الرئاسيات المولدوفية: ساندو بمواجهة "رجل موسكو"

03 نوفمبر 2024
من الجولة الأولى للرئاسيات المولدوفية في هيربوفات، 20 أكتوبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يتوجه الناخبون في مولدوفا للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بين مايا ساندو الموالية للغرب وألكسندر ستويانوغلو الموالي للكرملين، حيث تتسم المنافسة بالاحتدام رغم تفوق ساندو في الجولة الأولى.

- فشل المعارضة في الاتفاق على مرشح موحد أتاح لستويانوغلو استيعاب التصويت الاحتجاجي، بينما أظهر استفتاء التكامل الأوروبي انقساماً في الرأي العام حول الانضمام للاتحاد الأوروبي.

- دعم ستويانوغلو من كتلة "بوبيدا" المعارضة لا يضمن له الفوز، بينما تسعى ساندو لجذب الناخبين المتأرجحين، مما يجعل نتائج الانتخابات غير محسومة.

يتوجه الناخبون في مولدوفا، اليوم الأحد، إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي تتنافس فيها الرئيسة الحالية الموالية للغرب مايا ساندو، مع منافسها، المدعي العام السابق، ألكسندر ستويانوغلو، غاغاوزي الأصل والمعروف بمواقفه المطبعة مع الكرملين (غاغاوزيا جمهورية مولدوفية مستقلة ذاتياً قرب الحدود الجنوبية مع أوكرانيا). ورغم أن ساندو تتفوق بأكثر من 15% من الأصوات على منافسها في الرئاسيات المولدوفية الذي تلقبه بـ"رجل موسكو"، بحصولها على أكثر من 42% من الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات التي جرت في 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلا أن ذلك لا يضمن لها الفوز بجولة الإعادة تلقائياً، في حال تمكُّن ستويانوغلو من حشد التصويت الاحتجاجي وأصوات أنصار المرشحين الخاسرين الآخرين.

أندريه أندرييفسكي: يندد ستويانوغلو بالحرب على أوكرانيا ولكنه لا يوجه انتقادات لاذعة إلى روسيا

الرئاسيات المولدوفية

بعدما فشلت المعارضة المولدوفية في الاتفاق على الدفع بالمدعي السابق مرشحاً موحداً قبل الجولة الأولى، ثمة بوادر رهناً لاستيعابه قطاعاً هاماً من التصويت الاحتجاجي في جولة الإعادة اليوم الأحد، في ضوء فشل استفتاء التكامل الأوروبي الذي أجري في 20 أكتوبر الماضي في اليوم نفسه مع الرئاسيات المولدوفية، وأدى إلى تمرير التعديلات الدستورية القاضية بإدراج التوجه نحو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي هدفاً على مستوى الدستور، وذلك بفارق لم يتخط 1% فقط مقارنة بعدد المصوتين بـ"لا". وبلغت نسبة التصويت بـ"نعم" في موضوع الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي 50.38% في مقابل 49.62% صوتوا بـ"لا" بفارق نحو 10 آلاف صوت فقط.

وحظي ستويانوغلو بدعم كتلة "بوبيدا" (النصر) المعارضة المحظورة في مولدوفا بزعامة رجل الأعمال المنشق إيلان شور، الذي فرّ إلى إسرائيل في عام 2019. ووفقاً لتقرير نشرته وكالة رويترز، في 21 أكتوبر الماضي، نقلاً عن وسائل إعلام مولدوفية، فإن "شور يعيش الآن في روسيا، وقد حصل على جنسيتها في العام الحالي". وكان شور قد حذّر من أن فوز ساندو في الرئاسيات المولدوفية سيؤدي إلى تشديد قبضة السلطة، بغية جعل الخيار الأوروبي خياراً لا بديل منه، معتبراً في المقابل أن خسارة ساندو ستمنح البلاد ما اعتبرها فرصة الإنقاذ.

ومع ذلك، جزم رئيس تحرير موقع أفا الإخباري المولدوفي أندريه أندرييفسكي، أن دعم جميع وجوه المعارضة الموالية لروسيا لا يضمن فوز ستويانوغلو، مثلما لم يضمن التقدم في الجولة الأولى من الرئاسيات المولدوفية الفوز لساندو، معتبراً أنه لا يمكن الجزم بنتائج الانتخابات حتى آخر لحظة، نظراً لتقارب نسب تأييد المرشحين على الرغم من تفوق ساندو بنسبة 40.6% في مقابل 36.4% لستويانوغلو، في استطلاع أُجري لصالح مؤشر "آي داتا" بين 19 سبتمبر/أيلول و10 أكتوبر الماضيين. وقال أندرييفسكي لـ"العربي الجديد" من كيشيناو: "شخصياً أحبذ فوز ساندو، لكونه سيشكل امتداداً لسير مولدوفا نحو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي الذي يتمنى الشركاء فيه رؤيتها هي على رأس الدولة لا مرشحاً موالياً لروسيا، كما هو حال ستويانوغلو وكما بيّنه النموذج الجورجي الحالي. لكن إذا تحدثنا بموضوعية، فإن شتى استطلاعات الرأي المستقلة تظهر تقدماً لساندو بفارق بسيط، ما يعني أنه لا يمكن الجزم بنتائج الانتخابات بعد، ولا سيما في ضوء إعلان جميع قوى المعارضة دعمها لستويانوغلو".

في معرض حديثه عن شخصية منافس ساندو، أضاف أندرييفسكي: "ينتمي ستويانوغلو إلى عرقية الغاغاوز التي تقطن مناطق جنوبي مولدوفا منذ قرون عدة، وتشبه لغتهم اللغة التركية، ولكنهم الشعب التركي الوحيد الذي يعتنق الديانة المسيحية. عمل ستويانوغلو في وظيفة المدعي العام، ويخوض حالياً سباق الرئاسة مدعوماً بالقوى الموالية لروسيا التي ترى فيه مروجاً للمصالح الروسية".


أوضح ستويانوغلو أنه لم يجرِ اتصالات مع الروس "منذ فترة طويلة"

وحول مواقف ستويانوغلو من العلاقات مع موسكو والحرب الروسية في أوكرانيا، قال أندرييفسكي: "يندد ستويانوغلو بالحرب، ولكنه لا يوجه انتقادات لاذعة إلى روسيا، ويعزف عن الحديث عن المتسببين فيها. لذلك، ترى موسكو فيه مرشحاً مقبولاً مقارنة بساندو ذات التوجه الصريح الموالي للغرب". ومع ذلك، اعتبر أن دعم المعارضة المولدوفية الموالية لروسيا لستويانوغلو لا يضمن له أصوات أنصارها في الرئاسيات المولدوفية تلقائياً، قائلاً: "قد يكون إجماع المعارضة في دعم ستويانوغلو خدعة تستهدف موسكو لإظهار وحدتها بلا حشد الأصوات له على أرض الواقع، لأنه سيحتكر في حال فوزه الترويج للمحور الشرقي بصفته الشريك الرئيسي والوحيد لروسيا، مزاحماً في ذلك شور والرئيس السابق إيغور دودون". من جهته، أقرّ السفير المولدوفي الأسبق لدى روسيا، أناتول تسارانو، هو الآخر بأن ساندو تتفوق بشكل واضح على منافسها، ولكن بلا احتياطي من الأصوات. وقال تسارانو في حديث تلفزيوني: "تتفوق ساندو بشكل هام، ولكن عند النظر إلى نتائج المرشحين الآخرين، ترون أن ستويانوغلو لم يبلغ سقفه، بينما يصعب على ساندو نيل أصوات المرشحين الآخرين".

الدور الروسي

ولعل هذا ما دفع ساندو إلى مغازلة الناخبين المتأرجحين من أنصار التطبيع مع موسكو بين جولتي الرئاسيات المولدوفية الأولى والثانية، واعدة بحل مشكلة تحويل الأموال التي يعانيها المغتربون المقيمون في روسيا، نظراً لقطع أغلبية المصارف الروسية الكبرى عن منظومة "سويفت" العالمية وغيرها من خدمات تحويل الأموال. في المقابل، سعى ستويانوغلو للنأي بنفسه عن شبهة الموالاة لموسكو والرد على اتهامات ساندو بأنه "حصان طروادة" و"رجل موسكو"، قائلاً: "لم أجرِ منذ سنوات طويلة اتصالات بالشخصيات الرسمية الروسية، لا هاتفياً ولا سراً ولا لقاءات في أي مكان". كذلك تبرأ ستويانوغلو من شور المقيم في روسيا حالياً، مقراً بصحة التهم الموجهة إلى هذا الأخير بشراء أصوات الناخبين مقابل تصويتهم بـ"لا" في استفتاء التكامل الأوروبي. وعشية الجولة الثانية من الرئاسيات المولدوفية مساء الجمعة، كشفت رئيسة لجنة الانتخابات، أنجيلا كارامان، أن مسؤولي الانتخابات المتهمين بالفساد في الجولة الأولى من الرئاسية المولدوفية عُزلوا قبل الجولة الثانية اليوم الأحد. وأضافت بعد اجتماع للجنة، أن "بعض أعضاء اللجان الانتخابية، بمن فيهم الرؤساء والأمناء والكتبة، مدرجون في الوثائق التي وضعتها الشرطة والمدعون العامون، وقد استُبعِد بالفعل بعضهم من الهيئات الانتخابية".