كشف وزير الدولة المغربي المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان مصطفى الرميد، اليوم الاثنين، عن سبب تراجعه عن استقالته من حكومة سعد الدين العثماني، وهي الاستقالة التي أثارت جدلا داخل حزب "العدالة والتنمية" وخارجه.
وأوضح الرميد، في أول خروج له بعد ثلاثة أيام على تقديمه استقالته من الحكومة لـ"دواع صحية"، أن تراجعه عنها جاء بعد اتصال هاتفي مع العاهل المغربي الملك محمد السادس، عبر فيه عن تمسكه بـ"استمراره في تحمل المسؤولية وأداء الأمانة"، مشيرا إلى أنه لم يكن أمامه "إلا واجب الطاعة وسرعة الاستجابة".
وقال وزير الدولة المغربي، في تدوينة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "يشهد الله أني ما قدمت استقالتي من المهمة الحكومية إلى رئيس الحكومة، راجيا رفعها إلى جلالة الملك، كما يقضي بذلك دستور المملكة، إلا بعد أن أتعبني المرض، وأضناني العمل، بما يكتنفه من صعوبات وما يشوبه من إكراهات. غير أن جلالة الملك حفظه الله، أبى إلا أن يتصل مساء يوم تقديم الاستقالة بكلمات أبوية تفوح بالحنان، وعبارات تشجيعية تتقاطر بندى المواساة، فكانت علاجا كافيا، وبلسما شافيا".
وكان قيادي بارز في حزب "العدالة والتنمية" قد كشف لـ"العربي الجديد"، مساء أول أمس السبت، أن الرميد تراجع عن الاستقالة التي كان قد تقدم بها الجمعة إلى رئيس الحكومة لدواعٍ صحية "جاء بعد تواصل تم بينهما"، بدون ذكر تفاصيل أخرى.
في المقابل، قالت مصادر مقربة من "العدالة والتنمية"، لـ"العربي الجديد"، تعليقاً على تراجع وزير الدولة عن استقالته، إنّ "بقاء الرميد مطلوب من قبل الدولة ورئيس الحكومة، فهما بحاجة إليه، لكن لا أحد يدري إن كان يستطيع صحياً الاستمرار في مهامه، بعد أن أجرى اليوم السبت عملية جراحية جديدة هي الثالثة من نوعها".
من جهة أخرى، أعلن العثماني، في افتتاح أشغال اللجنة الوطنية للحزب التي عقدت مساء السبت الماضي، أنّ "ما أُشيع عن أن استقالة الرميد مرتبطة بقرار زيارة وفد حكومي بقيادة رئيس الحكومة لدولة الاحتلال مجرد كذب وافتراء"، وفق الصفحة الرسمية للحزب.
وكان الرميد قد قال، في نص رسالة الاستقالة التي وجهها إلى رئيس الحكومة: "نظراً لحالتي الصحية، وعدم قدرتي على الاستمرار في تحمل أعباء المسؤوليات المنوطة بي، فإني أقدم لكم استقالتي من العضوية في الحكومة، راجياً رفعها إلى جلالة الملك حفظه الله ورعاه".
وينص الفصل 47 من الدستور المغربي على أنه "لرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة. ولرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة، بناء على استقالتهم، الفردية أو الجماعية".
وكان الوزير والقيادي في حزب "العدالة والتنمية" قد خضع، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لعملية جراحية لاستئصال ورمٍ خبيث بالكلى، تم اكتشافه أثناء تحاليل فيروس كورونا. وقبل أسبوعين، كشفت وسائل إعلام محلية، استناداً إلى مصادر وصفتها بالمطلعة، أن الرميد يعزل نفسه، منذ أسابيع، في بيته، بسبب الحالة النفسية الصعبة التي يمر بها.
وقالت المصادر ذاتها إنّ "عزلة" الوزير المكلف بحقوق الإنسان سببها "عدم رضاه عما تعرفه الحالة الحقوقية في البلاد، خصوصاً في ظل استمرار موجة الاعتقالات السياسية، والتضييق على الحريات".
وأشارت إلى أن "بعض القضايا الحقوقية، ومنها طريقة اعتقال المؤرخ المعطي منجب، ثم الحكم عليه في ملف قديم، وما تعرض له النقيب محمد زيان، من بين القضايا التي أثارت استياء الوزير المكلف بحقوق الإنسان، وجعلته يعزل نفسه في بيته".
ويعتبر الرميد من القيادات البارزة في الحزب الإسلامي، إذ انتخب نائباً برلمانياً لثلاث ولايات متتالية، وترأس فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي) لمدة 10 سنوات، كما تولى رئاسة لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب مرتين، ومنتدى الكرامة لحقوق الإنسان.