بالتزامن مع استمرار حالة التوتر الأمني والاحتقان السياسي في العاصمة العراقية بغداد، منذ نهار أمس الأربعاء، على خلفية الانتشار المسلح لمليشيات تابعة لـ"الحشد الشعبي"، وتطويقها للمنطقة الخضراء ردا على اعتقال الأمن العرقي القيادي في "الحشد" قاسم مصلح، عقد الرئيس العراقي برهم صالح اجتماعا مشتركا مع رئيسي الحكومة مصطفى الكاظمي والبرلمان محمد الحلبوسي وبحضور رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، لمناقشة تداعيات استعراض القوة للمليشيات في بغداد.
وعقب الاجتماع، صدر بيان عن مكتب الرئيس العراقي برهم صالح، اعتبر أن الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد "تؤثر سلبا على الجهود الرامية لتحقيق الأمن والاستقرار، وحفظ هيبة الدولة وسيادتها، وعلى المشروع الوطني الذي تتبناه قوى الشعب والفعاليات السياسية والاجتماعية من أجل الخروج بالبلاد من الأزمات والتحديات الراهنة تمهيداً لإجراء الانتخابات العادلة والمنصفة".
وبين برهم أن المجتمعين اتفقوا على أن "استمرار الاضطراب الأمني، والتعدي على سلطة الدولة، وحقها في مسك القرار الأمني والعسكري، يمثل تجاوزاً خطيراً على سلطة الدولة وهيبتها في فرض القانون وحماية أمن المواطنين، ويعرض استقرار البلاد إلى مخاطر حقيقية، ما يستدعي حضوراً فاعلاً لموقف القوى السياسية المختلفة من أجل التصدي لهذا التصعيد ودعم الدولة في حصر السلاح بيدها، ورص الصفوف ووأد الفتنة واتخاذ مواقف موحدة وجادة وحاسمة لتدارك الأزمة".
وشدد المجتمعون على "ضرورة احترام القرارات الصادرة عن القضاء، واحترام إجراءات مؤسسات الدولة في المساءلة القانونية، وعدم التعرض لقرارات القضاء خارج الأطر الدستورية، والالتزام بالإجراءات والسياقات القانونية حَصراً، من أجل إعلاء سيادة القانون ومبدأ المواطنة في دولة حامية لشعبها وضامنة لحقوق جميع المواطنين بلا تمييز".
ولغاية مساء اليوم، الخميس، ما زالت المعلومات متضاربة بشأن مصير قيادي "الحشد الشعبي" قاسم مصلح، ففي الوقت الذي تتحدث فيه وسائل إعلام مقربة من المليشيات عن إطلاق سراحه، ينفي مسؤولون عراقيون صحة ذلك، مؤكدين استمرار اعتقاله، وأنه تم فعليا بدء التحقيق معه بالتهم الموجهة إليه.
وعصر الخميس، انتشرت قوات إضافية من الجيش العراقي في بغداد مع تراجع المظاهر المسلحة من قبل مسلحي "الحشد الشعبي"، الذين أخلوا مواقعهم بمحيط المنطقة الخضراء لكنهم مستمرون بالانتشار في مناطق قريبة منها، بحسب ما أكده مسؤول أمني لـ"العربي الجديد"، تحدث عن وجودهم في منطقة الدورة والطريق المحوري الجنوبي لبغداد.
وقوبل انتشار فصائل مسلحة في بغداد، أمس الأربعاء، بموجة رفض واسعة وتحذيرات من خطورة تأثيره على أمن واستقرار البلاد.
ورفض عضو البرلمان العراقي عن تحالف "سائرون" رياض المسعودي تحشيد الفصائل المسلحة أمام بوابات المنطقة الخضراء، مؤكدا خلال تصريح صحافي، أن المادة الخامسة من الدستور العراقي تنص على أن "السيادة للقانون، وأن القانون فوق الجميع، وأن الحشد الشعبي هيئة مستقلة ترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة".
وأشار المسعودي إلى أن "عملية اعتقال قائد الحشد في عمليات الأنبار قاسم مصلح جاءت ضمن سياق طبيعي"، معبرا عن استغرابه من عملية تحشيد الفصائل المسلحة في المنطقة الخضراء وإثارة الشارع.
وتابع أن "عملية الاعتقال طبيعية، وأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، وأكد أن القانون هو الفيصل في ذلك.
وبين أن "تحشيد الشارع أمر مرفوض، وسيدفع إلى إراقة الدماء وتعطيل الأعمال، وما حدث قضية جنائية وليس سياسية وعلى قادة القوى السياسية حسم الموضوع وإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي".
كما أكد رئيس كتلة "بيارق الخير" البرلمانية محمد الخالدي أن العراق مر أمس، الأربعاء، بمرحلة شديدة التعقيد قد تكون الأخطر منذ الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، موضحا في حديث لوسائل إعلام محلية، أن الأمور كادت أن تؤدي إلى منزلق لولا جهود التهدئة.