الرئيس الجزائري يوقع مع بوتين اتفاق "الشراكة الاستراتيجية المعمّق" لتعزيز التكامل الاقتصادي
وقع الرئيسان الجزائري عبد المجيد تبون والروسي فلاديمير بوتين، اليوم الخميس، اتفاق "الشراكة الاستراتيجية المعمّق"، التي قال بشأنها الرئيس تبون إنها تسمح بتعزيز التكامل الاقتصادي في مختلف القطاعات كالميكانيك والأدوية والزراعة وباقي المجالات الأخرى، إضافة إلى مسعى الاستفادة من الخبرة الروسية في تطهير مناطق التجارب النووية التي أجراها الاستعمار الفرنسي في الصحراء.
وجرى في نفس السياق التوقيع على حزمة اتفاقيات تخص القضاء وتـسـليم المطلوبين، واتفاقية تعاون في مجال تكنولوجيا الاتصالات، واتفاقية تعاون في مجال الزراعة وحماية النباتات، واتفاقية في مجال الثقافة، وأخرى في مجال الموارد المائية.
ويعد اتفاق الشراكة الاستراتيجية المعمّق الذي وقع بين البلدين، تطويرا مشتركا للاتفاق الاستراتيجي الذي كان وقعه البلدان عام 2001، حيث سيسمح بوضع إطار جديد للعلاقات بين البلدين في القطاعات الاقتصادية والحيوية، خاصة تلك التي تسعى فيها الجزائر إلى الحصول على مساعدة ونقل التجربة الروسية.
وقبيل توقيع الاتفاق، قال تبون، إن الضغوط الدولية القائمة لن تغيّر طبيعة العلاقات بين بلاده وروسيا، مضيفا على هامش محادثات أجراها مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين أن "هناك أوضاعا وضغوطات دولية لا يمكن أن تؤثر أبدا على الصداقة الموجودة بيننا".
ولفت تبون إلى أن "صون استقلالنا يأتي بمساعدة قوية من روسيا الصديقة في تسليحنا... والدفاع عن حريتنا في ظل ظروف إقليمية صعبة جدا"، في إشارة إلى الضغوط الغربية الممارسة على الدول المحسوبة على روسيا بسبب الحرب التي تخوضها في أوكرانيا من جهة، وإلى تزويد موسكو الجيش الجزائري بالسلاح منذ الاستقلال.
واعتبر تبون الذي كان وصل مساء الثلاثاء الماضي إلى موسكو في زيارة رسمية أن "حفاوة الاستقبال تدل على عمق الصداقة بين الجزائر وروسيا"، مضيفا أن العلاقات بين البلدين "لم تتغير منذ أزيد من 60 سنة والجزائر ستبقى وفية لهذه العلاقة والصداقة". وتابع: "التشاور مع الأصدقاء ضروري في كل الظروف ونحن مطالبون بالتشاور في كل ما يخص النقاط التي تهمنا".
وأردف الرئيس الجزائري: "نحن متفقون تقريبا على كثير من النقاط التي تهمنا في ما يخص الوضع الدولي المضطرب جدا، لذا نريد التعجيل بدخولنا في منظمة بريكس، حتى ندخل في تنظيم آخر غير الدولار واليورو، وهذا فيه فائدة كبيرة لاقتصادنا".
وأضاف: "في ما يخص القضايا الجيوسياسية فإننا متفقون بشأن الأزمة في ليبيا، حيث نتطلع الى تحقيق الاستقرار في ليبيا، إضافة إلى الوضع في منطقة الساحل، حيث نبارك العلاقات القائمة بين روسيا ومالي".
وعرض الرئيس الجزائري إجراء مشاورات وتعاون مباشر مع موسكو في ما يتعلق بتسيير ملف مالي بحكم قربها وأهميتها بالنسبة للجزائر، وطلب بشكل صريح "مساعدة من أصدقائنا الروس لتثبيت اتفاق الجزائر للسلام مع المسؤولين الحاليين (في مالي)، لأننا نرى أن المشكل في مالي لا يحل بالقوة، ولن يحل إلا بهذا الاتفاق"، الموقّع بين الحكومة المركزية في باماكو وحركات الأزواد التي تمثل السكان الطوارق في شمال مالي، قرب الحدود مع الجزائر.
زيارة ناجحة
من جانبه، وصف الرئيس الروسي زيارة الرئيس الجزائري بالناجحة على كل المستويات، مضيفا أن "الجزائر عضو في فريق الاتصال العربي حول أوكرانيا، وقد شرحت لزميلي الرئيس الجزائري رؤية روسيا حول الأسباب الأولية لهذا النزاع، وشرحت كل الملابسات ونشكر استعداد الجزائر لتعزيز جهود الوساطة".
وأضاف بوتين أن الجزائر "على رأس أعلى المراتب على لائحة الشركاء التجاريين لروسيا"، وأكد أن منتدى الأعمال الثنائي الذي عُقد أمس وجمع عددا من رجال الأعمال ومديري الشركات الاقتصادية من البلدين، سيسمح بزيادة الاهتمام الروسي بالجزائر.
ووجه بوتين دعوة مباشرة إلى تبون للمشاركة في قمة روسيا - أفريقيا في دورتها الثانية المقررة في الثاني من يوليو/ تموز المقبل. وقال: "نحن سعداء بلقائكم في قمة روسيا أفريقيا المقبلة في سان بطرسبرغ "، معتبراً "افتتاح حديقة باسم مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة الأمير عبد القادر في موسكو دلالة على العلاقات التاريخية بين البلدين".
وفي سياق آخر، أشاد الرئيس الروسي بالتعاون القائم بين روسيا والجزائر، في إطار تكتل "أوبك بلاس"، "بما يضمن الاستقرار في سوق المحروقات"، إضافة إلى "وجود تفاعل ناجح بيننا وبين الجزائر في مختلف المحافل الدولية بما في ذلك الأمم المتحدة".
وتابع: "وفي العام المقبل ستكون الجزائر في مجلس الأمن، ونعول على تنشيط التعاون في هذا الأمر"، في إشارة إلى حصول الجزائر على مقعد عضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي للفترة بين 2024 و2025.
وكان الرئيس الجزائري قد أجرى أمس محادثات مع رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين، كما التقى عددا من ممثلي الجالية الجزائرية في روسيا، حيث استمع الى انشغالاتهم، وتعهد بالتكفل بها ومعالجتها. كما كلف وزير الشؤون الخارجية أحمد عطاف بإقامة مركز ثقافي جزائري في موسكو.