أعلن الرئيس العراقي برهم صالح، في ساعة متأخرة من مساء أمس الثلاثاء، تقديم مشروع قانون جديد للعقوبات في البلاد، بديلاً من الحالي المعمول به منذ عام 1969، وخضع طوال العقود الماضية لعدة تعديلات.
وتستند خطوة الرئيس العراقي الذي يتيح له الدستور تقديم قوانين جديدة للبرلمان بغية مناقشتها والتصويت عليها أو رفضها، إلى أنّ القانون الحالي لم يعد يفي بمتطلبات الواقع الحالي، وأنّ القانون الجديد المقدَّم للبرلمان يواكب ذلك، لكن الإعلان جاء قبل 50 يوماً فقط من حلّ البرلمان العراقي، كذلك ينص القانون على أن ينتهي عمل البرلمان قبل إجراء الانتخابات التشريعية بشهر واحد.
ووفقاً لبيان صدر عن مكتب الرئيس العراقي، فإنّ الأخير قدّم مشروع القانون خلال اجتماع ضمّ نائب رئيس البرلمان حسن الكعبي، واللجنة القانونية في البرلمان، ونقيب المحامين، ورئيس اتحاد الحقوقيين العراقيين، وعدد من الخبراء والفقهاء القانونيين، ومجموعة من الأكاديميين أساتذة القانون في الجامعات العراقية. ونقل البيان عن صالح قوله إنّ "المشروع تبناه مجلس القضاء الأعلى، وتمت استشارة مجلس الدولة فيه، للوصول إلى صيغة تتلاءم مع الوضع الجديد في العراق".
ودافع عن تقديم المشروع بقوله: "لقد حدثت في العراق خلال العقود الماضية تحولات كبرى، لكن منظومته القانونية وقانون العقوبات تحديداً بقيا في إطار لم يواكب التطورات التي حدثت في المنظومة السياسية والمجتمع العراقي"، مبيناً أن "من أبرز معالم القانون الجديد، وضع النصوص العقابية الرادعة لمكافحة جرائم الفساد المالي والإداري، ومنع الإفلات من العقاب، وإلزام المختلسين بردّ الأموال، وتجريم الأفعال وتشديد العقوبات للجرائم التي ترتكب ضد الاقتصاد الوطني، كما أنّ القانون يولي اهتماماً بالغاً بحماية الأسرة وتجريم الأفعال المرتكبة ضدها".
وفي أول رد فعل برلماني، قال عضو البرلمان محمد البلداوي إن مشروع قانون العقوبات الذي طرحه رئيس الجمهورية جاء متأخراً جداً، لأن مجلس النواب الحالي يقترب من نهاية عمره، مع قرب الانتخابات البرلمانية المبكرة، موضحاً في تصريح صحافي أنّ هذا القانون يحتاج إلى وقت طويل من أجل مناقشته ودراسته من قبل اللجان المختصة، وإجراء بعض التعديلات والإضافات عليه، قبل طرحه تحت قبة البرلمان وقراءته.
وأشار إلى أنّ "هذا القانون لن يرى النور خلال الدورة البرلمانية الحالية، خصوصاً أنّ جلسات البرلمان معطلة، بسبب غياب غالبية النواب لانشغالهم بالدعاية الانتخابية".
وتساءل رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، بشأن توقيت طرح قانون جديد للعقوبات. وقال في تغريدة على موقع "تويتر": "اليوم فقط، وبعد 18 سنة، يتم البدء بمشروع قانون عقوبات جديد. كم كانت السلطات والطبقة السياسية السابقة (الديمقراطية) متمسكة بقانون عقوبات دكتاتوري!!".
اليوم فقط وبعد 18 سنة يتم البدء بمشروع قانون عقوبات جديد..!!
— د.احسان الشمري (@Ihssan_Shmary) August 17, 2021
كم كانت السلطات والطبقة السياسية السابقة (الديمقراطية) متمسكة بقانون عقوبات دكتاتوري...!!
ولا يزال العراق يعمل بقانون العقوبات الصادر عام 1969، مع التعديلات التي أجريت عليه من قبل "مجلس قيادة الثورة"، الذي كان يتولى مهمة التشريع وتعديل القوانين في العراق قبل احتلاله من قبل الأميركيين عام 2003.
وأكد عضو نقابة المحامين العراقيين، أحمد عادل، وجود صعوبة كبيرة في تمرير مشروع قانون العقوبات الجديد خلال المدة الباقية من عمر البرلمان، وهي أقل من شهرين، موضحاً لـ "العربي الجديد"، أن القانون الذي سيتضمن عقوبات وإجراءات الردع ضد جميع الأفعال التي تصنَّف على أنها جرائم يجب أن يحظى بقبول شعبي، ورضا من قبل النقابات والجمعيات المعنية. ولفت إلى أن قانون العقوبات لا يمثل قضية سياسية يمكن التوافق عليها، بل يُعدّ أهم تشريع قانوني في البلاد، لارتباطه بحياة العراقيين ومصيرهم.