وزعت الرئاسة الجزائرية، اليوم الاثنين، مسودة القانون الجديد للانتخابات على الأحزاب السياسية لإبداء موقفها وإثرائه، قبل تقديم المسودة النهائية تمهيداً لإجراء انتخابات محلية ونيابية، كان الرئيس عبد المجيد تبون قد تعهد بتنظيمها خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وللمرة الأولى في تاريخ الانتخابات المحلية والنيابية في الجزائر، ستتولى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تسلم والموافقة أو الرفض المعلل لقوائم المرشحين في هذه الانتخابات، بعد عقود من هيمنة وزارة الداخلية على ذلك.
وينص القانون الانتخابي الجديد على أنّ الهيئة العليا للانتخابات، على المستوى الولائي، هي التي تتولى تسلم قوائم الأحزاب والمرشحين والبت في صحة ترشحهم، كما سمح القانون للقوائم أو المرشحين الذين يتم رفض ترشحهم باللجوء على درجتين إلى المحكمة الإدارية للطعن في قرار هيئة الانتخابات في غضون ثلاثة أيام. وينهي هذا الخيار عهداً سابقاً كانت فيه وزارة الداخلية تتحكم في سير الترشيحات وإقصاء من تريد من دون تقديم مبررات واضحة.
واعتمدت لجنة صياغة القانون الانتخابي العودة إلى نظام الاقتراع النسبي على القائمة المفتوحة، وبتصويت تفضيلي من دون مزج بين القوائم عند انتخاب أعضاء المجالس الشعبية البلدية والولائية أو نواب المجلس الشعبي الوطني.
وينص القانون الجديد على "أن الناخب يختار بمجرد وجوده داخل المعزل قائمة واحدة، ويصوت لصالح مترشح أو أكثر من القائمة نفسها في حدود المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية، على أن يتم توزيع المقاعد المطلوب شغلها بين القوائم بالتناسب أولاً، حسب عدد الأصوات التي تحصلت عليها كل قائمة مع تطبيق قاعدة الباقي الأقوى".
ويشير القانون كذلك إلى أنه "في المقام الثاني يتم توزيع المقاعد التي تحصلت عليها كل قائمة على مرشحيها، بحسب عدد الأصوات التي حصل عليها كل منهم في التصويت واختيارات الناخبين"، ويعني ذلك أن ترتيب الحزب أو المستقلين داخل القائمة، ليس هو من يحدد بالضرورة الفائزين بالمقاعد، إذ يمكن أن يكون أي من المرشحين مرتبا في ذيل القائمة الحزبية، لكنه يمكن أن يفوز بالمقعد بدلاً ممن سبقه في الترتيب في حال حصل على تصويت أفضل.
وينص القانون المقترح على إقصاء كل القوائم التي تحصل على نسبة أدنى من العتبة عند توزيع المقاعد "لا تؤخذ في الحسبان عند توزيع المقاعد القوائم التي لم تحصل على نسبة خمسة في المائة على الأقل من الأصوات المعبر عنها".
وشكلت المسودة صدمة كبيرة لدى الأحزاب الفتية بسبب العتبة الانتخابية، برغم مطالباتها بضرورة إلغائها، إذ يشترط القانون، لقبول قوائم المرشحين في انتخابات البرلمان والمجالس البلدية والمجالس الولائية، أن تتم تزكيتها من حزب سياسي يكون قد فاز بمجموع أصوات تفوق 4% في آخر انتخابات سابقة، أو يكون حائزاً على عشرة منتخبين في المجالس المحلية أو البرلمان. ويتعين على الأحزاب التي لم تتحصل على أي من ذلك والأحزاب الجديدة وقوائم المستقلين، جمع التوقيعات من الناخبين بمعدل 50 توقيعاً مصدقاً عليه لكل مقعد من المقاعد المطروحة للمنافسة الانتخابية.
ونصت مسودة القانون الانتخابي على فرض المناصفة في قوائم المرشحين بين النساء والرجال، ما عدا في البلديات التي يقل عدد سكانها عن 20 ألف نسمة، كما فرضت أن يكون ثلث المرشحين من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة تحت طائلة عدم قبول القائمة، بالنسبة لانتخاب أعضاء المجلس الشعبي الوطني.
لكن أبرز تراجع سجل في القانون الجديد، مقارنة مع تصريحات سابقة لرئيس السلطة العليا للانتخابات محمد شرفي، مسألة فرض الشهادة الجامعية على المترشحين، إذ توصلت لجنة صياغة القانون الانتخابي إلى عدم فرض ذلك، لتجنب جدل سياسي يرتبط بالحق الدستوري لكل مواطن بالترشح للمجالس النيابية.
وكان غياب التكوين العلمي من بين أبرز الأسباب التي شكلت مصدراً لعديد المشاكل ولضعف أداء المنتخبين في المجالس المحلية والنيابية، وحصر القانون الجديد شرط الشهادة في الترشح لمجلس الأمة، والذي يتم انتخاب نصف أعضائه بالاقتراع المغلق بين المنتخبين المحليين فقط، وعلى الترشح لرئاسة الجمهورية فقط. ومنح القانون الجديد السلطة العليا للانتخابات صلاحية معالجة ملفات المترشحين لمنصب رئيس الجمهورية، وتحديد قائمة المرشحين، وإرسالها لاحقاً إلى المحكمة الدستورية للمصادقة عليها.
ونص القانون على جملة من التدابير المتعلقة بتكافؤ الفرص في الدعاية وتمويل الحملات الانتخابية، إذ أتاح تمويل جزء من الحملة الانتخابية للشباب المترشحين، لتشجيعهم على الترشح واقتحام العمل النيابي، كما فرض على المترشحين الإعلان عن كل هبة مالية تتلقاها أية قائمة أو مرشح تفوق ألف دينار جزائري (10 يورو)، في سياق محاربة المال الفاسد وتدخلاته في الشأن السياسي.
كما سيتم تحديد السقف الأعلى لتمويل الحملة الانتخابية، بعد أن تتلقى لجنة صياغة القانون الانتخابي مقترحات بشأنه من الأحزاب السياسية. وتقرر إنشاء جهاز يضم قضاة وخبراء في المالية والمحاسبة، يتبع السلطة العليا للانتخابات، يتولى مراقبة وتدقيق حسابات تمويل الحملات الانتخابية لكل طرف.
وشدد القانون على حظر خطاب الكراهية وكل أشكال التمييز، ومنع أي تدخل للموظفين العموميين لصالح قائمة أو مرشح أو استعمال أدوات الدولة وأماكن العبادة، وشدد على منع التزوير والتلاعب بالأصوات، ونص على عقوبات بالحبس والغرامات المالية للمتورطين في ذلك.