السلطات الإسرائيلية تماطل في تسليم جثمان وليد دقّة

09 ابريل 2024
أمضى دقة 38 عاما في الأسر واجه خلالها سلسلة طويلة من الجرائم الطبية (تويتر)
+ الخط -
اظهر الملخص
- حقوقيون فلسطينيون ينددون بتأخير إسرائيل في تسليم جثمان وليد دقة، معتبرين ذلك عقابًا لعائلته ومخالفة للأعراف الدينية والأخلاقية، بعد وفاته بالسرطان إثر 38 عامًا في الأسر.
- المحامون يشددون على غياب المسوغ القانوني لاحتجاز الجثمان، مؤكدين أن هذه السياسة تستهدف سكان القدس والضفة الغربية وغزة، وتعد جزءًا من سياسات العقاب الجماعي والردع.
- منظمة العفو الدولية تطالب بإعادة جثمان دقة لدفنه بكرامة، مشيرة إلى الإهمال الطبي والظروف القاسية التي أدت لوفاته، وتنديد بالسياسات الإسرائيلية تجاه الأسرى الفلسطينيين.

أكد حقوقيون فلسطينيون أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تماطل في تسليم جثمان الأسير وليد دقة، في خطوة تأتي لعقاب ذويه وعائلته وبدون أي مسوغ قانوني لكون الشهيد من مواطني الداخل الفلسطيني. واستشهد دقة يوم الأحد في مستشفى "آساف هروفيه" الإسرائيلي بعد أن أمضى 38 عامًا في الأسر واجه خلالها سلسلة طويلة من الجرائم الطبية، آخرها معاناته مع مرض السرطان في النخاع الشوكي منذ عام 2022.

وقال أسعد دقة، شقيق الشهيد لـ"العربي الجديد": "نحن حالياً في المسار القضائي والقانوني ونأمل أن تأخذ الأمور مجراها. نحن بحاجة شديدة للجثمان. في ديننا وأخلاقنا إكرام الميت دفنه، وهذا المسار الطبيعي لأي شهيد". وأضاف: "التأخير في تسريح جثمانه حتى الآن هو بالتأكيد قرار سياسي بسبب عقلية عنصرية ومريضة تلاحق أبناء شعبنا الأحياء منهم والأموات".

من جانبها، أكدت نادية دقة محامية الأسير لـ"العربي الجديد": "من ناحية قانونية لا يوجد غطاء قانوني لاحتجاز جثمان شهيد من الداخل الفلسطيني. سياسة احتجاز الجثامين متبعة تجاه أهل القدس والضفة الغربية وغزة". وأوضحت أن هناك بندا يعطي صلاحية للشرطة لاحتجاز الجثمان لغرض وضع قيود على الدفن والجنازة "بادعاء الحفاظ على الأمن العام". وتابعت "حاليا لا يوجد قرار رسمي من الشرطة بأنه لن يتم تحرير الجثمان. هم يماطلون في التسليم حتى نتوجه إلى المحكمة التي ستأخذ وقتاً طويلاً".

سيرة سياسية
التحديثات الحية

من جهته، أوضح المحامي علاء محاجنة البعد القضائي لاحتجاز الجثمان، وذكر لـ"العربي الجديد": "لغاية الآن لم يصدر قرار رسمي عن السلطات الاسرائيلية المعنية بخصوص احتجاز جثمان الشهيد وليد دقة. إذاً، عملياً، فإن الشرطة تحتجز الجثمان لغاية اللحظة كأمر واقع، علما أن القضية حساسة جدا نظرا لردة فعل الشارع الفلسطيني وسخطه على ظروف استشهاد وليد دقة".

وتابع المحامي أن احتجاز الجثامين هو جزء من ممارسات وسياسات اسرائيلية هدفها إنزال عقاب جماعي بذوي الشهيد واستمرار إنفاذ العقاب بحق الشهيد حتى بعد الموت، "كما تهدف هذه السياسة لخلق حاله ردع لدى العائلات وأيضا الشارع الفلسطيني بالعموم من أجل الحد من النشاط السياسي ومقاومة سياسات الاحتلال، تماما مثل موضوع هدم بيوت منفذي العمليات". وقال: "باعتقادي موضوع جثمان الشهيد وليد دقة يؤرق الشرطة الاسرائيلية ومن يقف على رأسها، والدليل على ذلك التنكيل الذي حدث أمس بذوي الشهيد والعديد ممن حضر خيمة العزاء في بيته، حيث هدفت إلى ممارسة ضغوطات على العائلة للرضوخ لشروط الشرطة مقابل تسريح الجثمان".

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

ولم يستبعد المحامي أن تقوم الشرطة بالمماطلة لغاية ما تجد أنه التوقيت المناسب لتحرير الجثمان "كما حدث بحالات عديدة أخرى تم فيها ممارسة الضغوطات على ذوي شهداء للرضوخ لشروط الشرطة بخصوص مراسيم الجنازة والمتمثلة بإطلاقه في ساعات متأخرة جدا وتحديد عدد المشاركين بالجنازة". وقال: "تثبت هذه السياسة المنافية لكل القوانين والأعراف الدولية أن الاحتلال الاسرائيلي يمارس سياساته ليس فقط على الأحياء، إنما على الأموات أيضا من خلال التحكم بالجثامين واحتجازها بظروف مهينة لا تليق بحرمة الأموات، وهي سياسة تتفرد بها إسرائيل ولا يوجد لها مثيل في العالم".

من جهته، أوضح المحامي الحقوقي عمر خمايسي مدير مؤسسة ميزان في الناصرة أن إسرائيل تجاوزت الأعراف الأخلاقية قبل القانونية في التعامل الإنساني، "وبالتالي ما قبل تأخير تسريح جثمان الأسير وليد دقة يجب أن نشير أن المسؤولية الكاملة والإهمال الطبي المقصود والممنهج من قبل المؤسسة الإسرائيلية". وأضاف: "هذا انزلاق ما بعده انزلاق آخر. أعتقد أن إسرائيل بتعاملها اللاإنساني وصلت إلى الحضيض في الأخلاقيات التي لا يمكن أن نتكلم عنها في وجود وزير مثل (إيتمار) بن غفير الذي هو الآمر والناهي بمثل هذه الأمور وهذا مؤسف".

ومضى موضحا: "ما بعد 7 أكتوبر أصبح القانون معطلا في قاموس إسرائيل. وأخذ مكانه كل عمل فيه إجراء كيدي. الأشياء التي كانت مفهومة ضمنا أصبحت غير مفهومة ضمنا ما بعد 7 أكتوبر. لا يوجد أي تفسير لتأخير جثمان أسير، هم يتحملون مسؤولية وفاته والآن يستمرون في مثل هذه التصرفات. ليس بالضرورة أن نتوجه للقضاء بمثل هذه الحالات. أصبحنا نتوجه في كل أمر إلى القضاء مع أن الموضوع ليس قضائيا بالأساس".

منظمة العفو الدولية تطالب بإعادة الجثمان

من جانبها، طالبت منظمة العفو الدولية إسرائيل الاثنين بإعادة جثمان الأسير الفلسطيني الذي استشهد الأحد.

وأشارت مديرة البحوث وأنشطة كسب التأييد والسياسات والحملات في منظمّة العفو الدولية إريكا جيفارا روساس: "من المؤلم أن يموت وليد دقة في سجن إسرائيلي رغم الدعوات الكثيرة للإفراج العاجل عنه لأسباب إنسانية بعد تشخيص إصابته بسرطان النخاع العظمي في 2022 وانتهاء مدّة عقوبته الأصلية". وأضافت: "على السلطات الإسرائيلية الآن أن تعيد جثمان وليد دقة إلى عائلته من دون تأخير حتى تتمكّن من دفنه في أجواء سلمية ولائقة والسماح لها برثائه دون خوف".

ولم يرد متحدث باسم مصلحة السجون الإسرائيلية بعد على طلبات للتعليق. وكانت مصلحة السجون قد قالت في وقت سابق إن جميع السجناء لديها محتجزون "وفقاً لأحكام القانون".

سيرة سياسية
التحديثات الحية

وأبرزت المنظمّة أن محكمة إسرائيلية أصدرت حكما على دقة بالسجن المؤبد في 1987 بعد إدانته بقيادة مجموعة اختطفت وقتلت الجندي الإسرائيلي موشيه تمام، وهو ما نفاه دقّة. وقالت المنظمة الحقوقية إن إدانته استندت إلى قوانين الطوارئ في بريطانيا ذات المستوى الأقل من متطلّبات الإثبات مقارنة بالقانون الجنائي الإسرائيلي. 

وذكرت جمعية نادي الأسير الفلسطيني أن دقّة كان من المقرّر إطلاق سراحه العام الماضي بعد انتهاء حكم بسجنه لمدة 37 عاما، لكن حكما قضائيا مدد فترة حبسه عامين إضافيين بتهمة تزويد سجناء آخرين بهواتف محمولة. وأضافت أن دقّة هو السجين السياسي الفلسطيني الرابع عشر الذي استشهد في سجون إسرائيل خلال الأشهر الستة الماضية جراء الممارسات الإسرائيلية التي تشمل التعذيب والإهمال الطبي.

وبعد ورود أنباء عن وفاته أمس الأحد، عبر وزير الأمن الوطني الإسرائيلي إيتمار بن غفير على وسائل التواصل الاجتماعي عن أسفه لأنه لم يواجه عقوبة الإعدام. وأشاد بن غفير اليوم بالشرطة لهدم خيمة عزاء أقيمت في مسقط رأس دقة.

وعانى الأسير وليد دقة (62 عاماً) وهو من باقة الغربية في الداخل المحتل والمعتقل منذ عام 1986، من مرض سرطان النخاع الشوكي، الذي جرى تشخيصه في ديسمبر/ كانون الأول 2022، ومنذ ذلك الحين تدهورت حالته الصحية وخضع لعملية قسطرة واستئصال جزء من الرئة. ونقل في 13 مارس/ آذار إلى مستشفى آساف هروفيه بالرملة، بسبب تدهور حالته الصحية. وكانت إدارة السجون تمنع زيارته منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول. وتعرض دقة لعمليات قمع ونقل متكررة بعد السابع من أكتوبر، كانت من بينها عملية نقله إلى سجن (جلبوع) الذي شهد أبرز عمليات القمع والتّعذيب والتّنكيل، وهو واحد من بين مئات الأسرى المرضى الذين يواجهون جرائم طبيّة ممنهجة بلغت ذروتها بعد السابع من أكتوبر، حيث أدت هذه الجرائم إلى استشهاد 12 أسيرًا ومعتقلًا على الأقل ممن أُعلن عنهم داخل سجون الاحتلال ومعسكراته".

المساهمون