تحدّى عشرات الآلاف من السودانيين، اليوم الأحد، عبوات الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي وإغلاق الطرق والكباري والجسور، ووصلوا إلى محيط القصر الرئاسي بالعاصمة الخرطوم، وذلك للمطالبة بتنحي الجيش عن السلطة وتسليمها للمدنيين، خلال مشاركتهم في مليونية 19 ديسمبر/ كانون الأول.
وانطلق المحتجون من عدة نقاط بالعاصمة السودانية، قبل أن يحتشدوا في شارع القصر الرئاسي، مرددين الهتافات ضد قادة الانقلاب العسكري.
ودقّ المتظاهرون الطبول والدفوف وأشعلوا إطارات السيارات القديمة، ورددوا النشيد الوطني، ثم دخلوا في عمليات كر وفر مع قوات الشرطة، التي أطلقت الغاز المسيل للدموع بكثافة لتفريق المحتجين، قبل أن تنسحب في حدود الثالثة ظهراً بالتوقيت المحلي من محيط القصر.
ووصلت الحشود في نهاية المطاف إلى محيط القصر الجمهوري، قبل أن تعود الشرطة من جديد محملة بكميات جديدة من الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي. وأطلقت الرصاص الحي في الهواء، كما أطلقت زخات من الرصاص المطاطي.
وتدور عمليات كر وفر جديدة في محيط القصر الرئاسي، حيث يعتزم الثوار الاعتصام فيه إلى حين سقوط النظام العسكري.
في الأثناء، قالت لجان المقاومة بالخرطوم إنها رصدت وجود قوة من الدعم السريع بقيادة عسكرية في الجانب الشرقي للقصر الرئاسي، وناشدت اللجان كافة ثوار ولاية الخرطوم بالالتفاف حول المحتجين، وتسيير المواكب من الأحياء صوب القصر لتعزيز الحشود الثورية وكسر الطوق الأمني والوجود مع باقي المحتجين.
وقالت لجان أحياء مدينة الخرطوم بحري إن "مواكب الثوار الموجودة في محيط القصر الرئاسي تتعرض حالياً لهجوم كبير من كل الاتجاهات من قبل قوات الاحتياطي المركزي، وقوات مكافحة الشغب، والدعم السريع".
وأضافت أن "تلك القوات تطلق الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي وتعتدي على الثوار بالضرب".
كذلك أصدر حزب "الأمة القومي" بياناً، قال فيه إن "الجموع الغفيرة التي خرجت اليوم في كل ربوع الوطن تؤكد بجلاء أن الديمقراطية عائدة وراجحة حتماً، وأن عهد الديكتاتورية والانقلابات قد ولّى إلى غير رجعة".
وناشد الحزب من سماهم "شرفاء القوات المسلحة والأجهزة الأخرى" بالعمل على "حماية الجماهير المحتشدة الآن أمام القصر الرئاسي وفي كافة مدن السودان المختلفة". كذلك ناشد المكون العسكري بـ"الاستجابة لتطلعات الشعب المشروعة بتسليم السلطة المدنية للشعب وإعادة المسار الانتقالي الديمقراطي".
وخرج السودانيون، اليوم الأحد، في أكثر من 20 مدينة، بتظاهرات رفضاً للانقلاب العسكري، عبّر خلالها عشرات الآلاف عن رفضهم استمرار الانقلاب العسكري وطالبوا بعودة الحكم المدني.
وقبيل ساعات من انطلاق مليونية "تحرير الخرطوم"، فرضت السلطات السودانية في العاصمة الخرطوم إجراءات أمنية مشددة.
وكانت لجان المقاومة السودانية قد دعت إلى المليونية رفضاً للانقلاب العسكري ولاتفاق رئيس الوزراء عبد الله حمدوك مع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان قبل نحو شهر، ووجدت الدعوة زخماً سياسياً وإعلامياً أكبر من سابقتها، خصوصاً أنها تصادف مرور 3 سنوات على اندلاع الثورة السودانية في عام 2018، التي أطاحت الرئيس السابق عمر البشير.
وتصاعدت وتيرة المواجهات في الخرطوم بوصول مجموعات جديدة من المشاركين في المليونية من مدينتي أم درمان والخرطوم بحري المتاخمتين للعاصمة، الذين أجبروا قوات الجيش على فتح الكباري والجسور، فيما لوح لهم بعض الجنود بعلامات النصر وعانقوهم قبل أن يتوجهوا إلى الخرطوم.
وفي بيان عاجل، دعا تجمع المهنيين السودانيين جميع الثوار للالتحاق بالاعتصام في محيط القصر وإغلاق كل الطرق المؤدية إليه بالمتاريس.
كذلك حثّ التجمع القوات النظامية على الوقوف بجانب المحتجين وردع أي محاولة لضرب التجمع السلمي، مضيفاً أنه "لا عاصم اليوم إلا الانصياع لإرادة وعزم الثورة الظافرة، وإعلان تسليم السلطة كاملة لقوى الثورة".