تجرى اتصالات دبلوماسية بين الجزائر ومصر لترتيب زيارة مرتقبة للرئيس عبد المجيد تبون إلى القاهرة خلال الفترة المقبلة.
وفي السياق، كشف مصدر دبلوماسي، لـ"العربي الجديد"، عن أن زيارة الرئيس تبون إلى القاهرة كانت مبرمجة اليوم الخميس، لكن تم التفاهم على تأجيلها إلى شهر يناير/ كانون الثاني المقبل.
ومن المتوقع أن يبحث تبون خلال الزيارة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي العلاقات الثنائية، وعددا من الملفات السياسية الإقليمية، خاصة ما يتعلق بالتحضير لانعقاد القمة العربية المقررة في مارس/ آذار المقبل في الجزائر.
وذكرت مصادر جزائرية مسؤولة، لـ"العربي الجديد"، أن الترتيب للزيارة بدأ منذ شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مشيرة إلى أن الطرف الجزائري يسعى إلى أن تجرى قبل انعقاد القمة العربية المقبلة، "بسبب أهمية الموقف المصري على صعيد إنجاح القمة والتوافق على مخرجاتها، وفقاً للمقاربة التي تطرحها الجزائر".
وتسعى الجزائر، خلال القمة المقبلة، إلى "تحقيق منجز سياسي بإعادة توحيد المواقف العربية حول بعض القضايا، وخاصة القضية الفلسطينية".
وتبدو الجزائر بصدد وضع القاهرة في صورة "اشتراطاتها" بشأن القمة، بعد بروز مؤشرات لمساعي أطراف عربية تستهدف إفشالها أو خفض مستويات التمثيل فيها، بحسب ما أعلن عنه بداية الشهر الحالي وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة.
وتطرح الجزائر ثلاثة محددات رئيسة بالنسبة للقمة المرتقبة، أبرزها القضية الفلسطينية وتوحيد الموقف العربي بشأنها، وضمان أعلى تمثيل للدول العربية. أما الملف الثالث فيخص عودة سورية إلى الجامعة العربية، حيث ترغب بأن تكون قمة الجزائر "قمة عودة سورية إلى مقعدها العربي".
وكان السفير المصري في الجزائر أيمن مشرفة قد أعلن، في 19 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي (قبل انتهاء عهدته)، أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أبلغه خلال استقباله بأنه سيزور القاهرة "في القريب العاجل"، وبأن "هناك اهتماماً متبادلاً بينه وبين السيسي".
وسبقت زيارة الرئيس تبون المنتظرة إلى القاهرة زيارة قام بها قائد أركان الجيش الجزائري الفريق السعيد شنقريحة، شارك خلالها في المعرض الدولي للأسلحة، والتقى عدداً من قادة الجيش المصري، بينهم وزير الدفاع محمد أحمد زكي، لبحث ملفات التعاون العسكري.
وذكرت بعض التقارير أنه جرى بحث ملف "التواجد الإسرائيلي في أفريقيا وفي منطقة شمال أفريقيا"، خاصة بعد توقيع اتفاق تعاون أمني وعسكري بين إسرائيل والمغرب.
وطرأ ملف بارز في الوقت الحالي، ويخص مصر، ويحتاج إلى "نقاش جزائري مصري" بين الرئيسين، وهو ملف المصالحة الوطنية الفلسطينية، في أعقاب الخطوة التي أعلنتها الجزائر بشأن احتضانها ندوة جامعة للفصائل الفلسطينية قبل انعقاد القمة العربية، وهي خطوة وإن قوبلت بترحاب فلسطيني كبير، فإن أطرافاً عربية تنظر إليها بعين الريبة، خاصة مصر التي تنفرد منذ فترة بملف العلاقات بين الفصائل الفلسطينية.
وتسعى الجزائر إلى طمأنة مصر بأن تحركها على صعيد توحيد الموقف الفلسطيني لا يستهدف منافسة القاهرة في الملف الفلسطيني أو تحييدها منه، بقدر ما يهدف إلى إسناد كل جهد لتوحيد الموقف الفلسطيني ومساعدة الفلسطينيين على تجاوز حالة الانقسام الداخلي.
وإضافة إلى هذه الملفات، تأتي الأزمة في ليبيا ومسار الانتخابات المعطلة ضمن أجندة النقاش السياسي بين الجزائر والقاهرة، إذ وعلى الرغم من بعض التباين في المواقف بين مصر والجزائر بشأن الأزمة، والتوجس الجزائري من الدعم المصري للواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر في المرحلة السابقة، إلا أن إعادة توحيد المؤسسات في ليبيا وإنجاز الانتخابات بهذه الدولة الجارة يبقى خياراً مهماً بالنسبة لكل من الجزائر ومصر، بحكم أنهما كبرى دول جوار ليبيا، والأقدر على التأثير في مسار الأحداث، والدفع نحو إنجاز الانتخابات تحقيقاً للاستقرار في ليبيا والمنطقة، وانسحاب كافة القوات الأجنبية والمرتزقة.
ويتوقع مراقبون أن تكون تونس ضمن القضايا التي قد تطرح للنقاش خلال الزيارة المرتقبة لتبون إلى القاهرة، حيث تبدو الجزائر منزعجة من دور مصري في تونس قد يعقد الأوضاع.
وتبادلت كل من الجزائر والقاهرة سفراء جددا، واعتمدت مصر قبل أيام عبد الحميد شبيرة (أمين عام سابق لوزارة الخارجية) سفيراً لديها، فيما أوفدت مصر المختار جميل توفيق وريدة سفيراً جديداً في الجزائر.