أُفرج اليوم، الثلاثاء، عن الطالب والناشط في الحراك الشعبي الجزائري وليد نقيش، بعد إدانته بستة أشهر سجن استنفدها لكونه قضى 14 شهراً في الإيقاف بتهمة حيازة أوراق تضر بالمصلحة الوطنية، ونفى عنه القضاء جناية التحريض على حمل السلاح والمساس بالوحدة الوطنية.
وأثارت هذه التبرئة والحكم المخفف على الطالب وليد نقيش مفارقة كبيرة بالنظر إلى أن حجم التوقعات كان يشير إلى إمكانية إدانته بأحكام قاسية، على ضوء التماس النائب العام لمحكمة الدار البيضاء في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية الحكم عليه بالمؤبد، بعدما اتهمه، وفق محاضر الضبطية القضائية والتحريات الأمنية، بإقراره بالنشاط ضمن حركة تدعو لانفصال منطقة القبائل (الأمازيغ).
وكشف الطالب وليد نقيش، في جلسة المحاكمة التي امتدت حتى وقت متأخر من الليلة الماضية، أن عناصر جهاز الأمن الداخلي انتزعوا منه هذه الإقرارات بواسطة العنف تحت التعذيب، وأكد أنه تعرض للمس بكرامته ولاعتداء جنسي في مركز المخابرات.
وشدد نقيش على أن لا علاقة له بهذه الحركة مطلقاً، مطالباً هيئة دفاعه بدعوة القضاء لفتح تحقيق في تصريحاته بشأن تعرضه للتعذيب. وقال عضو هيئة الدفاع عن الطالب وليد نقيش، المحامي مصطفى بوشاشي، في تصريح للصحافيين، إن ملف القضية فارغ تماماً من أي دلائل أو وقائع، وأن القضية مبنية كلها على اتهامات لم يستطع القضاء إثباتها.
وأثار الفارق الكبير بين التماس النائب العام المؤبد للطالب، وبين الحكم الذي أصدره القضاء، استغراباً كبيراً، على اعتبار أن كلا من النائب العام والقاضي يستندان في الاتهام أو الحكم للقوانين الجزائية والجنائية نفسها. وكانت مصالح الأمن قد أوقفت الطالب نقيش، الذي يدرس بمعهد علوم البحار، منذ 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، خلال مشاركته في مظاهرة للحراك الشعبي، وتم تسليمه لجهاز الأمن الداخلي (المخابرات).
وفي الفترة التي كان يدير فيها الجهاز الجنرال واسيني بوعزة، الموقوف حالياً في السجن العسكري بتهمة إساءة استغلال الوظيفة ورفض أوامر عسكرية، صدر بيان مثير للرأي العام، زعم أن الأجهزة الأمنية كشفت عن شبكة تتبع لحركة تدعو إلى انفصال منطقة القبائل، ضمنها عنصر موجود في إسرائيل، تسعى لاختراق الحراك الشعبي. وتم الترويج لهذا البيان في الصحف والقنوات الموالية للسلطة على نطاق واسع.
وأظهرت تطورات القضية أخيراً الأمر على أنه كان مجرد محاولة تضليل سياسي قامت به السلطة بناء على معلومات منسوبة تحت التعذيب بهدف تقسيم الحراك الشعبي حينها، خاصة عشية الانتخابات الرئاسية التي جرت بعد ذلك بقليل في 12 ديسمبر/كانون الأول 2019، وفاز بها الرئيس الحالي عبد المجيد تبون.
وقبل هذا الإفراج، كان القضاء الجزائري قد أفرج قبل أيام عن الشاعر والناشط في الحراك الشعبي والرسام وليد كشيدة، فيما يُعتقد أنه محاولة واضحة من السلطة لتهدئة الغضب المتصاعد في الشارع بعد عودة لافتة لمسيرات الحراك الشعبي في عدة ولايات يوم الجمعة الماضي، وتلويح بعض المكونات بالسعي لإعادة المظاهرات السلمية بعد توقف دام عشرة أشهر بسبب كورونا.