب البيان، فقد أعرب وزير الخارجية الدنماركي لنظيره المصري "عن إدانة تكرار وقوع مثل هذه الحوادث المؤسفة في بلاده، لما تنطوي عليه من إساءة لمعتقدات الغير، مشيراً إلى شروع بلاده في دراسة السبل الكفيلة بالحد من مثل هذه الأفعال العنصرية، وكذا الصور المختلفة للتعصب إزاء دين أو معتقد".
وأردف البيان بأن الوزير سامح شكري أبلغ نظيره السويدي "استياء الجانب المصري ورفضه للسماح بتكرار حوادث حرق وتدنيس المصحف الشريف في السويد، بما يتنافى مع مختلف قيم حرية التعبير وينتقص من حقوق أفراد آخرين"، لافتاً إلى أن "تكرار مثل هذه الاستفزازات يقوض جهود تعزيز التواصل وحوار الأديان التي تسعى جميع الدول لترسيخها لتعزيز التعايش والسلم في المجتمعات".
وشدد راسموسن على التزام بلاده بتوفير الحماية لمقرات البعثات الدبلوماسية الأجنبية في الدنمارك، وفي مقدمتها مقر البعثة المصرية.
من جهته، جدد شكري موقف مصر "الرافض رفضاً قاطعاً لكافة جرائم حرق المصحف الشريف، والاستياء من تكرار هذه الجرائم في الدنمارك دون وجود إجراءات حاسمة ضد مرتكبيها، وهو ما من شأنه أن يستفز مشاعر ملايين المسلمين حول العالم، ويناقض قيم حقوق الإنسان والتعايش السلمي، ويعزز من صور التطرف داخل المجتمعات".
وأشار شكري إلى أهمية اضطلاع الدول بمسؤولياتها تجاه التعامل بشكل حاسم لوقف مثل هذه الحوادث، ومنع تكرارها مستقبلاً، لافتاً إلى ضرورة "تواجد الدلائل الملموسة حول التزام الحكومات باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية قدسية معتقدات الأفراد، على نحو يقوض خطاب الكراهية المعادي لثقافات وأديان معينة، ويعزز السلم المجتمعي".
وأفاد البيان بأن الوزيرين تطرقا خلال الاتصال إلى مسار العلاقات الثنائية بين البلدين فى المجالات الاقتصادية، والثقافية، والبرلمانية، في إطار "حرص الطرفين على الوصول بآليات التعاون لآفاق أوسع خلال الفترة القادمة".
وأشاد شكري بالدور المتميز للقطاع الخاص الدنماركي في المشروعات القائمة بمصر، خاصة في مجالات النقل والبنية التحتية، معرباً عن تطلع بلاده لدعم تواجد المزيد من مؤسسات القطاع الخاص الدنماركي في مصر.
وقال وزير الخارجية الدنماركي معقباً، إن رئيسة الوزراء ميتا فريدريكسن "تتطلع لاستقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في زيارة إلى كوبنهاغن، انطلاقاً من اهتمامهم بتعزيز العلاقات الثنائية مع مصر، والدفع بها إلى آفاق أرحب وأوسع خلال الفترة المقبلة".
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد تبنت قراراً يدين جميع أعمال العنف ضد الكتب المقدسة، واعتبارها انتهاكاً للقانون الدولي، على خلفية وقائع حرق نسخ من المصحف الشريف، في كل من السويد والدنمارك، والتي قوبلت بإدانات عربية وإسلامية واسعة.
واستدعت وزارة الخارجية المصرية سفيرة الدنمارك بالقاهرة أنا دورت، في 27 يوليو/ تموز الماضي، احتجاجاً على تكرار حوادث حرق نسخ من المصحف الشريف، وذلك بعد يومين من حرق نسخة من المصحف أمام السفارة المصرية بالعاصمة الدنماركية كوبنهاغن.
ودعا الأزهر الشريف الشعوب الإسلامية إلى مقاطعة منتجات السويد والدنمارك، رداً على سماحهما لمن وصفهم بـ"المجرمين الإرهابيين" بحرق نسخ من القرآن. وطالب الأزهر المجتمع الدولي بـ"فرض عقوبات رادعة لوقف الحملات الهمجية العنصرية على الإسلام والمسلمين، وتبني مشروع دولي يجرم الإساءة للمقدسات الدينية".
واليوم الجمعة، أصدر القضاء التركي مذكرة توقيف بحق امرأة من أصول إيرانية أحرقت نسخة من المصحف بالعاصمة السويدية استوكهولم، الخميس.
ووذكرت وكالة الأناضول أنه صدرت مذكرة التوقيف بحق مرجان بيرامي (47 عاما)، في إطار تحقيق فتحته النيابة العامة للجمهورية التركية في العاصمة أنقرة.
ووجهت النيابة ضد بيرامي تهمتي "تحريض الشعب بشكل علني على الكراهية والعداوة"، و"إهانة القيم الدينية التي يتبناها جزء من الشعب علانية". وبناء على طلب النيابة، أصدرت محكمة صلح الجزاء الخامسة في أنقرة مذكرة توقيف بحق بيرامي.
أحرقت بيرامي نسخة من المصحف على شاطئ بمنطقة بروما في استوكهولم، تحت حراسة الشرطة السويدية التي اتخذت إجراءات أمنية في المنطقة.
وتكررت أخيراً في السويد والدنمارك حوادث الإساءة للمصحف من قبل يمينيين متطرفين أمام سفارات دول إسلامية، ما أثار ردود فعل عربية وإسلامية غاضبة رسمياً وشعبياً، بخلاف استدعاءات رسمية لدبلوماسيي الدولتين في أكثر من دولة عربية.
يُذكر أن الحكومة الدنماركية أعربت أكثر من مرة عن استنكارها لهذه الحوادث، من دون إقرار أي إجراء رادع ضدها، تحت ذريعة احترام حرية الرأي والتعبير.